نقاد يقاربون «الصورة.. تقاطعات الشعري والسينمائي» وشعراء يكتبون ديوان «ضفاف شعرية بزاكورة

اختارت دار الشعر بمراكش، ضمن برمجتها الشعرية للموسم الجديد وانفتاحها على باقي الجهات الست في جنوبنا المغربي، أن تنظم تظاهرة شعرية ونقدية في كل من مدنيتي ورزازات وزاكورة، بتنسيق مع المديرية الجهوية للثقافة درعة تافيلالت، وذلك يومي (26 و27 نونبر 2021). واحتضن فضاء قصبة تاوريرت التاريخي (يرجع بنائها الى القرن 17 الميلادي) بقاعة مركز صيانة وتوظيف التراث المعماري بورزازات، المدينة التي تعتبر استوديوها سينمائيا عالميا ألهم كبار السينمائيين العالميين، ندوة وطنية (الجمعة 26 نونبر)، قاربت «نسق الصورة بين تقاطعات الشعري والسينمائي»، وشهدت مشاركة النقاد حميد اتباتو وفاطمة الزهراء الوعرابي ونورالدين بوخصيبي. فيما احتضن المركز الثقافي بزاكورة، السبت 27 نونبر فقرة «ضفاف شعرية»، ديوانا مصغرا خط قصائده الشعراء: محمد النعمة بيروك وفدوى الزياني ومصطفى الشيخ، وأحيت حفله الفني الفرقة الموسيقية «إيزوران» (الجذور)، أحد أشهر الفرق الفنية بالجنوب الشرقي.

«الصورة: تقاطعات الشعري والسينمائي

ضمن فقرة ندوات، والتي حرصت دار الشعر بمراكش أن تستقصي من خلالها قضايا وأسئلة تتعلق براهن الخطاب الشعري وتعالقات الشعري والجمالي، ابتداء من الترجمة الى مسرحة القصيدة انتهاء بالفلسفة والشعر، اختارت الدار أن تنتظم ندوة «الصورة: تقاطعات الشعري والسينمائي» بمدينة ورزازات .نموذج لهذا التقاطع بين شعرية المكان، وسحر الجغرافيا واستطيقا الأمكنة والبعد البصري الجمالي، والذي ألهم العديد من الشعراء والفنانين كي يتركوا روائعهم للإنسانية.
بقاعة مركز صيانة وتوظيف التراث المعماري بورزازات، من داخل فضاء قصبة تاوريرت، أكد الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، أن «هذه التظاهرة الشعرية والنقدية، والتي تنظم تحت إشراف وزارة الشباب والثقافة والتواصل وبتنسيق مع المديرية الجهوية لدرعة وتافيلالت، تأتي في سياق انفتاح الدار على باقي جهات المملكة، وأيضا في سياق ترسيخ تداول الشعر بين جمهوره، ضمن استراتيجية تلامس قضايا الشعر المغربي وحواريته مع الفنون وأيضا الانفتاح على شجرة الشعر المغربي وتجاربه وحساسياته في مختلف جهات الجنوب».
ندوة «الصورة.. تقاطعات الشعري والسينمائي»، والتي تستجيب لراهن ما تطرحه بعض الأسئلة المرتبطة بالنقد الشعري والسينمائي. إن هذا «الوعي الحاد»، بتعبير إبشتاين، الذي تخلقه الصورة السينمائية هو امتياز الشعر، غير أننا هنا نتقصى «نرفال» وهو يطالبنا بأن نبحث عن الشعر الهارب من القصيدة، حيث نستطيع أن نجده هنا في الصورة السينمائية. إن ما تخلقه الصور، ضمن تقاطعات الشعري والسينمائي، هي الشكل الأرقى لنبوءة أبولينر.. أن تكون السينما الروح الجديدة للشعر».
وهكذا، اتجهت مداخلات النقاد حميد تباتو وفاطمة الزهراء الوعرابي ونورالدين بوخصيبي، الى محاولة تلمس هذه العلاقة بين «أنساق الصورة» في «تقاطعات الشعري والسينمائي». الناقد والمترجم نورالدين بوخصيبي، والذي خبر عن قرب من خلال النوادي السينمائية والتأطير والترجمة والتأليف «خبايا وأسرار الصورة»، بلور مفهوم «المتاهة»، ضمن علاقة تطرح الكثير من التباسات التفكير. ومن خلال جرد لبعض تنظيرات التجارب الشعرية والسينمائية، سواء من خلال سؤال الماهية، أو بعضا من الأفلام والاتجاهات الجمالية، والتي حاولت ترسيخ واستقصاء هذه العلاقة المركبة بين الشعري والسينمائي، كما توقف عند التقاطعات الممكنة من خلال تجارب (تاركوفسكي وآخرون).
الطالبة الباحثة فاطمة الزهراء الوعرابي، وضمن سعيها الحثيث الى إيجاد نقط التقاطع والحوار الممكن بين نسقين تعبيريين، اختارت نموذج سينما التحريك، من ولع شخصي حاولت إيجاد حضور الشعري في هذه الأفلام. توظيفات الشعري وحضوره في بعض أفلام «التحريك»، خصوصا تجارب أسيوية وعربية (على قلتها)، يؤشر على معطى إضافي يكمن في الحاجة لبلورة مشروع سينمائي مغربي، باستطاعته أن يجعل الكتابة للسينما منشغلة بالشعر (من خلال توظيف المثن الشعري الزجلي والملحون).
وأكد الناقد السينمائي والباحث الأكاديمي بجامعة ابن زهر بورزازات حميد اتباتو، أحد الوجوه البارزة والذي راكم تجربة مهمة في «الدرس السينمائي» وأيضا مقارباته ضمن سياق التحليل الفلمي وانشغالاته بالصورة واستعاراتها، أن سياق التقاطع بين الشعري والسينمائي، يطرح رؤى وإشكالات نظرية تتعلق ببنية كل نسق تعبيري على حدة، معرجا على الاتجاهات السينمائية، والتي وظفت الشعر ضمن رؤيتها الجمالية، بدءا من النظرية الشكلانية، غير أنه توقف عند تجربة مغربية رائدة، لشاعر وسينمائي هو أحمد البوعناني.
وتوقف النقاد عند نماذج فيلمية وأيضا تجارب تمثلت هذا البعد وتبنته في تجربتها (تاركوفسكي نموذجا)، أفلام مثل «درس البيانو»، «طوق الحمامة المفقود»، أفلام السينما التعبيرية، مثل أفلام برغمان في السويد، وفيلم ساعي البريد (1997) للمخرج رد فورد الذي أنجز انطلاقا من سيرة وحياة الشاعر بابلو نيرودا التي كتبها روائيا أنطونيو سكارميتا، فيلم الجنوب (1983) لفيرناندو صولانا، فيلم «نوستالجيا» و»المرآة» لتاركوفسكي، «الملائكة فوق برلين» فيم فيندرز، «الشعر» لي تشانغ دونغ، «كلب أندلسي» بونويل وسلفادور دالي…

