نور الدين الصايل: نهاية شريط الحياة the end

توفي المدير السابق للقناة الثانية والمركز السينمائي المغربي، نور الدين الصايل، ليلة الثلاثاء الأربعاء، عن سن تناهز 73 عاما، وفق ما علم لدى أسرته.
وشكل الراحل، الذي جمع بين كتابة السيناريو والرواية والإنتاج، قيمة مضافة للساحة الثقافية المغربية وأحد أسمائها اللامعين.
وقد أسس الراحل في عام 1973 الفيدرالية الوطنية لنوادي السينما بالمغرب، والتي لعبت دورا رائدا في نشر الثقافة السينمائية في المملكة.
وبعد بداية مساره في القناة التلفزية المغربية الأولى وفي القناة التلفزية الفرنسية «كنال بلوس أوريزون»، تولى الراحل الصايل إدارة القناة الثانية (2003-2000) ثم المركز السينمائي المغربي (2014-2003) واللتين طبعهما بصرامته المهنية ومتطلباته الفكرية.
وستظل بصمة الفقيد حاضرة في عالم السينما الإفريقية، لاسيما وأنه مؤسس مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية، الذي بات موعدا لا محيد عنه بالنسبة لمهنيي السينما من إفريقيا وخارجها.

 

نور الدين الصايل .. أبدا، سنبقى نحبه…لأنه عاش منتصرا للإنسان.

 


 طالع السعود الأطلسي

رحل نور الدين الصايل عن دنيانا، إنها الحقيقة المادية، الملموسة، الواقعية والموجعة، المؤلمة والمزلزلة لدواخل محبيه وهم كثر، كثر، كثر. والجملة مع كل ذلك غير مفيدة، معيبة، خاطئة، مضللة… العزيز، لم يفعل في حياته الغزيرة، الثرية، الخصبة والحية… لم يفعل إلا كل ما يبقيه في دنيانا ذخيرة من العطاء… عصي على الرحيل. أي نعم، يغرس الجسد في ثرى الوطن الذي كان مولعا به.. ويبقى، بيننا، نور الدين الصايل المتعدد، المتفرد، المغرد، المجدد والسعيد… عشرات المئات من أصدقائه، نعم أصدقاؤه وليسوا مجرد معارف… حرقة المصاب فيه مستعرة فيهم اليوم… غير أن شلالات ذكرياتهم معه تتدفق فيهم، وتحييه فيهم بكل ما كان عليه من وداعة، يناعة ورفاعة… بكل ما حرص عليه من خصال الوفاء، السخاء، الإباء والنقاء… وبكل ما ميزه… عميق وشاسع الدراية بالفلسفة، السينما، الأدب والفنون… وبالسياسة في معناها النبيل ومن منشأها الأصيل.
منذ سنة 1974، حين التقيته لأول مرة في المحمدية في تظاهرة سينمائية كان منظمها وهو رئيس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، منذئذ والصلة بيننا، لم تنقطع ولم يزدها التواصل بيننا إلا رسوخا وتعميقا… وكنت محظوظا… وكنت دائما المستفيد من إضاءاته وتعليقاته وتوضيحاته ونصائحه… كان جامعة حية تمشي على رجلين، أستاذ الفلسفة البارع واللامع، جسر علاقتها بالسينما في الاتجاهين، وبكثير من توابل مدرسة الحياة، انصنع فريدا… بحق، كان مدهشا.
ثراء عطائه للسينما، في الكم وفي النوع، سيبقيه مزنة دائمة الإمطار على الممارسين في المجال بالمعرفة وبالاعتبار.
عناوين محطات بصمها بمروره فيها، واغتنى بها وأغناها: مشرف على صفحة السينما في جريدة «مغرب أنفورماسيون» نهاية ستينيات القرن الماضي. أصدر مجلة «سينما3» بداية السبعينيات، رئيس الجامعة الوطنية للأندية السينميائية، مدير البرامج في القناة الأولى، مشرف على صفحة السينما بجريدة «أنوال»، مدير في مجموعة «كنال أوريزون» الفرنسية، مدير القناة الثانية، مدير المركز السينمائي المغربي… وقد أكون غفلت محطات، أو سهوت عنها.
رجل بآلاف… بمميزات استثنائية، وبحياة زاخرة بالحياة… يتدفق الفرح من حواليه… عاش منتصرا للحياة وللبهجة وللذة التي تنتجها المعرفة، الكلمة، الصورة، الترنيمة… عاش منتصرا للجمال في الإنسان، بالإبداع من أجل الإنسان… في الجزئيات كما في الكليات من حياته، كان الإنسان… وبذلك سيبقى يحيى بين محبيه، ولن يرحل إلا إلى المقامات الرفيعة في ذاكرة المحبة له.

