منظمة النساء الاتحاديات تترافع من أجل مناهضة استغلال المرأة إعلاميا وتقف إلى جانب النساء الراعيات للأشخاص في وضعية إعاقة

خلال أنشطتها بكل من الرباط، طنجة، الدار البيضاء، مديونة وبرشيد

 

في إطار الأنشطة الإشعاعية والترافعية، التي دأبت منظمة النساء الاتحاديات على عقدها، نظمت منظمة النساء الاتحاديات يوم الخميس 25 أبريل بأوطيل شهرزاد ميركير بالرباط، لقاء حول “الإعلام والنساء.. في حاجة إلى ميثاق قانوني يحمي النساء من الاستغلال الإعلامي”.
افتتحت النقاش وأدارته الأستاذة ايمان الرازي عضوة الكتابة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، التي اعتبرت بأن الندوة المحورية التي تتصدر لمقاربة موضوع في غاية الأهمية: يتعلق ب”الحاجة إلى ميثاق قانوني لحماية المرأة من الاستغلال الإعلامي”. معتبرة أننا نواجه قضية تتجاوز الحدود وتتطلب اهتمامنا الجماعي، لكن تبقى نقطة البدء في معالجتها هي أن تتم مقاربتها انطلاقا من الزمكان المغربي.
هذا وأفصحت ذة. الرازي عن تمتع وسائل الإعلام بقوة هائلة وناعمة في آن واحد، حيث تعمل على تشكيل التصورات ونماذج تمثيل المرأة لذاتها وللآخر ، وفي التأثير على المواقف والتوجهات النسوية والجندرية أو في مقاربة النوع الاجتماعي، وتوجيه الخطاب المجتمعي حول هذه القضايا الشائقة والشائكة. ويأتي رديفا حسب ذة إيمان الرازي، لهذه السطوة الإعلامية في ارتباطها بالمرأة وقضاياها، المسؤولية المؤسساتية والمجتمعية والفردية في صون كرامة وحقوق جميع الأفراد، وخاصة النساء، وعلى وجه أخص أولئك الموجودات في وضعيات صعبة أو وضعيات خاصة من قبيل ضحايا العنف ماديا أو رمزيا، القاصرات، الفتيات في وضعية هشاشة اجتماعية أو وضعية إعاقة وهلم جرا…
ولئن كانت نضالات السواعد والحناجر النسائية، وطنيا وكونيا، قد ساهمت في المنجَز المحترم الذي تحقق على أصعدة عدة، في سبيل إحقاق المساواة بين الجنسين، فإن الوضع النسائي، على الأقل في القطر المغربي، لا يزال موسوما بمواجهة متفاوتة الشراسة مجاليا مع الاستغلال والتشييء في مختلف المنصات الإعلامية، ولعل الشواهد على ذلك من وضع المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لا تعوزنا في هذا المقام.
وتمتد إسقاطات هذا الاستغلال والتشييئ حسب ذات المتدخلة، إلى الوسائط الإعلامية بجيلها التقليدي وكذا الجيل الثاني من الوسائط الاجتماعية، لترتسم على شاكلة صور نمطية، أو روايات مثيرة ومغرقة في الاستيهام المنطوي على حنين ذكوري إلى محكيات شهرزاد في مداراتها لشهريار في ألف ليلة وليلة، أو كتحرش صريح أو ابتزاز مقيت.
ولكي لا تستحيل وسائل الإعلام إلى أداة لتأبيد هذه الصور النمطية، ومن ثم إلى تقويض قدرة المرأة على الإلهام والريادة وصناعة التغيير الممتد من ذاتها إلى الذات الاجتماعية الجماعية التي لا تتحدد بالجنس، فإن وقفة مثل هذه، تروم الفهم والتفسير والتأويل في أفق الأجرأة تفرض نفسها وتكتسب شرعيتها التاريخية والاجتماعية الدالة.
