ياسين بونو.. «حارس العرين» الذين قهر مدفعيات العالم

بات الحارس العملاق ياسين بونو أول حارس إفريقي يحافظ على نظافة شباكه في ثلاث مباريات في نسخة واحدة من نهائيات كأس العالم لكرة القدم، بعد العبور التاريخي لـ»أسود الاطلس» الى نصف نهائي مونديال قطر 2022 بالفوز المدوي 1-0 على البرتغال السبت.
ويتصدر حارس مرمى إشبيلية الإسباني قائمة افضل حارس في كأس العالم قطر 2022. ووفقا لموقع «سوفا سكور»، فإن ياسين بونو يعتبر أقل حارس تلقيا للأهداف حتى الآن في كأس العالم. ذلك أن الفرق بينه وبين منافسيه (التونسي أيمن دحمان والبرازيلي أليسون بيكر) هو أن حامي عرين أسود الأطلس تلقى هدفا واحدا فقط من نيران صديقة، كما تصدى لضربتي ترجيحتين امام إسبانيا في دور الثمن، وكان الورقة الرابحة للمدرب «وليد الركراكي» في دور الربع حين صد هجمات نجوم البرتغال بمن فيهم رونالدو، ما يجعله الحارس الأفضل في المونديال حتى الآن.
لقد استطاع أن يصنع التاريخ مع زملائه بوصول المغرب للمرة الأولى، عربيا وإفريقيا، إلى الدور نصف النهائي. وقد ولد حارس العرين في عام 1991 في مونتريال الكندية لأبوين مغربيين ينحدران من مدينة فاس. والده مهندس دولة اشتغل قبل انتقاله إلى كندا أستاذا في المدرسة الحسنية للأشغال العمومية.
عاد ياسين بونو مع أسرته إلى المغرب في طفولته، واستقروا في منطقة مرس السلطان بمدينة الدار البيضاء، أكبر مدن المغرب، وهناك بدأت رحلته الرياضية.
وقد ظهر شغف الرياضي بكرة القدم منذ صغره، حين كان يمارسها مع أصدقاء حيّه، فسجله والده في مدرسة نادي الوداد الرياضي المغربي لكرة القدم في مدينة الدار البيضاء، وهو في عمر 8 سنوات.
بعد ذلك بسنتين شارك في مسابقة «كأس الدار البيضاء». وبفضل ردود أفعاله السريعة، وقامته الطويلة مقارنة بزملائه في الفريق، وضعه مدرّب الفريق في مركز حراسة المرمى. ومنذ تلك اللحظة، شرع الطفل بونو في شق طريق مستقبله في عالم كرة القدم، فبدأ يشاهد بانتظام مقاطع فيديو لكبار حرّاس المرمى العالميين، مثل: الإيطالي جانلويجي بوفون، والهولندي إدوين فان دير سار. وهكذا، تدرّج في كل الفئات العمرية للفريق الأحمر، حتى وصل إلى الفريق الأول، بالتزامن مع دراسته الأكاديمية في مدارس مدينة الدار البيضاء.
في موسم 2010/2009 التحق بونو بالفريق الأول لنادي الوداد الرياضي المغربي، وكان عمره 19 عامًا، بصفة حارس مرمى ثانيا خلف نادر لمياغري الذي كان الحارس الأول للفريق البيضاوي حينئذ. وظل بونو حبيس مقاعد البدلاء طوال مباريات الموسم. غير أنه سيخوض مباراته الأولى مع فريق الوداد الرياضي أمام 80 ألف مشجع في 12 نونبر سنة 2011، وكان ذلك آنذاك في مباراة العودة لنهائي دوري أبطال أفريقيا في ملعب رادس، ضد الترجي التونسي، وذلك بعد إصابة الحارس الأساسي للفريق نادر لمياغري، حيث انهزم الفريق الأحمر بهدف لصفر.
وفي 21 نونبر 2011، لعب بونو أول مباراة له في بطولة الدوري الاحترافي في المغرب ضد نادي الدفاع الحسني الجديدي، واستقبلت شباكه الهدف الوحيد في المباراة. ثم شارك في 8 مباريات بالدوري، قبل أن يعود الحارس لمياغري من إصابته ليستأنف رسميته من جديد.
ومع نهاية الموسم الكروي في يونيو 2012 انتهى عقد بونو مع فريق الوداد الذي حلّ ثالثا في سلم الترتيب في ذلك الموسم، مما دفع بونو إلى البحث عن وجهة أخرى بغية تغيير الأجواء والاحتراف في أوروبا.
في 15 يونيو 2012، وقّع بونو عقدا لمدة عام واحد مع نادي أتلتيكو مدريد الإسباني، مقابل مبلغ 360 ألف يورو، مع خيار عامين إضافيين، بصفته حارسا ثالثا خلف تيبو كورتوا، ودانييل أرانزوبيا، علمًا بأن راتبه مع الفريق الإسباني أقل من راتبه في ناديه السابق.
