هل تنجح فرنسا في نزع فتيل الحرب بين روسيا والغرب حول أوكرانيا؟

قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بجولة مكوكية بين موسكو وكييف وبرلين، وكانت أهم محطة هي العاصمة الروسية حيث التقى نظيره فلادمير بوتين يوم الاثنين وبعدها التقى نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم الثلاثاء، وكذلك المستشار الألماني اولاف شولتس. وذلك في محاولة من فرنسا لإحياء اتفاقات سلام تم التفاوض عليها سنة 2014، والتي تسمى “بصيغة النورموندي” بوساطة ألمانية فرنسية وبحضور روسيا وأوكرانيا، والتي مكنت من تجميد المعارك على الجبهة، لكن التسوية السياسية للنزاع في طريق مسدود. وسيسعى ماكرون من خلال هذه الجولة بين العواصم إلى تحريك هذه الآلية.
وعرض ماكرون في موسكو اقتراحاته لنزع فتيل الأزمة المرتبطة بأوكرانيا فيما أعلنت روسيا أنها مستعدة “لتسويات”، وذلك في الوقت الذي تخشى فيه الدول الغربية حصول غزو لأوكرانيا مع حشد عشرات آلاف الجنود الروس عند حدودها.
وفي إطار التنسيق بين بلدان الاتحاد الأوروبي لحل هذه الأزمة، التقى ماكرون في برلين المستشار الألماني اولاف شولتس، العائد هو الآخر من واشنطن في إطار سلسلة جهود دبلوماسية أوروبية خلال الأسبوعين الراهن والمقبل، حيث سيزور المستشار بدوره كلا من موسكو وكييف.
وكانت اقتراحات ماكرون لبوتين تشمل التزام عدم اتخاذ مبادرات عسكرية جديدة من الجانبين ومباشرة حوار يتناول خصوصا الانتشار العسكري الروسي ومفاوضات سلام حول النزاع في أوكرانيا وبداية حوار استراتيجي.
وأبدت روسيا بعض التجاوب مع المقترحات الفرنسية إثر محادثات استمرت أكثر من خمس ساعات بين الجانبين، وقال الجانب الروسي إن “بعضا من أفكار” نظيره الفرنسي “قد تشكل أساسا لإحراز تقدم مشترك” وسيتحدث مجددا إلى ماكرون بعد زيارته لكييف.
وقال ماكرون إن الرئيس بوتين “أكد لي استعداده التزام هذا المنطق ورغبته في حفظ الاستقرار ووحدة أراضي أوكرانيا”.
وأكد الرئيس الروسي “في ما يتعلق بنا، سنبذل أقصى جهودنا للتوصل إلى تسويات تلائم الجميع”، مضيفا أنه ونظيره الفرنسي لا يرغبان في حرب بين روسيا وحلف شمال الأطلسي لأنه لن يخرج منها أي طرف “منتصرا”.
وندد بوتين مجددا برفض الدول الغربية الموافقة على شرطه بوقف توسع حلف شمال الأطلسي شرقا وسحب جنوده ومنشآته العسكرية من أوروبا الشرقية، والتعهد بعدم نشر أسلحة هجومية قرب الحدود الروسية وسحب البنى التحتية العسكرية للحلف الأطلسي وإعادتها إلى حدود العام 1997، أي إلى ما قبل انضمام جمهوريات سوفياتية سابقة إلى التكتل، نافيا أن يكون هدد أوكرانيا وحملها مجددا مسؤولية الطريق المسدود، التي وصلت إليها محادثات السلام في النزاع بين كييف والانفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد.
وسبق لفرنسا وألمانيا أن توصلتا إلى خطة سلام تم التفاوض بشأنها العام 2014 بين كييف وموسكو عبر وساطة فرنسية-ألمانية أي ما يسمى صيغة النورموندي للسلام.
وكان ماكرون أول رئيس لدولة غربية يلتقي فلاديمير بوتين منذ تصاعد التوتر في دجنبر الماضي، ويلتقي المستشار الألماني أولاف شولتس بدوره بوتين في موسكو في 15 فبراير بعد محطة له في كييف أيضا.
وحذر الأمريكيون والأوروبيون روسيا من عواقب وخيمة جدا إذا ما هاجمت أوكرانيا مجددا مع إقرار عقوبات مدمرة.
وأكد أولاف شولتس، خلال زيارته واشنطن يوم الاثنين الماضي، أن الولايات المتحدة وألمانيا “متحدتان بشكل مطلق” بشأن العقوبات التي ينبغي أن تفرض على روسيا إذا هاجمت أوكرانيا، وسيتخذ البلدان “الإجراءات نفسها”.
وأكد الرئيس الأمريكي أن هجوما روسيا سيعني “نهاية” خط أنابيب الغاز الروسي الألماني الاستراتيجي “نورد ستريم 2″، الذي يثير جدلا.
وكانت الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة أرسلت تعزيزات عسكرية إلى أوروبا، بعد أن أكدت واشنطن أن الانتشار العسكري الروسي الضروري لشن هجوم كبير على أوكرانيا بات جاهزا بنسبة 70 %.
واجتاحت روسيا أوكرانيا عام 2014 وضمت شبه جزيرة القرم، ردا على ثورة موالية للغرب في كييف. كذلك، يخوض انفصاليون موالون لروسيا ومدعومون منها حربا منذ 2014 ضد الجيش الأوكراني في شرق البلاد، في صراع أودى بحياة 13 ألف شخص على الأقل.
وسمحت اتفاقات سلام تم التفاوض عليها بوساطة ألمانية فرنسية بتجميد المعارك على الجبهة، لكن التسوية السياسية للنزاع في طريق مسدود. ويسعى ماكرون لتحريك هذه الآلية.


الكاتب : باريس- يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 09/02/2022