كما دعت ذة. الرازي إلى اعتبار هذه الندوة منصة حاسمة لمعالجة هذه المخاوف الملحة والدعوة إلى التغيير. آملة أن تكون هذه الندوة، إيذانا مدنيا بضرورة إطلاق دينامية خلاقة تتغيا إرساء ميثاق وطني، كإطار مرجعي؛ إطار يحمي حقوق المرأة وكرامتها في المشهد الإعلامي.
هذا وقد اعتبرت ذة. الرازي أن ميثاقا وطنيا من هذا القبيل، لن يحمي النساء من الاستغلال بكل تمظهراته فحسب، بل سيعمل أيضًا على تعزيز التنوع والدمج الاجتماعي بوصفهما سبيلا إلى كرامة كاملة غير منقوصة، ومنطلقا لمناصفة مستحقة لا ممنوحة.
إن روح فكرة التمكين الإعلامي للنساء عبر فتح الباب للأصوات التي تمثلهن أحسن تمثيل وعبر تشذيب الحقل الإعلامي من العوالق التي تشوبه، لهي المدخل الأنسب حسب ذات المتدخلة، إلى دحر موجة التمثيلات الإعلامية الضارة بالمرأة وبالمجتمع، وهي في الآن نفسه السبيل إلى إنتاج الخطاب العام السليم الذي صرنا في أمس العوز إليه.
هذا وقد أكدت ذة. الرازي، على إيماننا العميق بمجتمع تسود فيه المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية، مع تجديد عزمنا الوثيق على سعينا الجماعي إلى خلق بيئة إعلامية تحظى فيها كل امرأة بالاحترام والتقدير بعيدا عن كل ابتزاز او استغلال أو تشهير أو تنميط، وأن لنا اليقين أن ذكاءنا الجماعي كفيل بتحقيق هذه التطلعات التي نعي تماما جسامتها، كما ندرك جسيم المسؤولية التي تطوق أعناقنا من أجل تحصين الأجيال الصاعدة من الفتيات والنساء، خاصة أولئك الموجودات في وضعيات صعبة، في ظل عالم إعلامي ورقمي سريع التحول ومفتوح على كل اللايقنيات.
في نفس السياق، أكدت الأخت الكاتبة الوطنية للمنظمة، في مداخلتها على أننا اليوم نفتح النقاش حول الحاجة إلى ميثاق قانوني يحمي النساء من الاستغلال الإعلامي، ونحن هنا لا نتحدث عن صورة المرأة في الإعلام، ولا عن تساوي الفرص داخل المؤسسات الإعلامية بين النساء والرجال، بل نتحدث عن واقع إعلامي مرير يرصد النساء المغربيات بشكل لا يليق بهن ولا يعكس بصدق صورة النساء المغربيات.
هذا وقد حذرت من بلوغنا اليوم؛ ما وسمته بالمنطقة البرتقالية التي نتواجد بها والتي تخدش صورة النساء المغربيات عموما، وتشير إلى وجود استغلال ممنهج في إنتاج المواد الصحفية، سواء بالقطاع السمعي البصري أو بالإعلام الإلكتروني الرقمي خاصة بعد مراقبة وتتبع ورصد لمجموعة من البرامج والحوارات والأخبار والشهادات والإفادات التي تنتج فيما ما تنتج وبشكل مخدوم؛ أخبارا وبرامج وفقا ل”خدمة النقر” وزيادة المشاهدات، برامج على قيمتها تقدم صورة مزيفة ومشوهة ولا تعكس نهائيا الصورة الحقيقية للنساء المغربيات العاملات والكادحات والناجحات في حياتهن ومساراتهن.
كما رصدت الأخت الكاتبة الوطنية نموذجا لما يروج من أخبار تربط النساء بعوالم الشعوذة وتجارة البغاء والجنس من خلال شهادات وإفادات ليست صادرة عن النساء فقط، بل صادرة عن رجال كذلك من خلال برامج مخدومة مسبقا، برامج خطيرة جدا على التنشئة الأسرية في المغرب وخطيرة على وضعية النساء المغربيات بشكل عام.
