هل رسم الفن الإسلامي أشخاصاً عُراة؟.. شاكر لعيبي يفكك ويعيد تركيب مفهوم «العري»

 

ما العري، وهل يُعقل أن الفن الإسلاميّ رَسَمَ أشخاصاً عُراة؟
سؤال يجيب عنه شاكر لعيبي في كتابه الصادر حديثا عن دارخطوط وظلال الأردنية بعنوان :»تصاوير العري في الفن الاسلامي»
جاء على ظهر الغلاف:
ما العري، وهل يُعقل أن الفن الإسلاميّ رَسَمَ أشخاصاً عُراة؟
لا يستهدف هذا البحث، بحال من الأحوال، استفزاز أحد، ولا إثارة فضول مجانيّ، ولا الإساءة الى معتقدات الناس وإيمانهم، فنحن جزء من الناس ونقدّر معتقداتهم.
يقع الهدف من جميع كتاباتنا عن الفن الإسلاميّ في «تفكيك» وإعادة تركيب» هذا المصطلح، الفن الإسلاميّ، الذي يعاني من اللبس والاضطراب في الاستخدام الثقافيّ العربيّ العام. نحن نؤكد دوما على أَن الأَمر يتعلق بـ (فن) وليس بدعوة عقائدية أو تبشيرية وإنْ تَلبّس بالكثير من مفاهيم ورؤى الحضارة الإسلامية. ومما لا يخفي فإن (الفن) يختلف عن (العقيدة) والإيمان الدينيّ، وكلٌّ يشتغل في حقله.
يعتبر (العري Nu)، بصفته مصطلحا فنيا، نوعاً genre اصطلاحيا أكاديميا جوار المنظر الطبيعي والبورتريه والطبيعة الصامتة الخ، ذلك أن له خصائص متميّزة كونه يعالج الجسم العاري الإنساني بشكل أساسي ويقوم بتمثيله عبر مختلف الوسائط التشكيلية (الرسم والنحت تاريخيا، واليوم في السينما والتصوير الفوتوغرافي… الخ). وقد تطور هذا النوع بالتوازي مع عموم تطوّر تاريخ الفن، آخذين بنظر الاعتبار الاختلافات المتعلقة بقبول العري (او أجزاء منه) في مختلف المجتمعات والثقافات على مر العصور. وعلى سبيل المثال عندما زار الرحّالة المسلمون جنوب شرق آسيا لاحظوا باندهاش عري رجالها ونسائها الذين لم يكن العري بالنسبة لهم عارا كما بالنسبة للمسلمين. في حين أن عري الأفارقة الذين زارهم أوائل المستكشفين الكاثوليك الأوربيين، في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كان فضيحة أخلاقية.
في تاريخ الفن، في الفن ظل العري وربما خلافا للواقع الفعلي يعكس بشكل عام المعايير الاجتماعية للجمال والأخلاق المعاصرة له، ودوما انطلاقا من نسبية كبيرة في فهمه جماليا وأخلاقيا. نلاحظ أن العديد من الثقافات تتسامح مع العري في الفن أكثر بكثير من عري الحياة الواقعية. من هنا تفريق بعض نقاد الفن وبعض الفنانين المعاصرين بين (العري) و(التعرّي). وفي يقيننا لم تفرّق الثقافات التوحيدية المعروفة قط بين العري والتعرّي وأدانتهما كليهما، فقد ربطتهما بالإثارة الجنسية بشكل حاسم تقريبا. وهذا خلافا للثقافات الوثنية وفنونها كالإغريقية والرومانية التي ربطت في مكان ما بين عري الجسد الآدمي وتمثيل الجمال الكامل و(النسبة الفضلى proportion idéale أو النسبة الذهبية proportion dorée) في الوجود المقدّمة عبر أجزاء الجسد البشري العاري، واعتبرت الجسد موضع فخر.
في الثقافة الرومانية اعتبر العري نموذجا مثاليا للكمال والجمال المطلق، وهو مفهوم استمر في الفن الكلاسيكي. في ذلك كله ثمة غياب للموقف الأخلاقي الصارم عن هذا التمثيل. لهذا السبب يُعدّ العري، بصفته نوعا فنيا، من أهمّ مواضيع تاريخ الفن الغربيّ وأكثرها تكرارا. ففي عصر النهضة الذي ركّز على الإنسان وروّج لثقافة جديدة، كان هناك عودة إلى العري في الفن، استنادا بشكل عام إلى موضوعات أسطورية أو تاريخية، وأيضا إلى موضوعات الكتاب المقدّس الدينية، مثل آدم وحواء.


بتاريخ : 02/09/2022