من يسعى إلى اغتيال المهدي بن بركة مرة أخرى

في الوقت الذي لاتزال فيه عائلة أيقونة اليسار والنضال» المهدي بن بركة ومناضلو حزب الاتحاد الاشتراكي يناضلون من أجل الكشف عن ظروف اغتياله وإخفاء جثته، تنشر جريدة «الغارديان «البريطانية تحقيقا يتهم فيه كاتبه جان كورا، وهو أستاذ مساعد بجامعة «تشارلز» في براغ، المناضل المهدي بن بركة بالعمالة للمخابرات التشيكوسلوفاكية وجهات أخرى، وهي الاتهامات التي كانت أثيرت أيضا سنة 2007، وكانت حينها جعجعة بدون طحين، وهو ما يؤكد بأن هناك من يعمل ويصر على تشويه صورة المناضل الشهيد الذي لايزال اختطافه وطريقة اغتياله لغزا.
وستكون هناك محاولات أخرى لتشويه التاريخ النضالي الأممي للمهدي بن بركة، وبالتالي تبخيس أسباب اغتياله وجعلها نتيجة لصراع الاستخبارات،عوض تصفية للتخلص من اشتراكي أممي معارض.
وسقط الأستاذ المساعد جان كورا في كثير من التناقضات وهو يسرد الحقائق الذي ادعى أنه اكتشفها، من خلال ملفات المخابرات الروسية، والتي تخص المهدي بن بركة بعدما رفعت عنها السرية.
وقال الأستاذ المساعد بجامعة «تشارلز «في براغ، وهو يصف المهدي بن بركة بعد أن وصفه بالذكي «رغم كل المعلومات التي قدمها «المهدي بن بركة» إلا أن مكتب الاستخبارات التشيكوسلوفاكية، لم يصنفه كعميل، بل عده مجرد جهة اتصال سرية تقدم معلومات».
هذه الحقيقة التي كشفها الأستاذ المساعد المغمور، تعامل معها بشكل مجرد، ولم يؤطرها في سياق تاريخي، كانت تتحكم فيه ظروف المرحلة، حيث كان التعاون مع الدول الاشتراكية ومع الاتحاد السوفياتي، أن ذاك أمرا عاديا، لأن القاسم المشترك بينهم، كان هو العداء للامبريالية ولهذا كيف يكون المهدي بن بركة عميلا للولايات المتحدة الأمريكية ولفرنسا؟
وهنا نتساءل كيف يمكن للشهيد المهدي بن بركة»الذي كان من أصغر الموقعين على وثيقة الاستقلال (24 سنة) ، سنة 1944 أن يكون عميلا لفرنسا، وهي التي سجنته لإسكاته، وإسكات كل المطالبين باستقلال المغرب؟
كيف يمكن أن يكون المهدي بن بركة عميلا لفرنسا، وهي التي كانت نفته من سنة 1951 إلى سنة 1954 إلى الصحراء في جنوب المغرب، ولم يسمح سوى لزوجته بزيارته مرتين في السنة. وهنا لابد من استحضار معاناتها مع السفر في ظل وسائل النقل التي كانت متاحة آنذاك؟
وبخصوص اتهام المناضل الشهيد المهدي بنبركةصرح نجله البشير بن بركة لصحيفة «الاوبسرفر» بأن علاقة والده مع الدول الاشتراكية ودول أخرى متوقعة من أي مناضل انخرط في النضال العالمي ضد الامبريالية والاستعمار، وأكد البشير بن بركة أن الوثائق التي تم تداولها مؤخرا هي وثائق أنتجت وحررت داخل أجهزة المخابرات وقد تكون محرفة أو غير مكتملة.
وفي هذا السياق فقد كان الشهيد المهدي بن بركة يتنقل كثيرا، ليس من أجل الدفاع عن آرائه وكل ما يرتبط بوطنه المغرب، ولكن من أجل مساندة كل قوى التحرر في العالم، وهو ماجعله يلتقي بالكثير من المناضلين الثوريين اليساريين في العالم، بهدف تنظيم مؤتمر قاري في» هافانا «بكوبا سنة 1966، وكان قبلها التقى بالمناضل الثوري «تشي غيفارا» بالجزائر.
ومن الطبيعي أن تكون للشهيد المهدي بن بركة العديد من اللقاءات مع مسؤولين حكوميين وغير حكوميين وديبلوماسيين في الدول الشرقية الشيوعية والاشتراكية، ونظرا للمهام الاستخباراتية التي يقوم بها بعض الديبلوماسيين، فإن بعض كلام المهدي بن بركة كان يستغل كمعلومة سرية أو شيء من هذا القبيل، وكان يكفي إسنادها إليه لكي تثبت مصداقيتها أو سريتها من دون البحث هل هي متداولة أم هي معلومة سرية.
ويرى بعض المدافعين عن الشهيد المهدي بن بركة بأن الأستاذ المساعد جان كورا أقر في تصريحه لصحيفة الغارديان بأنه لم يعثر على أي وثيقة تحتوي على توقيع المهدي بن بركة يقر من خلالها تسلم أموال من المخابرات التشيكوسلوفاكية، كما أنه ليست هناك أية وثيقة خطت بخط المهدي بن بركة.
وإضافة إلى كل هذا فإن الأستاذ المساعد أقر أيضا بأن الحكومة التشيكية غضبت من أحد ديبلوماسييها، الذي سلم المخابرات معلومات مصدرها الاستخبارات الفرنسية،على أساس أنها ذات أهمية قصوى ادعى أنه تسلمها من المهدي بن بركة لكن الحكومة التشيكية اكتشفت بأن المعلومات المقدمة على أساس كونها سرية متاحة للجميع وسبق نشرها.
هذه الواقعة تعطي الدليل أيضا على أن هناك من الديبلوماسيبن والعملاء، في المعسكر الاشتراكي، من كان يريد إضفاء الأهمية على المعلومات التي يقدمها، على أنها من مناضل اشتراكي مرموق مثل المهدي بن بركة لكي يعطي للمعلومات قيمة وأهمية، وهناك من ذهب أبعد، وليتهم بعض العملاء بالاستحواذ على أموال الاستخبارات عن طريق التدليس، ووضع أسماء مناضلين وتوقيعاتهم على التقارير المقدمة والوثائق المحاسباتية.
ويتم في هذا الإطار أيضا وموازاة مع تقرير «الغارديان «تداول 8 وثائق مسربة من أرشيف الاستخبارات التشيكوسلوفاكية، تحمل اسمين شخصيين مع اسم بن بركة مع العلم ان الأستاذ المساعد جان كورا صرح لصحيفة «الغارديان» بأن الوثائق السرية أتلفت.
المضحك في هذه الوثائق إذا ما تم التمعن فيها سيتم الوقوف على أنها تحمل تارة اسم» mehdi ben barka»
وفي وثيقة نقرأ» Ben barka» فقط، أما قمة الفضيحة أن وثيقتين تحملان اسم «Mohmmed ben Barka» فهل يعقل أن يكون» المهدي بن بركة» نسي اسمه الشخصي، كما ان اسم «المهدي» لا يمكن كتابته هكذا Mehd.وهنا نطلب توضيحات من نجله البشير، مع العلم أن الاسم كان يضاف دائما بقلم جاف، مع ملاحظة على أن الوثائق لايمكن أن تكون كتبت بهذه الطريقة في سنة 1960.
ونطلب من المختصين في الطباعة والخط مساعدتنا على تنوير الرأي الوطني، والعالمي.
يذكر بأنه وإلى جانب النفي والسجن، كان الزعيم الاتحادي الشهيدالمهدي بن بركة تعرض لمحاولة اغتيال سنة 1962 قرب بوزنيقة، وخاصة عند قنطرة وادي الشراط السيئة الذكر، عندما دفعت سيارة سوداء من نوع «بوجو « السيارة التي كان يقودها الشهيد إلى الهاوية لكنه نجا وخرج بإصابات على مستوى فقرات العنق، في حين أصيب مرافقه «المهدي العلوي» أيضا بجروح.
وفي سنة 1965، يتم اختطاف المهدي بن بركة من أمام مقهى «ليب» في شارع «سان جيرمان» وسط باريس، وليتم اقتياده إلى إحدى الفيلات، بذريعة أنه سيلتقي شخصية مهمة وبعدها، يتم اغتياله وإخفاء جثته التي لم يتم العثور عليها منذ ذلك التاريخ، رغم كل الشهادات التي كان أدلى بها بعض من شارك في جريمة الاغتيال.


الكاتب : مكتب الرباط -عبد المجيد النبسي

  

بتاريخ : 04/01/2022