نعيمة سميع والدراجي: جاري يا جاري 

 

الجار عمارة الدار، لا يفرق بين الجار والجار إلا الجدار، جدار حاجز أحجار، يا من تلاقينا به طرق جمة كلها قناطر، تبقي الماء جار عبر أنبوب التواصل يوطد الوصال، لأني وأنك لي ولك جار.
في الغابر كان الجار، ومن النادر أن يغفو عن مصالح الجار لأنه جار ومجرور بالحب والعاطفة ومسلح بموانع العاصفة، المشاكل بين الصغار تحل بالمهل. الجار هو الجار لو يكون في السابع، بقلب واسع يسكن فيه الحب حين تلاقي جار أهل لذلك، لأن المثل يقول: “الجار قبل الدار”، لما تريد أن تكتري أو تشتري دار، دائما الجار يؤخذ بعين الاعتبار وإلا تكتوى بالحقد أو النار.
قد ينال منك جار جبار يوقد بدون حذر النار ناسيا إن احترقت الدار في العمارة معناه القصد دارك أيضا يا جار. وإن ساد التفاهم والتعايش والتسامح لن يصدق من قال: ” قم وافعل مثل جارك وإلا حول باب دارك”.
مضطر أن تسند جدار محتال يدعي أنه جار، الجغرافيا تجمعنا ترابا وبحارا، وببيته طغمة أشرارا، يقايضون الفضائل أوزارا، شعارهم أرض محروقة بلا ثمار، تشتت الجمع وتحزن الأنصار. نحن كذلك نفهم لغة الإشارة، الكتاب مفتوح بدون أسرار، ولا نريد لأحد الأضرار. والاستقرار معادلة خيار وقرار، ومن يعرض غير ذلك تحمل شراسة الثوار، نحفظ الود والثكنة للعساكر، ومن لبس قناع التنكر، أصابه مس وتاه عقله عن التذكر، عقابه صد ما يصبو إليه ومآله الفرار، لأننا جيران نكره النار. أما إن ابتليت بجار سيئ، يشاركك المنطقة، ويقاسمك العديد من الخدمات منها الدم والماء والتراب. جار يغار من نظافة هواء دار الجار، وزينتها وزخرفتها ومسالكها، وتعاملها مع بقية الجيرة، ينازعك ما تملكه، حب الجوار، والقناعة مع حسن التدبير، تصرفه يفهمه مختص بعلة الدوار بمعني لديه خلل في جهاز التوازن.
الأسرة وسط الدار في تعاضد وتلاحم، رغم إشاعة الكذب والافتراء عن الجار في أخبار المواقع، يقلب ويفتش عن المواجع، قول مكرور، يدحض بالتاريخ والمراجع والواقع، وكلنا له بالمرصاد لتكسير الحصار، ولك نظر ولنا مثله ومنظار. الجار العليل يخشى الحقيقة، لي اليقين لا يستطيع أن ينام دقيقة، يتوجع ولن يستجاب له وإن تضرع، يتلصص ويحرض زبانيته بحفنة بترول خلسة في خدمة لقيطة. أما فلذات كبدهم الأبرار، لا ضير أن تلحقهم الأضرار.
كفى، للصبر حدود، والدار دارنا بكل ما بداخلها موجود، سماؤها وباطنها. يا جار المكائد، لا عليك نرصد جميع المصائد، لا داعي، يا صاحب اللسان السيئ الذوق بالفصيح أو الدراجي استضفناك لما (طلعوك برا) طردوك، (لله يطيح خبزنا في ركابيك)، أتظن يا جار أنك في عداد من قال عنهم الرسول (ص): ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره “.
أتذكر دائما، زنقتنا بأبوابها المتقاربة والكثيرة، أغلبها لا يغلق، يلعب ويمرح الأطفال جميعهم، ويصرخون، ويتنابزون، ومن صادف باب داره مغلقا لدواعي الأسرة خارج الدار، مرحب به عند الجار، الجار عون يساهم في التربية والرقي، يجبر الخواطر ويحفظ الاسرار. بجانبك دوما في السر والضر، لا يشمت، يرد السلام لليد الممدودة. وأما التصعيد لا ينفع يا جبان، يا رعديد، صامدون هنا، ومن داره من زجاج لا يقذف جاره بالأحجار (الزمان دوار وغدار).
