مقاطعة واسعة للاستفتاء على الدستور الجزائري

 

قاطع الجزائريون، بشكل واسع، عملية التصويت الأحد على تعديل دستوري يفترض أن يؤسس لـ»جزائر جديدة» ويضفي الشرعية على الرئيس عبد المجيد تبون صاحب هذه المبادرة والغائب الأكبر عن هذا اليوم بسبب علاجه في الخارج.
وأغلقت مكاتب التصويت، وعددها 61 ألفا، كما كان مقررا، في الساعة السابعة بالتوقيت المحلي على نسبة مشاركة ضعيفة.
وأعلن رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، أن «نسبة المشاركة الوطنية الخاصة بالاستفتاء على تعديل الدستور على المستوى الوطني هي 23,7 بالمئة»، ما يعادل تصويت 5,5 ملايين ناخب من أصل 23,5 مليون مسجل بالجزائر، دون احتساب نحو 900 ألف ناخب في الخارج.
ونسبة المشاركة التي كانت الرهان الوحيد في الاستفتاء، هي أقل بكثير من النسبة المسجلة في الانتخابات الرئاسية (39,93) التي فاز بها تبون في 12 دجنبر2019 والتي اعتبرت ضعيفة جدا .
وبدا منذ بداية الاستفتاء الاتجاه نحو نسبة مشاركة ضعيفة، إذ أنها انتقلت من 5,8% إلى 13% ثم 18,44% في الساعة الخامسة بعد الزوال، قبل ساعتين من إغلاق مكاتب التصويت.
وبحسب المحلل السياسي حسني عبيدي، المتخصص في شؤون العالم العربي، يواجه تبون «وضعا معقدا « بسبب نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات الرئاسية التي جاءت به.
وقال عبيدي «حتى لو حاول الحصول على الشرعية من خلال صندوق الاقتراع، فإن مساحة المناورة لديه محدودة»، لأن الجيش «تعلم الدروس» من رئاسة عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019) الذي حرر نفسه من وصايته، مشيرا إلى أنه أصبح مرة أخرى «الممسك الحقيقي» بزمام السلطة.
وبالنسبة إلى لويزة آيت حمدوش، أستاذة العلوم السياسية في جامعة الجزائر، فإن الحكم على قوة الحراك سيكون من خلال نسبة الامتناع عن التصويت واستمرار طبيعته السلمية.
وأشارت إلى أن «الاستفتاء لا يمثل أي رهان من حيث التغيير السياسي وتغيير أسلوب الحكم» لكنه «يمثل رهانا كبيرا في ما يتعلق بتوطيد السلطة، بالاعتماد في المقام الأول على نسبة المشاركة».
وكان تبون (74 عاما ) الغائب الأكبر في هذا الاقتراع، بعدما نقل إلى ألمانيا الأربعاء الماضي لإجراء فحوص طبية «متعمقة»، إثر أنباء عن الاشتباه في إصابة محيطين به بكوفيد-19. وأوضحت الرئاسة أن حالته «مستقرة وغير مقلقة».
وانتخبت زوجته فاطمة الزهراء تبون نيابة عنه في الضاحية الغربية للعاصمة.
وأفاد ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن وقوع أعمال شغب وتكسير لصناديق اقتراع ليلة السبت الأحد، في منطقة القبائل المعروفة بعزوفها الانتخابي.
وشهدت بجاية وتيزي وزو، أهم مدينتين في منطقة القبائل، عزوفا شبه تام عن التصويت، بحسب شهود على مواقع التواصل الاجتماعي، وساهم ذلك بشكل كبير في ضعف نسبة المشاركة.
كما ذكرت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، وهي جمعية داعمة للحراك، أن قوات الشرطة أوقفت عددا من الأشخاص في العاصمة وتيزي وزو.
منذ أدائه اليمين رئيسا للبلاد في 19 دجنبر 2019، بعد أسبوع من انتخابات شهدت نسبة امتناع قياسية عن التصويت، تعهد تبون تعديل دستور 1996 من خلال مد يده إلى «الحراك المبارك».
لكن ناشطي الحركة الاحتجاجية رفضوا النص المقترح «شكلا ومضمونا» لأنه لا يمثل سوى «تغيير في الواجهة»، في حين أن الشارع طالب بـ»تغيير النظام»، لذلك دعوا إلى مقاطعة الاستفتاء.
لكن الدستور بتعديلاته الجديدة يحافظ على جوهر النظام الرئاسي، رغم تضمنه سلسلة من الحقوق والحريات لتلبية تطلعات الحراك.
وجرى الاستفتاء في جو من القمع إذ استنكر المعارضون، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان، مشروعا يهدف إلى دفن الحراك بالنسبة للبعض وإلى دسترة العلمانية بالنسبة لآخرين.
وأفاد المحلل عبيدي بأن «السلطة تدرك أن العلاقة مع الشعب مقطوعة إلى الأبد».
وبعد نحو عشرين شهرا على اندلاع الحراك بتظاهرات احتجاجية غير مسبوقة، تشكل الانتخابات اختبارا حقيقيا له، خصوصا بعدما أضعفه القمع اليومي للنشطاء والوقف القسري للتظاهرات بسبب الأزمة الصحية.
من جهة أخرى قررت السلطات إلغاء التصويت في الاستفتاء في أغلبية بلديات تيزي وزو ونقل صناديق الاقتراع إلى مقر الولاية الذي يوجد تحت مراقبة مشددة.
وبحسب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، فإنه من أصل 67 بلدية حيث نظمت عملية التصويت حول تعديل الدستور بولاية تيزي وزو، فإن 4 بلديات فقط فتحت مكاتب التصويت.
وأوضح مندوب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بتيزي وزو، يوسف غابي ، في لقاء صحفي، أن الإغلاق في باقي البلديات يعود لأسباب أمنية، في إشارة إلى اعتراض البلديات الـ67 على عملية التصويت.
وأوضح أن الشروط الأمنية لا تسمح بإجراء عملية التصويت، لذلك قررت اللجان الأمنية للدوائر إغلاق مكاتب التصويت في البلديات التي لم تكتمل فيها الشروط الأمنية، وتجنب، بذلك، الاصطدامات مع الساكنة.
وأضاف مندوب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بتيزي وزو أن 42 مركزا للتصويت فتحت أبوابها، من أصل 697 مركزا بالولاية.
من جهتها، كشفت وسائل إعلام جزائرية، أنه في بعض البلديات تم تخريب صناديق الاقتراع، في حين لم يتم نقلها في بلديات أخرى إلى مراكز التصويت.
وتجدر الإشارة إلى أن أعمال شغب اندلعت، الليلة قبل الماضية، في العديد من بلديات الولاية، حيث تم «إيقاف 7 أشخاص على الأقل ما يزالون رهن الاعتقال».


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي / وكالات

  

بتاريخ : 03/11/2020