 

 إدريس اشويكة

في اتصال بالمخرج السينمائي إدريس اشويكة بخصوص التعبير عن شعوره في هذا الفقد الإنساني والسينمائي المغربي الكبير ..، كشف اشويكة حقيقة أنه لن يستطيع التركيز في هاته اللحظة المؤلمة من هول الصدمة والرزء الكبير، معترفا أن الراحل نور الدين الصايل هو بمثابة الصديق الحميم له والأستاذ والمعلم والنصوح..، «إنه يمثل كل شيء بالنسبة لي .. علمني كل شيء في المجال السينمائي، بل هو الذي أدخلني إلى هذا العالم العجيب وحببني فيه، وبالتالي ففقده هو خسارة كبيرة بالنسبة لي وللسينما المغربية والإفريقية عامة..
أشير إلى أن بصمته على السينما المغربية كانت كبيرة جدا جدا، خصوصا منذ أن تم تعيينه مديرا عاما للمركز السينمائي المغربي، حيث تطورت السينما الوطنية بشكل كبير، لكن منذ أن تقاعد من هذا المنصب منذ سبع سنوات تقريبا، نلاحظ أن هذا الوهج الذي طبعه بدأ يفتقد ..
حقيقة، المفكر والسينمائي والناقد .. كنز سينمائي من حيث التفكير والتدبير لا يعوض.. كان بمثابة صديق كبير للمخرجين والفنانين والمنتجين والتقنيين، لا يفرق بين هذا وذاك بأسلوبه الحكيم وحديثه الطيب ونصائحه العميقة.. رحمه لله.

 

 إدريس الروخ

الفنان والمخرج المسرحي والسينمائي إدريس الروخ قال في تصريح ل» الاتحاد الاشتراكي» إن نور الدين الصايل المايسترو الحقيقي للسينما المغربية بدون منازع، وخسارته في هذا الوقت هي خسارة فادحة من الصعب تعويضها، من خلال توجيهاته وأفكاره النيرة، التي اكتسبها وراكمها منذ سنوات عديدة عندما قام بتأسس الفيدرالية السينمائية بالمغرب.. لتحريك عجلة السينما من خلال الأندية السينمائية التي تضم مجموعة من الأساتذة والمثقفين والطلبة العاشقين للفن السابع..
إن نور الدين الصايل المجنون بالسينما وعالمها لم يقف عند هذا الحد، فهو مؤسس مجموعة من المهرجانات ولعل أبرزها مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة الذائع الصيت .. هو المخطط للعديد من المشاريع السينمائية التي عرفت النور بالمغرب، ووضعت السينما المغربية في المسار التي هي عليه الآن بالرغم من قلة الإمكانيات ، إذ كان بأسلوبه وخططه وهندسته يجعل الكل ينخرط في مشروع حتى ينحج.. لأن الجميع يعلم جدية الرجل وعشقه الكبير للسينما، بل للمغرب .. الدليل على ذلك فقد كان نورالدين الصايل يشتغل في شبكة «كنال بلوس الفرنسية» وتركها وعاد إلى المغرب ليقود حركة سينمائية كانت ناجحة جدا بكل المقاييس، نتائجها ظاهرة للعيان .. للمهني المغربي والإفريقي وغيرهما لأن التعامل معه كان يخلق فيك الإحساس بعظمة هذا الفن وأهميته في الحياة..
رحيل نور الدين الصايل فعلا إنه خسارة كبرى…


بتاريخ : 17/12/2020