مقاطعة الحي الحسني تطلق اسم هرم الأغنية الأمازيغية المعاصرة المرحوم عموري مبارك على أحد شوارعها

من الفنانين البارزين الذين أعطوا عصارات حياتهم على شكل كلمات هادفة لشعراء ملتزمين وألحان رائعة وحنجرة موصلة، الفنان الكبير قيد حياته مبارك عموري، الذي غادرنا إلى دار البقاء عن عمر 66 سنة بتاريخ 13/02/2015 تاركا روائعه بلسما لجمهوره تتحدث عن مكانته الغنية.
أتذكر جلستي معه في منزل المرحوم إبراهيم اخياط صيف 1975، تناولنا الفطور، الشاي وزيت العود، ودندن بقيتارته مصدرة لحنا رائعا ألهمني قصيدة رائعة تابرات، الرسالة التي سجلتها مجموعة ءوسمان البرق بقيادة أحد مؤسسيها مبارك عموري طبعة سنة 1977 ، وكان التسجيل في القاعة الأولمبيا بفرنسا، حملتها إحدى الشركات إلى مسقط رأسها المغرب، كان الحصار المادي والمعنوي على الأمازيغية وعبرت الأغنية عن الحصار المفروض على حرية التعبير ظرفذاك.
من أبيات الأغنية المشار إليها:
ءاح ئنوكـــــــــــيغ تابرات ئويني ئجوان
ءورءوفيــغ ءادووريغ ئــــــــــبابا غريناغ
ءاح ئنوكيغ لباز ســـــرميني ئـــــكنوان
ئنكمارن ءوري رين ءانيـــلي غ-وامـــان
ءاح ئنوكيـــغ ءاسلــم سول ئفغ ءامـان
ءورءوفين ءاد وورين ءورتات ئزري يان…
ذاك ما مضمونه:
ويحي أنا رسالة حملتني رياح هوجاء
لا أستطيع العودة إلى والدي ليقرأني
ويحي أنا صقر أتعبني الجو
القناصة لا يريدون أن أحط في التراب
ويحي أنا سمكة قذفتني المياه حية
لا أستطيع العودة إلى البحر قبل أن يراني أحد
توجد القصيدة كاملة في ديوان أسكراف القيود الصادر 1976
كان الفضل للفنان الكبير مبارك عموري في إيصال روائع شعرية محملة بآلام الشعب وآماله بشدته ورخائه، معبرة في نفس عن مأسي الحروب وما تتوق إليه الشعوب من تحقيق السلام بين أبناء البشر، وكما قال الشاعر العربي وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر …
قد نعود إلى الهرم الذي فقدته الكلمة الملتزمة وفقده جمهوره العريض الذي قلنا عنه بكونه مجتمع يقرأ بأذنيه ويكتب بشفتيه…
أتذكر، وأنا ملازم له في إحدى مصحات الحي الحسني لما اشتد عليه المرض، قلت له : طلبت مني إحدى القنوات التلفزيونية أن تجري معك حوارا في سريرك هذا، كان جوابه ما نشرته في جريدتنا هاته في حينه قوله : لا أريد أن أرى لا إذاعة ولا تلفزة، دعني أحاور مرضي ويحاورني، تركناه يعاني في صمت وصبر قل نظيره، قاوم معاناته وبجانبه وزوجته وابنه الصغير عموري سفيان إلى أن لبى نداء خالقه في إحدى مصحات الحي الحسني بتاريخ 13/02/2015 أوصى بأن يدفن في قريته بولعجلات بامنتاكن قرب مدينة تارودانت، وتم تفعيل وصيته، وبتاريخ 15/02/2020 ستتم زيارة مدفنه وسيقام حفل في منزله بمشاركة العديد من أصدقائه وأسرته طبعا، وستنعقد ندوة للتذكير بمكانته لدى جمهوره حيا وميتا مناسبة تذكيري بهذا الهرم.
ما أقدمت عليه مقاطعة الحي الحسني مشكورة من إطلاق اسم امبارك عموري على أحد شوارعها، مبادرة تخبرنا بالملموس بأن وطننا يختزن طاقات وطنية اجتماعية جمعوية كتلكم التي حررت الوطن، طاقات لا تؤمن بالجهوية الضيقة، تؤمن بكون معاناة المواطن المغربي واحدة نتيجة وحدة الدم والدين والمصاهرة وصياغته لتجاربه صياغة متشابهــــــــــــــة، وإن اختلفت القوالب المستعملة للتعبير من أمازيغية وعربية وغيرهما.
مقاطعة الحي الحسني لما قررت إطلاق اسم امبارك عموري كان هذا عن حس وطني إنساني اتخذت القرار بعد اطلاع أعضائها على عطاءاته من بداية مساره الفني بتارودانت، إلى أن سجل آخر شريط له لم يصدر إلا بعد وفاته، نستطيع القول إن الجهة التي قررت ونفذت إطلاق اسم مبارك عموري على شارع من شوارع مقاطعة الحي الحسني بحثت فقط عن رصيده الفني، لم تبحث عن رصيده البنكي، كما يقع في العديد من الجهات. نأمل أن تحذو مقاطعات وأقاليم وجهات أخرى حذو مقاطعة الحي الحسني في الاعتراف بمن منحوا حياتهم لحياتنا في جميع المجالات الثقافية الفنية الإعلامية…
نحن نعلم أن هناك من الفنانين من يتوصلون بأجر شهري نبارك هذا، لكن عموري مبارك الذي ترك أرملة وطفلا صغيرا لا يتوصل بشيء، مع العلم أنها متزوجة الآن وكان الواجب أن يحصل كل فنان بتقاعده حيا وأيتامه ميتا.
مرة أخرى الشكر لمقاطعة الحي الحسني.


الكاتب : محمد مستاوي

  

بتاريخ : 07/02/2020