هرق الدم وتمت عملية المزج عبر الذود عن الدار لمن يتذكر ولنا فيها عبر، ومن باب النسب الذي صار بين الأخيار، واشتركنا الطعام والملح والحب والثقة بلسم الجرح. ” وزعما يا جاري راك عارف فاهم قاري (محال) – اش هذا الغلط يا الخاوة – راجع لحساب”، ومن يراعي أيام الافتخار حيث تقاسمنا الفشل والانتصار.
لن تحلم قط ،أن تلهو أو تلعب أنت يا جار السوء وأذنابك في ممر الحديقة  الغراء التي أصونها وأحفظها لبناتي وأبنائي الأعزاء، ومورثة  جيل لجيل، ولن تسبح في بحر الظلمات أي المحيط ، عفوا المسبح، ببساطة، يحيطها سياج وحماة، إياك وإياك ، ” يا جاري لا تحسبني ضعيف -_قادر نحمي نفدي الدار _لكن أصلي وطبعي شريف – ونفضل نمشي بالنهار “، أعيد بصوت عال القضية حسمت، واقتلع المسمار ولا ندري أين سيحط لما طار، قد يرسو بالجوار، لن تحلم قط ،أن تنعم بالوهم، داري احميك بالروح والدم، كفاك الدمية بجوارك، مارس معها ما تريد وتبغض، ولن تبارحك ، يصعب الخلاص منها ، لأنك يا جاري أدمنت، وفقدت العقل والصواب، اصرخ واكذب لن يثق بك أبناؤك الذين هم في حاجة الى الماء والحليب، والى نقاء الهواء الملوث، ليس بالانحباس الحراري بل بالحبس الاضطراري، فبالأحرى يثق بك باقي الجيران القريبون، والبعيدون من الأجوار. ” أرضي أرض الخير كولها (قولها) -_بالصوت العالي ولا تخاف ” نعم أنت أعنيك، ونعيدها مرارا وتكرارا: ” جاري يا جاري ياللي _دارك حدا داري _خلينا نمشيو فالطريق رفاكة وصحاب – العشرة والدين والنسب”.   كلمة طيبة ومعالجة لأي معتوه عند الجار، ولحن الموسيقى انتعاش للذاكرة عبر الأثير ومع التطور التكنولوجي نبعثها عبر التواصل الاجتماعي. منتهى العذوبة يا أهل الآذان الصاغية ولحن عذب ينساب الى جوانح القادر على الاستيعاب والراشد المميز بعقل وتبصر، وبصوت ناعم ورخيم ومتسامح وبحة فريدة، جاري يا جاري كلمات احمد الطيب لعلج والحان عبد القادر الراشدي، أدتها وبرعت من خلالها نعيمة سميح.
أغنية مفعولها جار ومعاصر مهداة الى كل الأجوار. رسالة دون تشفير، واضحة، لا داعي ان تبحث بين السطور، قادمة من الغابر، تساير العصر وتزلزل الذاكرة الرمادية للعابر والقار، وان لم تتذكر، فأحيانا الفائدة في التكرار، وإياك أعني يا جاري ياللي دارك حدا داري.


الكاتب : محمد الشاوي 

  

بتاريخ : 04/09/2021

أخبار مرتبطة

لا يسعنا في هذا المقام، سوى الوقوف، إجلالا، لكل من مر في الصحافة الاتحادية ومن ما زال يحمل المشعل ،

  استهل اليوم الثاني لمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة، أي صبيحة يوم الأحد 12 ماي 2024 بندوة محورية تحت عنوان

كشف الصحفي محمد الشنتوف ،عن تعرضه يوم السبت 11 ماي 2024، على الساعة الثانية عشرة زولا لاعتداء وتعنيف، و “ثني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *