نوال السعداوي: محاولات تجديد الفكر الديني تفشل والمؤامرات تزدهر

قالت الدكتورة نوال السعداوي، الكاتبة والأديبة، إن تجربتها الذاتية مع المرض والألم شكَّلَ لها فرصة مناسبة لتأمل الماضي، وتذكر والدتها التي رحلت في سن مبكرة في سن الخامسة والأربعين، وقد مر عليها ما يقرب من واحد وستين عامًا لم تر فيها «نوال» أمها الراحلة.
وأضافت «السعداوي» في أحدث مقالاتها الذي حمل عنوان «تجربتي الذاتية في الألم والمرض» المنشور في جريدة الأهرام أن أمها كانت تتمتع بعقلية حرة، قادرة على التفكير والنقد، طموحة ومتطلعة للأمام، كانت تكتب الشعر في مراحل دراستها المبكرة «في المدرسة الفرنسية انبهرت بها المدرسات، يقرأن قصائدها بالعربية والفرنسية على جميع البنات، تنبأت لها إحدى المدرسات بمستقبل باهر في الأدب والإبداع، كانت تشجعها علي التفكير الحر دون خوف من العقاب في الدنيا والآخرة، لكن المدرسات والمدرسين الآخرين كانوا يزرعون الخوف في قلبها إن سألت سؤالا يدخل ضمن الممنوعات أو المحرمات».
وأكدت «السعداوي» أن كبت الطلاب والتلاميذ منذ الصغر ومطالتهم بالتوقف عن الأسئلة يقتل فيهم الإبداع، ويوقف عقولهم عن النمو والتطور والتفكير الحر والانطلاق خارج القيود المفروضة بالمدرسة والدولة والدين والعائلة.
واستنكرت «السعداوي ما تعرضت له الأنثى من قتل لحريتها ودورها في المجتمع، ضاربة المثل على ذلك بما حدث مع والدتها قائلة: «حدث في يوم أن خرجت التلميذات والتلاميذ والشعب المصري كله في مظاهرة ضد الملك والانجليز، يهتفون بالحرية والاستقلال وطرد الاستعمار البريطاني، كانت أمي من حماسها الشديد، ضمن البنات في الصف الأول قبض عليهن بوليس الملك، قضت أمي يوما وراء التخشيبة، حتي جاء أبوها، جدي العسكري شكري بيه وأفرج عنها بكفالة، وفي البيت نالت علقة ساخنة بالعصا، وتم اعتقالها بالبيت حتي جاء العريس سيد أفندي السعداوي، وتسلمها من جدي سليمة الجسد، كاملة العذرية، ناقصة العقل متوقفة التفكير، واعتقلها أبي في بيت الزوجية وهي طفلة في الرابعة عشر، حتي ماتت وهي في الخامسة والأربعين، بعد أن ولدت تسعة من العيال».
وشددت «السعداوي» على أن المجتمع لازال يعاني من ردة منذ منتصف السبعينات، منذ عصر الانفتاح، حيث تم التجارة بالدين والأخلاق والطب والأدب تدهورت الثقافة والفنون والتعليم وكل شيء حتي الرياضة والروح الرياضية والأعضاء البشرية، وأجساد البنات الأطفال القاصرات تحولت الي سلعة تباع وتشتري في السوق الحرة، لا شيء يعلو علي أرباح التجارة بالسلاح والجنس والعري والتخابر بين الدول والصراع الضاري علي اغتصاب الأرض بالقوة والخداع.
وتابعت أنه من خلال تلك التأملات ظهر لها أن كل محاولات تجديد الفكر الديني كانت تبوء بالفشل، مع ازدهار مستمر لمؤامرات الاستعمار مع التيارات السلفية الرجعية، وذلك ما يسبب لها الحزن الشديد، قائلة: «يتراء وجه أمي من خلال الضباب وصوتها يسري هامسا بعد واحد وستين عاما،اسمعي يا نوال، مرض السرطان لم يقتلني بل الحزن علي هذا العالم، الموت ليس مخيفا بل جميلا، لولا الموت لأصبحت الحياة مستحيلة، الأبدية ليست صفة الأحياء بل الأموات».


بتاريخ : 23/07/2019

أخبار مرتبطة

  “لا معنى لمكان دون هوية “. هكذا اختتم عبد الرحمان شكيب سيرته الروائية في رحلة امتدت عبر دروب الفضاء الضيق

  (باحثة بماستر الإعلام الجديد ، والتسويق الرقمي -جامعة ابن طفيل – القنيطرة) حدد الأستاذ عبد الإله براكسا، عميد كلية

  في إطار أنشطتها المتعلقة بضيف الشهر، تستضيف جامعة المبدعين المغاربة، الشاعر محمد بوجبيري في لقاء مفتوح حول تجربيته الشعرية،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *