هيرمان هيسه: يرحل الشاعر ويظل الغصن صامدا نينون هيسه

أياما قبل رحيله، توصل بخبر وفاة صديق له كان في نفس سنه؛ نبأ مفاده أن الهالك فقد الحياة أثناء النوم، من دون أن يلم به مرض قبلها. «أمر جميل، صاح هيسه، أتتخيلين كم هذا جميل؟» شعرت أنه يتمنى حصول نفس الشيء له. صباح الثامن من غشت (1962)، ذهبنا إلى الغابة المجاورة لبيتنا. كان يحب جمع الحطب لتزويد النار الموقدة في حديقة البيت بأعواده حتى لا تخمد. توقف أمام فرع ميت لشجرة أكاسيان وجذبه مثلما سبق له ذلك عدة مرات. «إنه ثابت لا يزال في مكانه»، همس. زوالا، زارتنا مترجمة روايته «غرترود» الفرنسية لاحتساء الشاي برفقتنا، دار بينهما نقاش محتدم حول الأدب الفرنسي الحديث، حول سارتر وكامو وبيكيت وأدباء آخرين سابقين تاريخيا على هؤلاء. وفي المساء، وجدت في غرفتي قصيدته حول فرع الشجرة التي عنوانها «صريف غصن معوج»:
«غصن معوج مفرى
من قبل وهو يتهدل سنة تلو السنة،
جافا، يصرف وسط الريح بأنشودته،
بلا أوراق، بلا قلف،
شاحبا وعاريا، متعبا من العيش أطول مما يلزم،
من الاحتضار جد الطويل.
أنشودته تئز متعنتة، ومكابدة،
تئز بعناد، تئز بارتياع خفي،
طوال صيف آخر،
طوال شتاء كامل آخر.»
قلت له كلاما من قبيل: «إنها إحدى أجمل قصائدك.» ابتسم ثم علق: « هي جيدة إذن.»
قرأت على مسامعه نصوصا كما أفعل كل مساء، قبل أن يستمع على أمواج المذياع لإحدى سوناتات موزارت (السونات رقم 7 لبيانو منفرد). وقد توفي صباحا وهو نائم، بسبب نزيف دماغي. أما الغصن، فهو لا يزال ثابتا في مكانه.»
– – –
(*): نينون هيسه (1895/1966، مؤرخة فنية والزوجة الثالثة لهيرمان هيسه من 1931 إلى حين وفاته)، والنص رسالة وجهتها، في أكتوبر1962، إلى سيغفريد أنسيلد (1924/2002، ناشر وناقد أدبي، أنجز أطروحة دوكتوراه حول هيرمان هيسه سنة 1951).


بتاريخ : 06/09/2019