وضعية تعيد نقائص تدبير الشأن العام إلى الواجهة … صيف الرشيدية «يخنق الأنفاس» في ظل غياب المسابح والمنتجعات الكفيلة بالتخفيف من شدة المعاناة

كلما حل فصل الصيف المتسم بالحرارة المفرطة، اعتاد سكان الرشيدية ، ومنذ عقود، على التوجه صوب منتجع العين الزرقاء لمسكي، قصد الاستحمام والاستجمام، إلى جانب المسبح البلدي الوحيد للمدينة، الذي لا يرقى الى تطلعات الساكنة، خاصة مع تزايد أعداد الفئة الشابة .
هذا الصيف مخالف لصيف السنوات الماضية ، حيث أنه صيف حار و جاف ، ومما زاد من حرارته، الجفاف الذي يضرب المنطقة منذ سنوات ، والذي نتج عنه جفاف الأرض و الزرع والآبار و العيون ، حتى سد الحسن الداخل تراجعت حقينته الى أدنى مستوى.
وتزداد المعاناة في ظل غياب المسابح والأماكن التي تقي الساكنة من الحرارة المفرطة في هذا الفصل، ومن بين هذه الأماكن «العين الزرقاء لمسكي» التي كانت تحج اليها ساكنة الرشيدية رغم بعدها بحوالي 20 كلم ، لكن اليوم لم يعد هذا الموعد الصيفي واردا ، لأن ندرة الأمطار فعلت فعلتها ، وجفت الآبار ومن خلالها جفت العيون ، ومنها عيون العين الزرقاء لمسكي ، عيون كانت دفاقة تفرعت عنها السواقي الجارية في جنبات المنتجع لتملأ صهريج المسبح «الظاهرة» وسط النخيل . أصبح اليوم فارغا من مياهه ، وباتت الساكنة و الزوار بدون فرصة للاستجمام ، وبات قدرهم هو الاستقرار في المنازل، ليصبح شعارهم : «كب سطل ديال الماء عليك وها أنت مستحم» ؟
«يوسف. م « ، من سكان المدينة، قال إن «المسبح البلدي بمدينة الرشيدية يعدّ واحدا من المسابح الأولى التي شيدت في الإقليم، وكان عبارة عن مسبح كبير يختلف عمقه ، مقسم الى حوضين ، كل واحد منهما مخصص لفئة عمرية معينة: فئة متوسطي الأعمار، وفئة الكبار» ، مضيفا « أن المسبح المذكور، رغم إعادة تهيئته لم يواكب التطور الديمغرافي والجغرافي بالمدينة»، مشيرا إلى» أن المسبح كان رائعا في زمانه ، إذ كان يتوفر على مصعد للقفز من الهواء ( بلوجوار) ، وكانت فيه رشاشات ماء و مستودعات الملابس وشمسيات محيطة به تقي من أشعة الشمس ، مسبح بمعايير مقبولة ، واليوم باتت المدينة الجنوبية عاصمة الجهة ، تفتقد الى مثل هذه المرافق التي أضحت لازمة في القرن الواحد و العشرين» ، متسائلا : «هل من المعقول أن يكون لمدينة بحجم الرشيدية مسبح وحيد وغير مشغل ، ودرجة حرارة تفوق 40 درجة أحيانا في فصل الصيف؟ الجواب بطبيعة الحال هو لا « ، مشددا « يجب على المسؤولين المركزيين ، محاسبة من يسهرون على الشأن العام ، وكل من يقصر في توفير أدنى شروط العيش الملائم للشباب و الشابات في هذه المناطق، الغنية بمواردها البشرية و الطبيعية «، لافتا إلى « أن خدمات المرفق العمومي لا ترقى الى تطلعات سكان الرشيدية التي أصبحت في أمس الحاجة الى مسابح و ملاعب رياضية كتلك الموجودة في مدن الداخل و السواحل «، مستحضرا في ذات السياق النافورات الموجودة بالمدينة» التي أضحت بدون ماء ، خوفا من زحف أطفال ليحولوها الى مسابح مفتوحة في غياب البديل…»؟
من جهته ، انتقد مصطفى أبو الخير، فاعل جمعوي « غياب المسابح وأماكن الاستجمام بالمدينة» قائلا :» الحرارة اليوم تجاوزت 40 درجة وساكنة الرشيدية تعاني « ، لافتا إلى « أن شباب المدينة ليس لهم أماكن يلجؤون اليها تقيهم من حر الصيف ، في حين وضعية المسبح البلدي يكتنفها الغموض».
مداخل الرشيدية ليلا ، توحي لزوار المدينة منذ أول وهلة وكأن شيئا غير اعتيادي يحدث، أعداد من المواطنين يتحركون بحثا عن أماكن توفر لحظات دفء خاطفة . ووسط المدينة ليس أفضل حالا؛ فالحدائق على قلتها والمساحات الخضراء التي بدأت تغير لونها الى الاصفرار نتيجة العطش ، وكذا الساحة الحمراء الجرداء المجانبة للولاية ، مملوءة عن آخرها بالأطفال، والبحث عن مكان شاغر للجلوس على أرضية ساخنة و غير مريحة … ليبقى البحث عن مكان للراحة بالمدينة من المهمات المستحيلة.
في ظل هذا الوضع، تبقى مدينة الرشيدية ، بسكانها ومنازلها و»حدائقها»، تحت وطأة الحرارة الخانقة في انتظار خريف منقذ ، وبما قد تجود به السماء من أمطار لتلطيف الأجواء و ملء السدود والآبار … في أفق التخفيف من حدة المعاناة .


الكاتب : فجر مبارك

  

بتاريخ : 21/07/2022