هل تتجاوز بلدان الاتحاد الأوروبي خلافاتها لفرض عقوبات جديدة على روسيا؟

هل تتجاوز بلدان الاتحاد الأوروبي خلافاتها لفرض عقوبات جديدة على روسيا، أو ما يسمى الحزمة السادسة من العقوبات، والتي تسعى من خلالها بلدان الاتحاد وقف وارداتها من البترول القادمة من روسيا. لكن يبدو أن هذه العقوبات لم تحصل على الإجماع المتوقع، وذلك بفعل معارضة المجر التي تعتمد البترول الروسي ويصعب عليها تعويضه في الأمد القريب خاصة أنها لا تتوفر على ممر بحري. هذا بالإضافة إلى قضية المساعدات لأوكرانيا، وإجراءات إلحاقها بالاتحاد الأوروبي، وكذلك انعكاسات هذه الحرب على البلدان النامية التي تعتمد القمح الروسي والأوكراني، والذي حولته موسكو إلى جانب الطاقة كوسيلة ضغط قوية على البلدان الغربية وباقي العالم لتخفيف العقوبات التي فرضتها البلدان الغربية، بعد هذه الحرب التي دخلت شهرها الثالث، مما يعني استمرارها واستمرار الانعكاسات على الاقتصاد العالمي الذي مازال يعالج آثار وباء كورونا.
وكثفت فرنسا من الاتصالات مع شركائها، خاصة مع برلين، من أجل إيجاد حل متوافق عليه، وتحركت وزيرة الخارجية الفرنسية الجديدة إلى برلين، وكذلك إلى كييف حيث تعتبر أول زيارة لمسؤول فرنسي رفيع منذ بداية الحرب، وتضغط الحكومة الأوكرانية بقوة على الأوربيين لتكثيف العقوبات على روسيا وإجبارها على وقف الحرب.
واعتبرت باريس وبرلين أنه يمكن تجاوز عرقلة المجر لفرض حظر أوروبي على النفط الروسي، في موقف يتعارض تماما مع تصريح رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي يرى أن التوصل إلى اتفاق «غير مرجح إلى حد بعيد»، وهو ما يعكس تباين المواقف الأوروبية في هذا الموضوع.
ومن أجل تجاوز هذا الفيتو المجري ناقش ممثلو الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الأحد الماضي، اقتراحا جديدا من شأنه إعفاء خط أنابيب نفط رئيسي للمجر مؤقتا من الحظر التدريجي، الذي تفرضه الكتلة على النفط الروسي، في محاولة لإزالة العقبات من أمام حزمة عقوبات أوروبية سادسة ضد موسكو.
وينص هذا الاقتراح، الذي قدمته المؤسسات الأوروبية وفرنسا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، فرض حظر على النفط الروسي الذي يسلم بالسفن بحلول نهاية العام، مستثنيا «للوقت الحالي» ذاك الذي ينقل عبر خط أنابيب دروجبا الذي يزود المجر وسلوفاكيا وتشيكيا خصوصا، كما أوضحت مصادر من بروكسيل.
وتعارض المجر، الدولة غير الساحلية التي لا تملك منفذا على البحر، والتي تعتمد بنسبة 65 % من استهلاكها على النفط المنقول من روسيا عن طريق دروجبا، الحظر المفروض على خط الأنابيب هذا، ورفضت العرض الأول المتمثل في استثنائه من العقوبات لمدة عامين. وطلبت بودابست أربع سنوات على الأقل وقرابة 800 مليون يورو كتمويل أوروبي لتكييف مصافيها.
وفي سياق لا تزال فيه خطة التعافي التي تخصصها بروكسل لبودابست بعد جائحة كوفيد معلقة بسبب انتهاكات المجر لسيادة القانون، سيكون من الصعب منحها أموالا أوروبية.
وفي انتظار نتائج أشغال القمة الأوروبية، يومي الاثنين والثلاثاء 30 و31 ماي، يحاول سفراء هذه البلدان ببروكسيل دراسة الاقتراح الجديد الذي قدم إليهم، ولم يتم حتى كتابة هذه السطور التوصل إلى توافق حول الموضوع. ويتطلب تبني العقوبات إجماع الدول الـ 27، وهي آلية تعقد القرارات الأوروبية وهي ضرورة الإجماع بين كل الأعضاء قبل اتخاذ أي قرار.
ومن المفترض أن تتناول هذه القمة حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا من أجل إنقاذ اقتصادها الذي تضرر من الحرب الروسية عليها، والتي دامت ثلاث أشهر حتى الآن. وهي حزمة من المتوقع أن تصل إلى 9 مليارات من اليورو. وهناك جدال حول هذا التمويل، هل هو مساعدة أم دين؟ وهو ما يقسم بلدان الاتحاد.
كما ستكون إعادة إعمار أوكرانيا، التي يريد الاتحاد الأوروبي أن يقوم فيها بدور أساسي، على جدول الأعمال هذه القمة، وقيمت أوكرانيا حجم الدمار (الطرق والبنى التحتية) بحوالي 600 مليار دولار.
ومن المنتظرأن تعالج القمة الأوروبية عددا من الملفات، خاصة آثار هذه الحرب على صادرات القمح التي تتضرر منها العديد من البلدان خاصة بإفريقيا، والتي تتعرض لانعكاسات هذه الحرب دون أن تكون لها وسائل الضغط على أطراف الصراع، فهل ستأخذ هذه القمة مطالب البلدان الإفريقية وهي توفير حاجياتها أم أن القضايا الأوروبية والمصالح الأوروبية ستكون هي محور هذه القمة؟ خاصة أن موسكو تريد استعمال صادراتها وصادرات أوكرانيا من القمح كسلاح للضغط على البلدان الغربية ومطالبتها برفع العقوبات مقابل سماح روسيا بتصديره نحو الخارج.
وهي قمة من شأنها أن تبرز الخلافات الأوروبية الأوروبية حول تدبير الأزمة مع روسيا بين أنصار التشدد الذين تتزعمهم بولونيا وبلدان البلطيق وبين أنصار استمرار الحوار مع روسيا، والذين تقودهم فرنسا وألمانيا، بالإضافة إلى مشكل الغاز الروسي الذي تعتمده ألمانيا بشكل أساسي. وقضية الأمن الأوروبي وضرورة التوفر على وسائل الدفاع قادرة على صد الخطر الروسي. هي قضايا كثيرة لن تتمكن القمة الأوروبية من حلها لتضارب مصالح البلدان الأعضاء.


الكاتب : باريس: يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 31/05/2022