هيَ وأنا، حين يسْعَلُ الرمادُ

هي غابةٌ
وأنا حَطّابٌ.
هكذا، منذ أول حرفٍ
فوق ألسنة البشرِ.

الأشجار حروفٌ
والأبجدية غابةٌ

هذا ما قُلناهُ،
نحن أيضا، هيَ وأنَا.
ثم تلعْثَمتِ العناصرُ في حُلُوقِنا. فنَفخْنا
في جِرارٍ من رمادٍ.
وسَمَّيْناهُ:
المائِدةَ،
والنَّافِذةَ،
والبابَ،
وقبضةَ الفأْسِ.
ثم كان الكلامُ الذي من عرعارٍ،
واللغةُ التي من أَبَنُوسٍ.
دائما، هَكَذا.
هي تجمعُ الحَطَبَ،
جَسَداً
جَسَداً
وأنا أقْتلعُ الأشجارَ.
أقْتلِعها منْ جُذُورِهَا.
ثم أعودُ
-حين أكْتُبُ –
وأَغْرِسُها، في أطْرافِ كل ورقةٍ مغطّاةٍ بالثلجِ:
شجرةً
شجرةً.
وإذا بالورَقةِ غاباتٌ، وأدغالٌ، وحدائقُ
دائمةُ الخُضْرةِ،
وقابلةٌ للاشْتعالِ.
(لا تَنَاقُضَ،
ولَكِنْ، تبادلُ أدوارٍ يعقبهُ
تَنَاصٌّ،
وحُلولٌ)
آخِرُ الغابةِ أوَّلُ الشجرِ.
آخِرُ الرمادِ أوَّلُ النيرانِ.
كَم شجرةً هذا الجسدُ ؟
كم غابةً هذه الروحُ؟
كَم نُطْفَةً؟
وَكَمْ شَرارَةً؟

من ديوانه الأخير
«كذئب منفرد»


الكاتب : محمد بنطلحة

  

بتاريخ : 30/08/2019