«نداء ليس مني» لأحمد بنميمون : ارتحالات السرد والشعر نحو تربة الروح

نزل إلى المكتبات للشاعر المغربي أحمد بنميمون، الديوان الورقي الثامن: «نداء ليس مني» عن «إيديسيون بليس»، في طبعة أنيقة متضمنًا 22 قصيدة، يتفاعل بعض شعره فيها مع معطيات اللحظة الراهنة مثل قصيدة (لي بيت في الريف) و(من أكون؟)، وبعضه الآخر مع أسئلة الوجود والروح ورؤى الحياة الواسعة مثل (قصيدة التلاشي) و(لا تقل هذا)، وبعضه الثالث يستبطن الذات ويغوص إلى أعماق الروح مثل قصائد (حيرة العاشق) و(فناء). وقد قدم الناشر للديوان بكلمتين عميقتين على ظهرالغلاف لكل من الشاعر. د. مصطفى الشّْليح والشاعرد. عبد الجبار العلمي. جاء فيهما:
يقول الدكتور مصطفى الشليح تعليقا على قصيدة فناء:

(الشعر الحق،
هكذا يكتب الماهدون الرائدون.

هكذا انبناءُ النص، مدوَّرا، وهكذا السرد يمشي في أثر الشعر، وهكذا الشعر يمد يدًا إلى السرد يأخذه خوفا عليه من روع الطريق؛ وهكذا الإيقاع كامليُّ الإهاب يبذرُ دهشته في تربة الروح لتحيا (الفناء).
أما الشاعر الباحث د. عبد الجبار العلمي فعلق على قصيدة «حيرة العاشق» قائلا:
(لمن يهذي بما يسميه أدونيس «القصيدة الكلية «أي هي «نص» أو «كتابة» لا تتقيد بالأشكال التقليدية للنصوص ولا بالقوانين الفنية ، بل تقيم قطيعة مع التراث، وأن قصيدة النثر هي البديل للأشكال الشعرية الأخرى، أقول: فلنتأمل هذه القصيدة التي تستخدم وزن الوافر الذي يتكرر المد في تفعيلته مفاعلتن، مما يتناغم وجو الألم والمعاناة والشوق والحيرة بين الوصول إلى الحبيب المعشوق المتاق إليه، وبين عدم تحقيق المنى رغم مكابدات الذات الشاعرة في سبيل ذلك (…) إن القصيدة تضج بالموسيقى التي هي من أهم مكونات الشعر، وجماله لا يكتمل إلا بها. فحاجتنا إلى الشعر الذي يطرب ويمتع ويتغلغل بكل مكوناته إلى النفس البشرية يرتفع بها إلى الأعالي السامقة ناشدا قمم الجمال والإبداع الحق الخالد. ما أجمل ما أنهى به الشاعر المبدع أحمد بنميمون رائعته «حيرة العاشق» المتمثل في التساؤل الدال على الحيرة: «هل هي الأزهار ؟»

يسأل طائر+:

«… دفق انطلاق شذى تناديني؟»: إن القصيدة تعتمد الوزن الشعري والقافية الموحدة، مما يؤكد ما نقوله دائما ، وكان يؤمن به بعض أساتذتنا الشعراء وأغلب نقادنا من أن الشعر الحقيقي هو الذي ينبغي أن تتوفر فيه الشعرية بغض النظر عن اعتماده على أي شكل من الأشكال ، فقد نجد الشعر في القصيدة العمودية، ولا نجده في قصيدة تدعي الحداثة والتجريب)..
ومن أجواء هذا الديوان:
فناء
…..
في باب انْشداهة حضْرةٍ، لو كان أشْعَلَ في كلامي وقتَها من نَبضِ وَحْيٍ، ما ضلِلْتُ السير نحو جنون أشواق انطلاقي لا حدود لما يراه القلب بين يديه من نور التي ترويهِ، كان الصوتُ كأسي وهي تجلس جانبي في النور ، لا عينٌ ترانا أو تأخر أن يرفَّ بدون أجنحة الخرافة حولنا ملَكٌ، وهل تلد الملائكُ ؟ عفوَ سيدتي ارتقيتُ بحضرة النور الرفيع إلى سماء ليس في جهدي يدٌ حتى ألامس ما دنا منها ، فذبتُ وكنتِ أرْوَعَ ما أّفضّلُ، تحت سيف الموت، بل أعلَى غواية عاشقٍ في الأرض، من سِحْرِ المنى، كم باتَ يدْعوها.
***


بتاريخ : 10/05/2021