ملفهم عمر طويلا دون أن يجد طريقه إلى الحل … أطر الإدارة التربوية يطالبون بالإنصاف العاجل

خاض أطر الإدارة التربوية نضالات ونضالات عقودا وسنوات دون أن تنصفهم الحكومات المتعاقبة، نضال خاضه الرواد تحت عنوان “الكرامة” بما تحمله الكلمة من معاني تضمن ممارسة مهنية مؤطرة بنصوص تنظيمية تحدد هوية أطر الإدارة التربوية، وتؤطر ممارسة مهنة الإدارة بنصوص صريحة تحدد حدود الصلاحيات، وتمنح هامشا من الاستقلالية التدبيرية، القائمة على المشاريع الفعلية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك انسجاما مع التطور الذي عرفه التنظيم الإداري في سياق التدبير اللاممركز الذي نهجته الدولة المغربية وفق الأسس الدستورية المستجدة مع دستور 2011، مطالب تستهدف بالأساس تحقيق أهداف الارتقاء بممارسة المهنة الإدارية بالمؤسسات التعليمية بالأسلاك الثلاثة، بما يحفز على العطاء ويرفع من المردودية.
نضال تحقق جزء من مطالبه دون أن يشمل إنصافا للممارسين المزاولين ما قبل إحداث مسلك الإدارة التربوية، الذين يطلقون عليهم وصفا تبخيسيا “الاسناديون”، الذين كان لهم فضل في ما عرفته المؤسسات التعليمية من تحديث، على مستوى الرقمنة الإدارية، بمسك كل المعطيات، عبر المنظومات المعلومياتية التي استحدثتها الوزارة (مسار – أوسايز – مسير – گريزا…)، وعلى مستوى الأرشفة الإدارية، والتشارك الإداري بإحداث مجالس المؤسسة، وعلى مستوى الشراكات التي تم عقدها مع شركاء من خارج المنظومة، كان لها الأثر الإيجابي ماديا وماليا وتربويا، بكلفة مالية تحملها الشركاء من خارج المنظومة، شملت بالأساس تأهيل فضاءات كثير من المؤسسات التعليمية، لاسيما بالوسط المدرسي، وكان لأطر الإدارة التربوية فضل ذلك بحسهم القيادي الحديث بجعل المؤسسات التعليمية منفتحة على محيطها وعلى كل الشركاء الفاعلين، بالإضافة إلى مساهمة هؤلاء المزاولين في تأطير وتكوين ومواكبة خريجي مسلك الإدارة…وكل خريجي المنظومة من أطر إدارية وتربوية.
بدأت عملية التهميش للمزاولين منذ أحدثت وزارة التربية الوطنية مسلكا للإدارة التربوية سنة 2015، وفتحت المجال على مرشحين جدد، دون أن تخصص للمزاولين أية إشارة تبرز مآلهم، أو تمنحهم حق الأولوية، للاستفادة من الوضع الجديد..، بحكم جاهزيتهم وخبرتهم ومؤهلاتهم، التي راكموها بالتكوين النظري والميداني والذاتي المتوج بنجاح وإقرار، إذ شرعت الوزارة في تكوين أطر جديدة وفرت لهم شروطا غير مسبوقة في التكوين، سنة تكوينية مع تفرغ تام للتكوين دون ممارسة، عكس المزاولين الذي خضعوا للتكوين طبقا لنصوص تنظيمية لعل أبرزها قرار وزير التربية الوطنية رقم 1849.05 الصادر في 08 غشت 2005، وهو القرار الذي خول للناجحين في مبارة التباري على ممارسة مهن الإدارة التربوية (مدير، حارس عام، ناظر، مدير الدراسة، رئيس الأشغال) بتكوين نظري بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين مدته 150 ساعة تتناول 17 مجزوءة، وبالموازاة الخضوع لتكوين ميداني وممارسة مهنية بمؤسسة تدريب تحت مسؤولية المزاول المتدرب، تحت إشراف لجنة إقليمية للمصاحبة، تكوين رصين تم تتويجه في نهاية السنة التكوينية والتدريبية بنجاح وإقرار بحسب نفس القرار الوزيري، أو رسوب لمن حصل على معدل يقل عن 10 على 20.
التذكير بهذا القرار الغاية منه هو أن المزاولين خضعوا لتكوين بعد استحقاقهم للمنصب بالتباري استنادا الى قرار وزيري (رقم: 1849.5 صادر بتاريخ 8 غشت 2005 والمنشور بالجريدة الرسمية رقم 5372 بتاريخ 24 نونبر 2005)، وذلك قبل إحداث مسلك الإدارة التربوية الذي تم إحداثه بمذكرة وزارية سنة 2015.