شعراء ضفاف شعرية ينثرون قصائدهم بزاكورة

تحول المركز الثقافي بزاكورة، ليلة السبت 27 نونبر، الى محج مفتوح لجمهور المدينة والذي استطاع أن يملأ جنبات المركز في ليلة استثنائية. واختارت دار الشعر بمراكش أن يحتفي الشعراء بقصائد «الخريف»، في مدينة الجمال زاكورة، هذه المدينة التي استطاعت أن تلهم العديد من الشعراء والمبدعين، في قدرتها على ترسيخ صورة الجمال لعمق الجنوب الشرقي المغربي. الشعراء فدوى الزياني ومصطفى الشيخ ومحمد النعمة بيروك، ثلاثة تجارب برؤى مختلفة، يمثلون بعضا من صورة شجرة الشعر المغربي الوارفة، اختاروا أن يكتبون ديوانا مصغرا، في احتفاء شعري وفني بتجارب شعرية راهنة من القصيدة المغربية الحديثة.
ويمثل الشاعر محمد النعمة بيروك، الشاعر والروائي من عمق الصحراء المغربية، صوت «الضاد» المشبع ب»سحر القوافي»،
فيما الشاعرة فدوى الزياني، والتي راكمت من خلال دواوينها الشعرية تجربة مهمة في الشعر المغربي الحديث، اختارت أن تقدم بعضا من قصائدها. قصائد مسكونة بالذات والكينونة، وإصرار على بوح شعري متدفق.
وأتم الشاعر مصطفى الشيخ، أحد شعراء زاكورة من الجيل الجديد، هذا الديوان المصغر بقصائد الصوفي وترانيم ل»يطو». شاعر «يسافر في اللغة» ويحفر أناه داخل بلاغتها، ومن مقامته الصوفية.
وقدمت فرقة «إيزوران» (الجذور) حفلا فنيا، ضمن احتفاء الدار بالموروث الثقافي والفني، المادي واللامادي بالمنطقة، إحدى الفرق الأكثر شهرة والتي حظيت باحتفاء خاص، في المهرجانات والملتقيات الوطنية والعربية والدولية، حولت ليل زاكورة البارد الى دفء لا ينتهي، بين جمهور ملأ قاعة المركز الثقافي على آخرها.


بتاريخ : 01/12/2021

أخبار مرتبطة

  لحظة إنسانية رفيعة تلك التي وقع عليها المعرض الدولي للكتاب يوم السبت 18 ماي الجاري بتكريمه لقامة فكرية وأدبية

السفر إلى المكان والعودة من الزمن   كيف استعاد عبد الحميد جماهري الذاكرة التاريخية للمغاربة من بوابة الشرق، وتحديدا من

يعنيك في أيّ مدينةٍ تزورُها، سائحاً أو ضيفاً، ما إذا كنتَ تستشعرُ فيها الأُلفة، أو الوداعة إنْ شئت. وإذا طُفتَ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *