ندوة «الشعر وسؤال القيم» بمراكش: د. زهور كرام: هناك انزياح عن المألوف المتعاقد عليه في ما يخص الإنتاج الرمزي

طرحت ندوة «الشعر وسؤال القيم» التي نظمتها دار الشعر بمراكش ضمن فعاليات مهرجان الشعر المغربي في دورته الثالثة (من 29 الى 31 أكتوبر المنصرم)، مجموعة من الأسئلة المرتبطة بوظيفة الشعر والشاعر اليوم في خضم مرحلة تتسم بسرعة التحولات، وتَخَلُّق قيم جديدة أفرزتها العولمة وملحقاتها.
الندوة التي شارك فيها الأساتذة محمد أبو العلا، بوزيد لغلا والناقدة زهور كرام، أجمع خلالها المشاركون على أن الشاعر منذور دوما لمعانقة الأفق الإنساني والمطلق، والوجع الذاتي والعام في تجربته الشعرية غير المنزاحة عن تمثل قيم الجمال والخير والمحبة.

اعتبرت الأكاديمية والناقدة زهور كرام أن سؤال «الشعر والقيم» اليوم يستمد راهنيته من كون الشعر هو المعبر عن رسائل يسهل تمثلها من طرف المتلقي، مادام يشتعل بالتخييل ويخاطب العقول والعواطف.
وأشارت زهور كرام، وهي تتناول موضوع «الشعر وسؤال القيم»،)، إلى أننا نعيش لحظة فارقة اليوم في يتعلق بمنظومة القيم المحلية والكونية، لكن الشعر أثبت في كل الأزمات أنه قادر لوحده على الصمود والمقاومة لأنه زمن كل الأزمان، وليس مرتبطا بلحظة أزمة، داحضة بذلك دفوعات كل القائلين بانتهاء أن زمن الشعر وأن الكلمة اليوم للرواية.
إن اختيار الموضوع، تقول د. زهور كرام، يؤكد أننا اليوم أمام تحد كبير يتمثل في التفكير في العلاقة القائمة بين الشعر والقيم. فالمعرفة اليوم تواجه تحديا كبيرا، وكذلك الذات المفكرة التي عليها تحيين مرجعياتها وإعادة ترتيب أولوياتها كذات منتجة للمعرفة في زمن متسارع التحولات.
هذه التحولات التي تشعر***** مجتمعاتنا، دفعت الباحثة زهور كرام إلى القول بأننا كذوات مفكرة بالمعرفة وفي المعرفة، لم نعد في وضعية الأمان، لأننا انتقلنا اليوم إلى مرحلة مختلفة تتميز بمراجعه المفاهيم التي أصبحت لها دلالات جديدة، مشيرة إلى أن عدم الخوض في هذا التحدي الجديد، يجعل الذات المفكرة تنتج خطابا لا ينتمي إلى المرحلة، بل خطابا منسلخا ومعزولا عن الواقع ومعطياته لأن التحليل يتم بأدوات قديمة.
وانطلاقا من هذه الخلاصة، فكل معرفة يجب أن تجدد ذاتها في طريقة التفكير للانتماء إلى مرحلتها، مع ضرورة إعادة النظر في الأسئلة وفي صياغتها.
إن البشرية في زمن التحولات السريعة تطرح إلى جانب تسويقها للمنتجات المادية، قيما جديدة، اعتبرتها الناقدة تعاقدات مست الجوانب الاجتماعية، الثقافية، وهي قيم بتنا نمارسها وتشكلنا كذوات جديدة في نفس الآن، أي أننا نحتاج إلى تمثلات جديدة نحونا.
في هذا الإطار أثارت زهور كرام إلى أننا بدأنا نستشعر أن هناك انزياحا عن المألوف المتعاقد عليه في ما يخص الإنتاج الرمزي مع الواقع، وهذا الأمر لا ينسحب على علاقة القيم بالشعر فقط، بل يمتد إلى علاقتها بالأدب في مجمل تعابيره.
إن التحولات المتسارعة التي بتنا نعيش على إيقاعها اليوم، وما تحمله في طياتها من قيم جديدة خاصة في مجال الأدب، لا يمكن أن تنسينا ما تمارسه هذه الحوامل من تهديد للغة في كينونتها، خاصة في شق اللغة الشعرية الأولى التي يتم اليوم تجاوزها، بل ومزاحمتها من طرف لغة قادمة من عالم الرقميات، لكن السؤال الذي يمكن أن يثار في هذا السياق هو: أي شعر باستطاعته تمثل هذه القيم الموجودة، أو التي هي في مرحلة التشكل؟
وبصيغة أخرى فإن الموضوع يطرح مسألة الانتقال من السؤال الشعري إلى قيم المجتمع اليوم، وكيف نفكر في قيم هي طور التشكل، لأننا نعيش تحولات تتمثل في:
1- عصر الرقيمات الذي يدمجنا في حالة تغيير بسرعة.
2- جائحة كورونا التي تعمل على تشكيلنا وفق منظومة قيم جديدة.
أمام هذه المعطيات، هل سيغير الشعر منطقه، أهدافه، إيقاعه، أشكاله ووظيفته؟ هل سيظل الشاعر حارسا للقيم، أم أن وظيفته هي الاشتغال على التجربة الشعرية من جوانيتها، والانشغال بتوسيع مساحات المعنى الجمالي في مايكتبه متكئا على جغرافيات معرفية تسند تجربته وتعمقها بالانخراط في السؤال المعرفي الذي منه يكتب وتنكتب قصيدته.
ترى الناقدة زهور كرام أن سؤال القيم لا ينبغي أن ينحصر في الكتابة الشعرية لأن الشاعر في اللحظة الإبداعية معني بالإبداع فقط، لكن المسؤولية اليوم هي على عاتق قراء الشعرية والبنى التأويلية في مقاربة ما يكتب اليوم، والتي تبنى خارج القصيدة.


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 03/11/2021