ظل المزاولون يترقبون إنصافا من الحكومات السابقة بإدماجهم في إطار متصرف تربوي الذي تم إحداثه بالمرسوم 2.18.294، ليجدوا أنفسهم مؤطرين بالمادة الثالثة التي اشترطت لإدماجهم نجاحا في تكوين إضافي، دون أي اعتراف بالقرار الوزيري رقم 1849.05 السالف الذكر.علما أن الوزارة لم تفعل هذه المادة الثالثة التي أحالت تطبيقها على قرار تطبيقي وزيري تطبيقي للمادة، وهو القرار الذي لم يصدر، ولم تطبق المادة الثالثة.
وبعدما تبين للوزارة أن المزاولين تتوفر فيهم كل شروط التكوين المتوفرة في خريجي مسلك الإدارة المحدث سنة 2015، تداركت الأمر ببلاغ رسمي وقعه الوزير السابق وعد بإدماجهم في إطار متصرف تربوي دون شرط التكوين، ليظل هذا البلاغ حبرا على ورق إلى يومنا.
وفي الوقت الذي انتظر هؤلاء المزاولون الوفاء بالتزامات الحكومة بإدماجهم في إطار متصرف تربوي من تاريخ إحداث المسلك، أي سنة 2015، تسربت إلى العلن أن الوعود السابقة تبخرت، وأن الحكومة الحالية بصدد إدماج المزاولين من تاريخ إصدار المرسوم التعديلي المنتظر، تسريبات رفعت من منسوب القلق والاحتقان والإحساس بالغبن، ليعاد زمن التفاوض إلى متاهات الاستشارة والتداول من جديد في مس لمصداقية الحوارات الاجتماعية السابقة، ولمصداقية استمرارية الإدارة، فلا يعقل أن يتواصل استهلاك الزمن التفاوضي على ملف يعتبر الأقدم مظلومية، وتتحمل الحكومات المتعاقبة أخطاءها الإدارية الصرفة في حرمان كل الأفواج المزاولة ما قبل إحداث مسلك الإدارة من حقوقها.
الملف الذي طال أمده يدعو إلى الإسراع في حلحلته، وخلف ضحايا يعانون الأمرين، بعدما تنكرت الحكومات السابقة لهم، وبخست مؤهلاتهم، وكفاءاتهم ومنهم الحاملون لشهادات عليا (الدكتوراه، والماستر، والإجازة، والباكلوريا) زائد دبلومات التكوين بمراكز التكوين.
وتركت ممارستهم لمهنة حساسة ومحورية في وضع الهشاشة، تحت رحمة بعض التعسفات التسلطية والميزاجية. فكل تأجيل للمواعيد التفاوضية يزرع مزيدا من الشكوك، ويرفع من منسوب الاحتقان، ويسائل مصداقية مؤسسة الحوار الاجتماعي.
فالجمعيات المهنية للأطر الإدارية تطالب الوزير المكلف بالقطاع ومعه القطاعات الحكومية، بتسريع طي هذا الملف إنصافا للموارد البشرية الإدارية ورد الاعتبار للضحايا، الذين تحرص النقابات التعليمية ذات التمثيلية على الترافع بكل حس نضالي وطني ومواطناتي. لرد الاعتبار لهم بإدماجهم في إطار متصرف تربوي واحتساب أقدمية إدارية منذ 2015، أسوة بخريجي مسلك الإدارة الذين أنصفهم المرسوم 2.18.294 الصادر سنة 2018، دون أن ينصف من سبقوهم والذين تتوفر فيهم كل الشروط المتوفر في “المسلكين” من تكوين بالمراكز الجهوية وفق المقرر الوزيري الصادر سنة 2005 رقم 05.1849 وهو ما يؤهلهم أيضا للاستفادة من سنتين جزافيتين.
فمن يعرقل ملف الإدارة التربوية لإنصاف المزاولين “الاسناد” والمسلكيين القابعين في السلم 10، بإصدار مرسوم تعديلي للمرسوم الذي صدر مبثورا بشهادة الوزير السابق، الذي أكد على جاهزية المرسوم التعديلي، عبر تصريحات رسمية أمام مؤسسات دستورية، وعبر بلاغات وزيرية وبأجوبة على أسئلة البرلمانيين، فبالرغم من توفر كل الشروط القانونية والمهنية؟ ظل هذا الملف حبيس الرفوف المغلقة…
من في مصلحته استمرار التوتر الاحتجاجي للمتضررين، وسلك كل السبل النضالية التي لا تزال مستمرة بدعم من النقابات، وبانخراط للتنسيق الثلاثي للجمعيات المهنية لأطر الإدارة التربوية؟


الكاتب : فوزي بوزيان

  

بتاريخ : 06/01/2022