وضعيتهم تسائل المقاربات المعتمدة : مشرّدون في أكادير .. يقتل الشارع والبرد إنسانيتهم في كل لحظة

يلاحظ الزائر لمدينة أكادير، مغربيا كان أم أجنبيا، أن ما يخدش صورة هذه الوجهة سياحيا ويسيء إليها هي ظاهرة التسول والتشرد التي لا تزداد إلا عددا كبيرا في كل يوم، من قبل جميع الفئات العمرية، وخاصة الأطفال ذكورا وإناثا، لسبب من الأسباب، إلى درجة أنها أصبحت تحتل الأزقة وأرصفة الشوارع الرئيسية بالمدينة، خاصة بشوارع المنطقة السياحية، بما فيها كورنيش أكادير.
وحسب المعطيات التي حصلنا عليها من مصادر الجريدة، فإن عدد المتسولين والمتشردين من الأطفال والمراهقين والشباب يزداد يوميا، بحيث يتراوح عددهم ما بين 80 و100 متسول ومتشرد، ويداوم هؤلاء على التسكع إما فرادى أو جماعات بكل الشوارع الرئيسية بالمدينة التي تعرف حركية للراجلين وأنشطة مكثفة. بل أكثر من ذلك يتسابق المتسولون والمتشردون على اختلاف أعمارهم ومنذ الساعات الأولى من صباح كل يوم على احتلال أمكنة لهم وخاصة بشارع الحسن الثاني وشارع محمد الخامس وبساحة أيت سوس، وبمحطة الطاكسيات بحي الباطوار، وبحي الداخلة وحي السلام، حيث توجد المقاهي والمطاعم الشعبية ومحطات الطاكسيات ومحلات وعربات الأكلات الخفيفة…
ظاهرة وإن كانت ترق لها قلوب الناس للحالة الرثة لهؤلاء المتشردين من الأطفال والمراهقين ذكورا وإناثا، وهم يتسكعون ويتجولون حاملين في أيديهم قارورات و»نفاخات» بها مواد سامة ومخدرة وذات رائحة كريهة، يستنشقونها أمام مرأى ومسمع من المارة، وهي تزكم أنوف المارة، فإنها تفرض طرح أسئلة عن أسباب انتشارها بكثرة في السنوات الأخيرة، حتى أصبحت مشهدا روتينيا مقززا تتكرر صورته كل يوم. هذا الوضع الذي يدعو إلى مساءلة قطاعات حكومية وجمعيات المجتمع المدني المهتمة بالطفولة للتدخل وتنزيل جميع المقاربات بما فيها التربوية والاجتماعية، إلى جانب المقاربة الزجرية، لإنقاذ هذه الفئة المهمّشة والهامشية، مما تعانيه من موت بطيء بسبب حياته التي تقضيها في الشارع، خاصة في البرد القارس، ونتيجة للسموم القاتلة التي تتناولها يوميا بعد شرائها بفضل ما يجود به المواطنون على المشردين من دراهم يتسوّلونها منهم.
مشاهد مؤلمة حقا، تخلّف حزنا وقلقا أثناء معاينة هؤلاء المتشردين والمتسولين من مختلف الأعمار وخاصة من فئة الأطفال، في هذه الصورة وهم يستجدون المارة ويعترضون سبيلهم في الشوارع والأزقة، ويلاحقون السيارات في المدارات، والمحاور الطرقية، وعند إشارات المرور، ويحتلون أمكنة استراتيجية أمام المقاهي والمطاعم والأبناك. ويبقى السؤال المطروح هو ما السبيل للحدّ من هذه الظاهرة التي تسيء لصورة الإنسان أوّلا، وإلى سمعة مدينة أكادير كوجهة سياحية؟ وهل المقاربة الأمنية والزجرية كفيلة لوحدها للقضاء على هذه الظاهرة التي صارت تعرفها المدينة وبكثرة في السنين الأخيرة، أم لابد من مقاربات أخرى اجتماعية ونفسية وتربوية للحد من هذه الظاهرة التي تفد يوميا على أكادير من مدن مجاورة؟
لقد آن الأوان لكي تتدخل كل القطاعات الحكومية ومعها جمعيات المجتمع المدني للقضاء على هذه الظاهرة، بتفعيل المصالحة بين المتشرد وعائلته، وإرجاع الأطفال إناثا وذكورا إلى أسرهم، والقضاء على الهدر المدرسي، وإعمال المقاربة الزجرية في حق من يحترف التسول أو يحرض عليه لكون هذه الظاهرة قد جلبت إليها العديد من الشباب ممن ألفوا جني المال بسهولة عبر الإستجداء اليومي في شكل النصب والاحتيال على المارة بخلق مبررات كاذبة، وحماية الحق في الحياة وصون كرامة هذه الفئات، التي تموت إنسانيتها فيها في كل لحظة، لاسيما في زمن البرد.


الكاتب : عبد اللطيف الكامل

  

بتاريخ : 09/01/2024