المجلس الأعلى للحسابات يرصد مشاكل التمدرس بالعالم القروي

من بينها عدم ربط المدارس بشبكة الماء والكهرباء والخصاص في المرافق الصحية والولوجيات

 

خلص التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات المنشور برسم سنتي 2019 و 2020 إلى أن حصيلة التمدرس بالعالم القروي تظل دون مستوى التطلعات، رغم التحسن الملموس الذي سجلته، مؤكدا أن تعميم التمدرس والمساواة بين الجنسين بالوسط القروي تم تأمينه تقريبا في السلك الابتدائي، وذلك بفضل الجهود الرامية إلى تشجيع تمدرس الفتيات لكن هذين المكسبين لا يتم المحافظة عليهما بالسلكين الإعدادي والثانوي.
وسجل التقرير أن النسبة الخام للتمدرس بالإعدادي خلال الموسم الدراسي 2018-2019 بلغت حوالي 74.1 % منها 82.4 % بالنسبة للذكور و65.4 %للإناث، مع تسجيل فوارق بين الأكاديميات، مبرزا أن التعميم على المستوى الابتدائي لايزال تعيقه ظاهرة التسجيل المتأخر للتلاميذ.
ووقف تقرير مجلس العدوي عند ارتفاع نسبة الانقطاع عن الدراسة بالوسط القروي رغم المجهودات المبذولة مقارنة مع الوسط الحضري خاصة في السلك الإعدادي الذي سجلت فيه 12.2 في المئة خلال الموسم الدراسي 2019/2020 مقابل 9.3 في المئة بالوسط الحضري، كما لاحظ أن الفتاة بالعالم القروي بدأ أداؤها التعليمي يتحسن تدريجيا حتى أنها أصبحت تتجاوز الفتى في بعض جوانب التمدرس لكن رغم ذلك، يؤكد التقرير، فهذه التطورات لا يمكنها إخفاء المستوى غير الكافي في ما يتعلق بحضور الفتيات في السلك الثانوي بالوسط المعني ملاحظا بأن إيلاء الأهمية لتعميم التمدرس بالعالم القروي لم يوازه تحسن في الجودة التي تحد منها بعض مظاهر الهدر المدرسي، كما أن نتائج التلاميذ في الاختبارات الدولية لتقييم الأداء المدرسي مؤشر واضح على ضعف التمدرس بعالم قروي يعاني من مشاكل عديدة على أكثر من مستوى.
هذا الضعف تم تسجيله بشكل واضح أيضا على مستوى التعليم الأولي بالوسط القروي، الذي تغلب عليه البنيات التقليدية كالكتاتيب، إضافة إلى عدم تحقيق تكافؤ الفرص بين الوسطين القروي والحضري في الاستفادة من الدروس عن بعد واتساع الفوارق بينه وبين التعليم بالوسط الحضري خلال فترة الجائحة، وخاصة في ما يتعلق بالتوفر على الوسائل والأدوات اللازمة، مسجلا ارتفاع نسبة الانقطاع عن الدراسة في مختلف الأسلاك.
وأرجع التقرير ضعف التمدرس بالعالم القروي إلى عوامل عدة منها قلة أو عدم توفر مفتشين تربويين لبعض المواد الرئيسية في الثانوي وضعف تأطيرهم للأساتذة، إضافة إلى نسبة تغيب الأساتذة التي تبلغ ضعف نسبة تغيب نظرائهم بالمجال الحضري. وشدد تقرير المجلس الأعلى للحسابات على أن الإضرابات المتكررة ساهمت في ارتفاع نسبة ضعف التمدرس مع مع ما يعتري عملية ضبط تغيبهم من مكامن نقص.
وتوقف التقرير عند عدة مشاكل يعاني منها التمدرس بالعالم القروي منها ان مدارس عديدة غير مرتبطة بشبكة الماء والكهرباء ولا تتوفر على المرافق الصحية ناهيك عن استمرار استعمال القاعات الدراسية ذات البناء المفكك وخاصة الحجرات التي تحتوي على مادة «l.  amiante « والخصاص في الولوجيات بالنسبة للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى صعوبات وقصور في تأمين الخدمة المتعلقة بتدفئة المؤسسات التعليمية المعنية بذلك، خصوصا في أوقات تساقط الثلج ونقص العتاد الديداكتيكي الخاص بمختبرات الفيزياء-الكيمياء وعلوم الحياة والأرض، الأمر الذي ينعكس سلبا على تدريس المواد التي تحتاج هذا العتاد، مع استمرار ظاهرة الأقسام المتعددة بالعالم القروي وانخفاض تأطير التلاميذ وتوجيههم والمشاكل الإدارية في ما يخص تسيير مؤسسات تعليمية من خلال مدراء بالنيابة.
وبخصوص الجوانب المرتبطة بالدعم الاجتماعي لفائدة التمدرس، لاحظ المجلس أن العرض المرتبط بالسكن المدرسي غير كاف لتلبية جميع طلبات الاستفادة، مما يشكل عائقا أمام مواصلة الدراسة بالوسط القروي، وخاصة في صفوف الفتيات. كما وقف المجلس على الحالة غير الملائمة لمجموعة من المراقد والمرافق الصحية على مستوى بعض الأقسام الداخلية بالوسط القروي، إضافة إلى عدم كفاية العرض الخاص بالداخليات والمطاعم وعدم جودة ظروف النوم والتغذية وعدم استمرارية النقل المدرسي والازدحام في الحافلات الدراسية وحالتها الميكانيكية المتردية وهو ما يدفع بعض فئات التلاميذ إلى الانقطاع عن الدراسة.
وعرج التقرير ليعري ما تعرفه برامج مثل “تيسير” أو “مبادرة مليون محفظة” من اختلالات حيث لوحظت بعض النقائص على مستوى الاستهداف، والتأخر الذي يعرفه صرف الدعم وعدم شموليته، أما برنامج “مليون محفظة” فقد سجل التقرير عدم اكتمال الأطقم الموزعة في إطار المبادرة الملكية ، وعدم كفايتها أو نقص جودة مكوناتها.
ومن بين توصيات المجلس الأعلى للحسابات للنهوض بمستوى التعليم بالعالم القروي والقضاء على الاختلالات التي تعتريه التصدي بحزم لتغيب الأساتذة وكذا التصدي للضعف على المستوى الإداري وتحسين ظروف التمدرس وتوفير اللوجستيك الكافي .
كما أوصى المجلس بضرورة مضاعفة الجهود، بالتعاون مع القطاع الوزاري المكلف بالمالية والجماعات الترابية والفاعلين العموميين المعنيين )السلطات المحلية، المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، …( من أجل توفير اللوجيستيك اللازم قصد تحسين ظروف التمدرس بالوسط القروي، وكذا بضرورة تقوية الدعم الاجتماعي لفائدة التمدرس من خلال تحسين ظروف الإقامة بالداخليات وتعميم المطاعم المدرسية على كل المؤسسات التعليمية بالوسط القروي وتوسيع التغطية بالنقل المدرسي وتحسين جودة هذه الخدمة والحرص على ضمان استدامتها، كما أوصى المجلس بضرورة إعادة النظر في برنامج ”تيسير”، وخاصة من حيث الاستهداف، وتحسين عملية تنزيل المبادرة الملكية ”مليون محفظة”، وأساسا في ما يتعلق بكفاية الأطقم الموزعة واكتمالها وجودة محتوياتها، وذلك في إطار الورش الهام المتعلق بالسجل الاجتماعي الموحد.


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 16/03/2022