نورالدين خروب في «رقصة الغربان»

نورالدين خروب كاتب قصة مغربي، ولج عالم الكتابة في سنّ مبكرة. وواظب على النشر في أغلب الصفحات والملاحق التي كانت نشيطة في تلك التسعينيات البعيدة التي عرفت دينامية ثقافية حقيقية بالمغرب. كما نشر في الصحف العربية الصادرة في لندن، وشارك في عدّة أمسيات ثقافية.
بعد سنوات طويلة من الصمت، يعود خروب ليصدر باكورته القصصية بعنوان “رقصة الغربان”، عن دار بصمة للنشر والتوزيع. وتضمّ 13 نصًّا قصصيا موزّعًا على 79 صفحة من الحجم المتوسط. وهي قصص تحتفي بشخصيات تنحدر من طبقات اجتماعية متعدّدة ومتناقضة وتعيش حياةً متوترة قبل أن تواجه مصائر مأساوية في الغالب. كما تحتفي المجموعة بالمكان والجغرافيا وذلك من خلال متواليات من الصوّر المشهدية حيث تحضر القرية والغابة والوادي والمقهى مكتظة بالتفاصيل والعناصر الصغيرة. ويُلفت الانتباه في المجموعة، أيضًا، حضور الحوار سواءً الحوار السردي أو الحوار التناوبي أو الحوار الداخلي( الذاتي) وهو ما أسهم في تسليط الضوء على الشخصيات والتعريف بها.
هذا في الوقت الذي استطاعت اللغة في “رقصة الغربان” أن تتماهى مع الشخصيات فتعبّر عن انتمائها الطبقي، وعن مزاجها وثقافتها. وهو ما وفّر للمجموعة معجما لغويا يتنوّع بتنوّع الشخصيات. كما نسجل حضور اللغة الشعرية خصوصًا حين تنخرط الشخصية في مونولوج داخلي أو حين تستسلم للعبة العودة في الزمن إلى الوراء واستعادة مشاهد من الماضي.
في القصّة التي تحمل عنوان “فوضى أكتوبر”، نقرأ المقطع التالي : “كلانا يفهم الآخر، ويتجنب الإحراج، فهذا هو الحب بأذنيه الطويلتين ! وعلى ذكر الحب، هل تذكرين يوم التقينا في ذلك المقهى وسط حي السلام، كان يوم خميس، أذكر جيدًا. بالمناسبة أكره هذا اليوم؛ سأحكي لك هذا فيما بعد. الجوّ كان شتويًا والموسيقى المنبعثة من التلفاز تغري بانتحار جميل من البلكونة، فيما كنتِ حائرة مثل كرة البلياردو، تنظرين إلي، ثم إلى التلفاز ثم إلى النادل الذي يتحرك كمحارب من القرن الثامن عشر، ثم تنغرسين فيَ من جديد كتهمة قديمة. كان صعبًا أن أجاريك في هذا التزحلق فتشبثتُ بأوراق جريدة ناقصة.”


بتاريخ : 27/01/2024