مُقعَدُون، مكفوفون، وأشخاص يعانون إعاقات مختلفة عاشوا زلزال الحوز

أصحاب «الاحتياجات الخاصة» في الجبل.. نجاة عجيبة من الموت ومواصلة الحياة في ظروف صعبة

 

لم يكن من الصعب علينا، ونحن نتنقل خلال الجولة التي قامت بها «الاتحاد الاشتراكي» بين عدد من الدواواير المتضررة في إقليم تارودانت، جرّاء الهزة الأرضية التي ضربت إقليم الحوز وتبعاتها، أن نقف على وجه آخر من المعاناة، لم ينتبه إليه البعض، في غمرة التأثر بالحدث وتداعياته، وسط الأخبار والصور التي تم تناقلها عن الضحايا الشهداء وعن المصابين وعن البيوت التي تهاوت والطرقات التي تصدّعت، والمتعلق بالمتضررين من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يُطرح سؤال عريض حول كيف تعاملوا مع الزلزال لحظة وقوعه، وأي إحساس أحسّوا به، ومن ساعدهم وآزرهم وقدّم لهم يد العون، وسعى لإنقاذهم، ومن منهم بقي وحيدا لم ينتبه له أحد، في لحظة تكون فيها الأسبقية في الغالب الأعمّ للذات على حساب الغير، خاصة في مثل هاته الفواجع والكوارث الطبيعية، حين يسود الخوف وتستأسد الفردانية، بما أن الأمر يتعلق بالروح وبالاستمرار في الحياة أو الموت.
مواطنون من أهالي هاته القرى المتضررة، وجدتهم الجريدة وهي تتنقل ميدانيا من دوار لآخر في دواوير من قبيل إكروفلا وتكوخت بجماعة تالكجونت، على سبيل المثال لا الحصر، بعضهم متقدم في السن، يجاوز الستين والسبعين بل وحتى الثمانين من العمر، والبعض الآخر لا يتعدى الأربعين. أشخاص، منهم من هو مصاب بإعاقة ذهنية أرخت بوقعها وظلالها على سائر الجسد، لم يعد قادرا معها على الحركة، ففقد معنى الاستقلالية وأصبح لا غنى له عن مساعدة الغير، ومنهم من لا يستطيع التنقل إلا باستعمال كرسي متحرك، في مسالك ومسارات، هي شاقّة وصعبة على من يتوفر على صحته كاملة غير منقوصة، فبالأحرى من هو مصاب بإعاقة ويعاني على أكثر من مستوى؟
إعاقات، وقفت «الاتحاد الاشتراكي» خلال تواجدها بعدد من الدواوير المتضررة بإقليم تارودانت على حضورها بشكل ملحوظ، تختلف حدتها ودرجتها، كما هو الحال بالنسبة لشخصين كفيفين بدوار واحد، إلى جانب مسنّة مقعدة، وأخرى مصابة بمرض الزهايمر لا تتذكر شيئا، وغيرها كثير من الحالات المرضية المؤلمة، التي تزيد من اتساع رقعة الألم في منطقة تبين على أن الضرر بها ليس وليد اليوم، وإن كان بدرجات مختلفة، لأنه كان حاضرا ما قبل وقوع زلزال الحوز.
أشخاص يعانون من أعطاب صحية متعددة، أكّد أقاربهم وجيرانهم بأنهم نجوا بمعجزة، بالنسبة للدواوير التي سجّلت وفيات، وحتى بالنسبة للأخرى التي لم يسجّل بها ضحايا في الأرواح، لأنها ومع ذلك شهدت تداعيات وانهيارات وسقوطا للأحجار والأتربة، وهو ما كان يمكن أن يشكل تهديدا مباشرا لسلامتهم الجسدية. متضررون يعيشون الألم لسنوات، وسيظل ملازما لهم ما بعد 8 شتنبر 2023، وهو ما يجعلهم في حاجة إلى تدخلات صحية لدعمهم ومواكبتهم وللتخفيف عنهم من آلامهم، ماديا ومعنويا، خاصة وأن مثل هؤلاء الأشخاص باتوا بعد الزلزال ينامون في العراء ويفترشون أفرشة بسيطة، عبارة عن بطانيات أو «بونجات» خفيفة، تجعل أجسادهم الهزيلة التي تبرز عظامها بشكل واضح غير قادرة على تحمل نتوءات الأرض وحجارتها، في حين أن آخرين لا يستطيعون قضاء حاجاتهم الطبيعية بشكل يحترم آدميتهم وكرامتهم.
وضعية ساهم زلزال الحوز بتداعياته المختلفة في تعميق أعطابها وزاد من جروحها ورفع من منسوب آلامها، وهو ما يجعل من عقلنة المساعدات أمرا ضروريا، لأن هناك الكثير من الاحتياجات، العامة منها والخاصة، قد تغيب عن تفكير العديدين ولا يتم استحضارها، والحال أنها تعتبر أولوية بالنسبة لفئات تعاني في صمت على أكثر من مستوى.


الكاتب : تارودانت: وحيد مبارك

  

بتاريخ : 26/09/2023