نزع ملكية 3 عقارات جزائرية بالرباط لأجل المنفعة العامة يثير جنون حكام الجزائر

الهدف من القرار توسيع مبان إدارية لفائدة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي

الخارجية الجزائرية تصف القرار بـ «مشروع مُصادرة ممتلكات سفارة الدولة الجزائرية»

الخبراء يعتبرون أن القرار قانوني ويستجيب للاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقية فيينا

 

اتخذت السلطات المغربية قرارا بنزع ملكية 6 عقارات وأراض بمدينة الرباط، من بينها 3 عقارات تعود ملكيتها إلى الجزائر، وذلك من أجل المنفعة العامة التي تقضي بـ»توسعة مبان إدارية لفائدة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بجماعة الرباط»، وفق ما جاء في المرسوم الذي نشرته الحكومة المغربية في العدد الأخير من الجريدة الرسمية رقم 5811، الصادر بتاريخ 13 مارس الجاري، والذي يخص نزع ملكية العقارات اللازمة.
ويشمل القرار نزع ملكية العقارات اللازمة لهذا الغرض، وهي ستة عقارات، ثلاثة منها مملوكة للجزائر. ويتعلق الأمر بالعقار المسمى «كباليا» موضوع الرسم العقاري 9320/ ر، مساحته 619 مترا مربعا، والعقار المسمى «زانزي» موضوع الرسم العقاري 6375/ ر، مساحته 630 مترا مربعا، ويشمل دارا للسكن من طابقين ومكاتب بالطابق الأرضي ومرافق، بالإضافة إلى عقار يدعى «فيلا دي سولاي لوفون» موضوع الرسم العقاري 300/ر، ويضم فيلا من طابق بها مرافق.
وأكد المرسوم أنه في أجل شهرين، ابتداء من نشر مشروع المرسوم بالجريدة الرسمية في نشرة الإعلانات القانونية والقضائية والإدارية، سيوضع الملف وكذا «دفتر معد لتلقي ملاحظات وتصريحات المعنيين بالأمر رهن إشارة العموم بمكاتب جماعة الرباط ساعات بعد افتتاح تلك المكاتب».
القرار المغربي أثار حفيظة حكام الجزائر الذين لم يفوتوا الفرصة للتعبير عن سلوكهم الاستفزازي المؤبد، والإمعان عن أحقادهم التاريخية المألوفة بعبارات شرسة تخالف الأعراف الديبلوماسية كالمعتاد، حيث أدانت الخارجية الجزائرية القرار ووصفته بـ»مشروع مُصادرة ممتلكات سفارة الدولة الجزائرية» بالمغرب.
ووفق بيان نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، أكدت الحكومة الجزائرية أنها «سترد على هذه الاستفزازات بكل الوسائل التي تراها مناسبة، كما سيتم اللجوء إلى كل السبل والوسائل القانونية المتاحة، سيما في إطار الأمم المتحدة من أجل ضمان احترام مصالحها».
غير أن ما تناسته الخارجية الجزائرية حسب مجموعة من المراقبين وخبراء القانون الدولي، أن القرار المغربي تم في إطار «نزع الملكية لأجل المنفعة العامة»؛ وهو إجراء- يقول هؤلاء- يدخل في إطار قانون نزع الملكية، الذي يتم تفعيله في جميع الدول بما فيه الجزائر نفسها، ثم إن القانون المغربي رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، يعتبر من بين القوانين الدولية المتقدمة، والتي تحترم مبدأ التدرج والتسلسل الهرمي للقوانين وضمنها احترام القوانين والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، ومنها اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تحدث عنها بلاغ العسكر الجزائري. وللإشارة فإن هذه الاتفاقية وإن كانت تقر بواجب احترام وحصانة مقرات التمثيليات الدبلوماسية للدول، إلا أنها لا تمانع في نزع ملكية العقارات التابعة لهذه التمثيليات، في حالات معينة وضمنها المنفعة العامة، وهو ما يسري على عقارات الجزائر التي أعلن المغرب نزعها بالرباط. بل إن قيام الدولة بإعلان نزع الملكية تتجلى قانونيته في خضوعه للقانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة، والذي يمنح للمنزوع ملكيته تعويضا مناسبا إداريا أو قضائيا.
ويذهب الخبراء إلى أن حرمة المباني القنصلية ثابتة، لكنها محدودة في «الجزء المخصص لأعمال القنصلية الذي يمنع على سلطات الدولة الموفد إليها دخوله إلا بإذن من رئيس البعثة القنصلية أو من ينيبه». وهو ما يعني أن القرار المغربي قانوني، ولا يمثل أي «انتهاك لحرمة وواجب حماية الممثليات الدبلوماسية للدول السيدة، وهي الالتزامات التي يكرسها القانون والعرف الدوليان»، وفق ما حمله بلاغ الخارجية الجزائرية.
إن ما تجاهلته السلطات الجزائرية هو أن المغرب دولة ذات سيادة وقراراتها مبنية على القانون، كما أن مسطرة نزع الملكية فيها مسنودة إلى قوانين تخول لكل متضرر اللجوء إلى القضاء الإداري، من أجل الطعن في القيمة المحددة للعقارات المنزوعة المبنية منها والعارية. بل إن القضاء الإداري يتحرى، في كل نازلة تتعلق بنزع الملكية، فتجرى خبرة لتحديد قيمة العقار، ثم يصدر حكما قضائيا باسم جلالة الملك وطبقا للقانون، وعقب ذلك، ينفذ الحكم وهو ما طال مجموع العقارات الجزائرية الثلاث البالغة مساحتها 1740 مترا مربعا.
وحسب مصادر قريبة من الخارجية المغربية، فإن المغرب حاول، قبل تنفيذ مسطرة نزع الملكية، تعويض الجزائر عن العقارات الثلاثة، والتي كانت أصلا عبارة عن هدية من المغرب، بعقارات أخرى مع اقتراح بشرائها، لكن الجزائر رفضت، الأمر الذي أفضى إلى اللجوء لنزع الملكية، وبقوة القانون، وهذا ما لم يحمله أو يشر إليه بلاغ الخارجية الجزائرية.


بتاريخ : 19/03/2024