وزير الفلاحة يهاجم منتقدي السياسات الزراعية المستنزفة للمياه ويصفهم ب «الجهلة»

 

شن وزير الفلاحة والصيد البحري محمد الصديقي خلال الملتقى الدولي للفلاحة بمكناس هجوما شرسا ولاذعا على منتقدي الزراعات السقوية التي تستنزف الفرشة المائية للبلاد. ووصف الوزير منتقدي هذه السياسات الزراعية «بالجهال»، وقال خلال الندوة التي نظمت الأربعاء من قبل منظمة الزراعة والأغذية،» إن كل من يتحدثون عن كوننا نصدر منتوجات فلاحية تستهلك كثيرا من الماء، جاهلون بهذا الموضوع».
ولم يتردد الوزير خلال كلمة افتتاحية ألقاها حول» تغير الأنظمة الغذائية بالمغرب»، في قصف معارضي الزراعات المستنزفة للثروة المائية عندما تطرق إلى مسألة الأمن المائي في علاقتها بالأمن الغذائي، مؤكدا أن «هناك من يأتون بشعارات لا معنى لها»، عندما يتحدثون عن الماء، ويعتبرون بأن المغرب يصدر منتجات فلاحية أكثر استهلاكا للماء، واصفا إياهم بـ «الجاهلين بهذا المجال. « وزعم أن الخبراء الذين يحيطون بهذا الموضوع لا يتكلمون كثيرا، داعيا إياهم إلى التعبير عن آرائهم، حتي تتوضح الأمور أمام المواطن العادي.
وتأتي هذه الاتهامات الخطيرة التي أطلقها الوزير محمد الصديقي، في سياق ارتفاع موجة الانتقادات التي تطال السياسات المتبعة في القطاع الزراعي منذ 15 عاما، والتي أدت إلى استنزاف الفرشة المائية في الكثير من المناطق بالبلاد، بسبب استهلاكها المفرط للمياه الجوفية.
ويعيش القطاع الفلاحي في الوقت الراهن أخطر أزمة جفاف يشهدها منذ عقد الثمانينات، فلم يسبق لهذا القطاع الذي يعيش منه بشكل مباشر أزيد من 15 مليون مواطن، أن توالت عليه تباعا 6 سنوات من الجفاف وهو ما جعل الموارد المائية للبلاد تهبط إلى مستويات قياسية، تبدو معها الوضعية المائية التي عرفها المغرب خلال أعوام 1981 و 1986، و1987، و1991 أفضل بكثير من الوضعية المائية الراهنة، وقد دق العديد من الخبراء والباحثين الزراعيين ناقوس الخطر منذ مدة طويلة، محذرين من الانعكاسات الكارثية لهذه الأنماط الإنتاجية المعتمدة على المياه الجوفية، والتي بدأت معالمها الآن تظهر بشكل جلي مع توالي سنوات الجفاف، حيث أصبحت مجموعة من المناطق السقوية تشهد خصاصا حادا في المياه الجوفية . وبسبب هذا الوضع غير المسبوق، تراجع متوسط واردات المياه إلى السدود من 18 مليار متر مكعب خلال فترة 1945 – 1980، إلى 14 مليار متر مكعب ما بعد 1980 وإلى أقل من 5 ملايير متر مكعب في السنوات الخمس الأخيرة، و منذ 2018، تم تسجيل ست سنوات جافة متتالية مع انخفاض شديد في مستوى الموارد المائية ومخزون السدود والفرشاة المائية.
يسلط الميزان التجاري للمغرب الضوء على حقيقة صادمة مفادها أن المغرب أصبح يبيع 8 ملايير دولار من الخضر والفواكه والحوامض (المشبعة بالمياه و التي تستنزف 80 % من مواردنا المائية المتضائلة عاما تلو آخر) ليشتري مقابلها 9 ملايير دولار من الحبوب التي قرر المخطط الفلاحي (المغرب الأخضر والجيل الأخضر)، أن يقلص مساحة زراعتها (من 6 مليون هكتار إلى 1.5 مليون هكتار) مفضلا استبدالها بزراعة الحوامض و البطيخ و الأفوكادو.. وهكذا يتضح أن مجموعة صغيرة من الفلاحين الكبار أصحاب الضيعات المتخصصة في التصدير هم الذين استفادوا من 8 ملايير دولار المتحصلة من بيع المنتوجات الفلاحية وإغراق الأسواق الأوربية، وهؤلاء الفلاحون الكبار كانوا خلال السنوات الماضية أكبر المستفيدين من مخطط المغرب الأخضر الذي قام بتمويل استثماراتهم بنسب وصلت إلى 80% وتم لفائدتهم كراء أراضي الدولة أو شرائها بأسعار جد تفضيلية و تم إعفاؤهم من الضرائب..


الكاتب : مكناس: عماد عادل

  

بتاريخ : 26/04/2024