وفاة عازفة القانون سعاد شوقي

 

كانت الحاجّة السعدية نصيح المعروفة فنيا بسعاد شوقي، الطالبة بالمعهد الموسيقي في تلك الستينيات البعيدة تدْرسُ في قسم قريب من الفصْل الذي يُدرّس فيه الحاج شوقي، ولاحقا سيصير أستاذَها في المعهد، وعلى إيقاعات أصوات الآلات الموسيقية تطوّرت العلاقة بيْن الأستاذ وطالبته، وصارتْ حُبّا، ثمّ زواجا، ومنذ ذلك الوقت تزوّجَ الزوجان بالموسيقى، زواجا كاثوليكيا، فشكّلا ثٌنائيا ناجحا، وفريداً من نوعه، وجالوا العالم بأسره، ولم يكونا يفترقان.
الفنانة سعاد شوقي، إبنة درب كرلوطي زنقة 35 بدرب السلطان في الدار البيضاء سنوات السبعينات هي وزوجها المرحوم بنسليمان شوقي، أستاذ الة العود، درست السولفيجَ على أيدي أساتذة فرنسيين، والعزفَ على يدي الأستاذين بوبكر الطالبي والمرحوم المكي فريفرة، والمقاماتِ العربيةَ على يدي زوجها أحمد شوقي، قبل أن تتخرَّج من المعهد البلدي، شارع باريس بالدار البيضاء في تخصُّص آلة القانون، وكانت بذلك أولَ مغربية تتخرَّجُ من معهدٍ كهذا، في وقتٍ كان ذلك حكْراً على الذكور؛ بسبب تقاليد المجتمع المغربي المُحافِظ، وطبيعة النظرة إبّانئذٍ إلى المرأة ودورها في الحياة. وقد حصلت سُعاد على الجائزة الأولى في العزْف على القانون بعد ذلك، ونتذكّر جميعاً تلك التقاسيمَ الرائعة على آلة القانون التي كانت تُشَنِّف بها أسماعنا، قبَيْل أذان صلاة المغرب خلال رمضان الكريم، عبر شاشة التلفزة المغربية. إن الفنانة شكلت، في حقيقة الأمر، بمعيّة زوجها الراحل«ثنائياً رائعاً لإحياء التراث الموسيقي العربي، بتقديمهما لأنماط موسيقية؛ من سماعيات ولونغات وبشارف وارتجالات، على شكْل تقاسيمَ على آلتيِ العود والقانون، وبعض المعزوفات من التخت العربي القديم، ومعزوفات لكبار الفنانين العرب؛ أمثال: محمد عبد الوهاب، ورياض السنباطي، وزكريا أحمد، ومحمد القصبجي».
تجربتها لقيتْ نجاحا وصدى كبيريْن، وحينَ رحَل أحمد بنسليمان شوقي إلى دار البقاء جلسَ الابن إلى جانب والدته في مكان الأب الراحل، وإنْ كانَ مُدركا، إدراكا يقينيّا، أنّه لن يُعوّضه، فالحاجّ كان أستاذا لعلْم الموسيقى معروفا، وعلى يديْه تتلمّذ عدد من الفنانين المغاربة الكبار، أمثال الراحليْن إبراهيم العلمي، ومحمد فويتح وعازف العود المعروف الحاج يونس.
أوْرَث هذا الثنائي حُبَّ الموسيقى لعَقِبِهما، ولاسيما لابنهما محمد شوقي الذي يشتغل أستاذاً لآلة العود، كما كان أبوه رحمه الله تماماً، وسبق له أن حاز، عامَ 1993، جائزة «العود الذهبي» بمدينة المحمدية.


الكاتب : عزيز مفضال

  

بتاريخ : 26/06/2023