فنحن بحاجة اليوم اليوم وأكثر من أي وقت مضى، حسب ذة. حنان رحاب، إلى سن قوانين رادعة، مع التحسيس بخطورة التطبيع مع أي منتوج لا يخدم لا المرأة ولا الأسرة على الإطلاق. لذا لا بد من سن قوانين صارمة تحفظ للمرأة المغربية صورتها التي تعكس روح “تمغربيت”، أي قوانين تضمن الحقوق الإنسانية للنساء كأساس وجوهر لكل ممارسة مهنية حقة. وهذا ما تفرضه الظرفية الإعلامية خاصة أن أمثلة كثيرة تجاوزت الإساءة لصورة المرأة ضمن حيز جغرافي ضيق وحالات فردية، لتروج لصورة مغلوطة للمرأة المغربية التي أصبحت ممنهجة من خلال إنتاج عدد من المواد الإعلامية الباحثة عن الإثارة دون إكتراث لصورة المغرب وسمعة نسائه، لتتجاوز الإساءات ممارسات فردية ومعزولة لبطلات الروتين اليومي وأبطال اللايفات، ما أفرز خطوطا تحريرية تضرب عرض الحائط أخلاقيات المهنة، حيث يتم البحث عن كل ما هو هامشي لجعله ظاهرة عادية تعطي انطباعا سيئا عن صورة البلد، وهي مواد إعلامية تتعمد المعالجة الفضائحية لعدد من الحالات، ما يؤكد أنها “مواد مخدومة” لا تراعي ميثاق أخلاقيات المهنة، واحترام حقوق الإنسان، خاصة الأشخاص في وضعية هشاشة، كالنساء، والأطفال، والأشخاص في وضعية إعاقة، والأقليات، لتكون النتيجة صورة مضخمة وهمية عن انتشار الشعوذة، والتشجيع على امتهان الجنس، واستغلال الشباب للنساء الأكبر سنا، والمشاكل الحميمية بين الأزواج … وغيرها من المواضيع المبنية على إثارة مجانية بدل المعالجة المهنية التي تراعي الجانب النفسي والاجتماعي والتربوي، من خلال اشراك خبراء سوسيولوجيين ونفسيين وقانونيين في تحليل الظواهر ومعالجتها، بدل تقديمها كأسلوب حياة يعكس واقعا مكذوبا للمغرب يستغل إعلاميا من طرف بعض الدول.
في سياق متصل، أكدت أسماء لمراني، نائبة رئيسة الاتحاد التقدمي لنساء المغرب، والإطار السابق بالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، على خطورة الوضع الحالي المتمثل في استغلال الإعلام الرقمي للنساء، من خلال تناول يعتمد الإثارة والمعالجة الإعلامية وفق طابع فضائحي كما وسمته ذات المتدخلة، طمعا في عدد المشاهدات، على حساب صورة المرأة وسمعة المغرب، من خلال استغلال فراغ قانوني يحول دون محاربة استغلال المرأة إعلاميا لأغراض تجارية صرفة، هدفها الأساس هو الربح السريع دون الانتباه لتداعيات هذه الممارسات التي تمس الكيان المغربي برمته وليس فقط النساء المغربيات.
وقد حذرت الأستاذة لمراني في كلمتها، من تداعيات الاستغلال الإعلامي البشع للنساء، داعية إلى مشاركة واسعة للمجتمع المدني والحقوقي للتحسيس بخطورة المضامين السلبية لمئات المواد الإعلامية الرقمية، التي تعكس صورة غير حقيقية للمغرب، ما يفتح الباب أمام المستغلين الذين يعملون على توظيب هذه المواد وجعلها واجهة مشوهة للمغرب، وهو ما يتطلب بحسب المتدخلة ذاتها، حملة تحسيسية واسعة، إلى جانب الاشتغال على كشف الفراغ القانوني الذي يحول دون تخصيص عقوبات زجرية لمئات التجاوزات اليومية في حق النساء المغربيات.
هذا وقد اعتبرت ذات المتدخلة، بأن استغلال النساء في الإعلام، له من الثقل والخطورة ما يجعل منه قضية وطنية، مؤكدة أنه “لا تسامح مع المتاجرة بصورة المرأة إعلاميا”، مضيفة أن أول خطوة للتصدي لهذه الممارسات يكون من خلال إظهار تجاوزات عدد من المواقع الإعلامية، وفضح أخطائها المهنية المرتبطة بتجاوز أخلاقيات المهنة، وعدم احترام حقوق الإنسان، وحقوق النساء، وأحيانا فبركة ملفات ووقائع بحثا عن الإثارة المجانية.
جدير بالذكر أن ذة. لمراني بصفتها أطارا سابقا بالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، دعت كذلك، إلى أن تتبع صورة المرأة في الإعلام ليس بالعمل الهين، حيث يتطلب مجهودات جبارة لحث المشتغلين في الإعلام سواء كانوا منشطين أو صحافيين، على استحضار المعالجة الإعلامية المتزنة في أكثر المواضيع إثارة وحساسية، مشيرة أن الوضع اليوم أصبح أصعب وأعقد في ظل تجاوز الصحافة المكتوبة نحو الاستهلاك البشع للمعلومة على الهاتف الذي يقدم مواد خارج إطار الرقابة، حيث سجلت وجود ما يشبه “المقاربة الإحسانية” عند الحديث عن احترام صورة المرأة في الإعلام، بحيث يغيب الزجر وتحضر التوصيات غير الملزمة التي يسهل على الجميع تجاوزها أو القفز عليها.
وفي الأخير أكدت جل التدخلات خلال الندوة، على ضرورة مواجهة هذا الاستغلال البشع للنساء إعلاميا، من خلال قوانين تجرم الاستغلال الإعلامي للنساء، من خلال مقترحات تضمن في ميثاق أخلاقيات الصحافة، وقانون الصحافة، والقانون الجنائي.. وأن المعركة الحقيقية هي معركة سن قوانين رادعة وأن المقاربة الزجرية هي الحل الأمثل لردع كل من سولت له نفسه الإساءة للمغرب والمغربيات من باب الإعلام.
كما اختارت منظمة النساء الاتحاديات في مدينة طنجة موضوع: ” النساء والتمكين الاقتصادي والاجتماعي ” أطرها كل من محمد غدان، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومحامي بهيئة طنجة ، وسلوى الدمناتي، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ونائبة برلمانية في الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، وثريا الزعيتراوي، مديرة وكالة التنمية الاجتماعية، ومحمد الأحرش، مدير منصة الشباب للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وفتحية السعيدي، الكاتبة العامة لاتحاد العمل النسائي .
واحتضنت دار الشباب الهراويين مديونة، ندوة تحت عنوان ” التمكين الاقتصادي والاجتماعي للأمهات الراعيات للإعاقة ” ،تم فيها طرح أسئلة من قبل، هل ترغبون في الوقوف إلى جانب النساء الراعيات للأشخاص في وضعية إعاقة؟ هل تسعون لتحقيق المساواة والتنمية المستدامة؟ وكيفية تعزيز دور المرأة الراعية وتمكينها في المجتمع. سنستكشف التحديات التي تواجهها ونعمل معًا على وضع الخطط والإجراءات اللازمة لتحقيق تمكينها الاقتصادي والاجتماعي!
كما نظمت في نفس الموضوع ندوة ببرشيد بمقر الحزب حول التمكين الاقتصادي والاجتماعي للأمهات الراعيات للإعاقة .


الكاتب : مراسة خاصة

  

بتاريخ : 29/04/2024