ولعب بونو أغلب مبارياته في الفريق الرديف لنادي أتلتيكو مدريد الذي يلعب في الدرجة الثالثة، وخاض في موسمه الأول مع الفريق الإسباني 24 مباراة بدوري الدرجة الثالثة؛ لكنه قضى معظم وقته على مقاعد البدلاء في الفريق الأول، ليكون مستعدا في حالة إصابة أحد الحارسين.
وتمكن الفريق الأول لأتلتيكو مدريد من الفوز بالبطولة الإسبانية موسم 2014/2013، والوصول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا تحت قيادة دييغو سيميوني يوم 24 ماي 2014، ضد نادي ريال مدريد، وهي المباراة التي جلس فيها ياسين بونو على مقاعد البدلاء لمدة 90 دقيقة.
غادر تيبو كورتوا ودانييل أرانزوبيا نادي أتلتيكو مدريد خلال فترة الانتقالات الصيفية لعام 2014، وصعد ياسين بونو إلى الفريق الأول حارس مرمى ثانيا بعد الحارس يان أوبلاك، لكنه لم ينل فرصة اللعب مع الفريق، الأمر الذي أثار استياءه وطالب فريقه بالرحيل إلى فريق يوفر له فرصة اللعب حارسا رسميا، لا سيما بعد المستويات العالية التي قدمها في الفريق الرديف، مما جعل عددا من الأندية الإسبانية التي تلعب في دوري الدرجة الثانية ترغب في ضمه والاستفادة من خدماته، مما أدى بفريقه إلى إعارته إلى نادي ريال سرقسطة الإسباني، خلال الموسمين الكرويين 2014-2015 و2015-2016، وخاض في كل مرة ما يقارب 20 مباراة في دوري الدرجة الثانية الإسباني.
بعدها، انتقل ياسين بونو إلى نادي «جيرونا الإسباني» (Girona FC) في 12 يوليوز 2016، إذ وقع عقدا مدته 3 سنوات، ولعب بونو دورا كبيرا في صعود النادي إلى دوري الدرجة الأولى «الليغا» بعد 87 عاما على تأسيسه.
وبعد انتهاء عقد ياسين بونو مع نادي جيرونا سنة 2019، أُعير إلى نادي إشبيلية لمدة موسم واحد مع خيار شراء عقده، وذلك في الثاني من شتنبر 2019، ليلعب بصفة حارس ثان للفريق بعد الحارس الأساسي التشيكي توماش فاكليك.
وعندما أصيب فاكليك في منتصف موسم 2019-2020، أتيحت الفرصة كاملة أمام ياسين بونو للعب حارسا أساسيا للفريق في ما تبقى من مباريات الجزء الثاني من الموسم، حيث أنهى موسمه الأول مع نادي إشبيلية في المركز الرابع في «الليغا»، الأمر الذي أتاح له فرصة اللعب في دوري أبطال أوروبا موسم 2020-2021.
وفي الرابع من شتنبر 2020 اشترى نادي إشبيلية عقد بونو مقابل 4 ملايين يورو، ثم تم تمديد العقد حتى يونيو 2025 مع زيادة الراتب، وذلك بعد المستويات الكبرى التي بات الحارس الدولي المغربي يقدمها برفقة النادي الأندلسي.
وفي فبراير 2021، دخل بونو تاريخ النادي الأندلسي بعدما حافظ على نظافة شباكه لمدة 528 دقيقة في الدوري الإسباني، متجاوزا الرقم القياسي الذي كان بحوزة الحارس البرتغالي بيتو بـ516 دقيقة، خلال موسم في 2015/2014.
إلى ذلك، خاض ياسين بونو عدة مباريات دولية مع مختلف الفئات العمرية للمنتخب المغربي في الفترة بين 2011 و2012، وشارك في دورة الألعاب الأولمبية سنة 2012 في لندن مع المنتخب الأولمبي المغربي.
وفي نوفمبر 2012، استدعي لأول مرة إلى المنتخب الوطني المغربي الأول لكرة القدم، من طرف المدرب رشيد الطاوسي، للمشاركة في مباراة يوم 14 نونبر 2012 ضد منتخب الطوغو، لكنه ظل على مقاعد البدلاء. ومع ذلك، ورغم الإغراء الذي تعرض له من طرف المدرب الكندي بينيتو فلورو الذي اتصل به لتمثيل منتخب كندا، لم يرضخ «الحارس بونو» الذي قال في تصريحات صحافية «كان حلمي دائما أن ألعب للمغرب، لقد لعبت في جميع الفئات العمرية للمنتخب المغربي، وكان من الطبيعي أن أحلم باللعب لأسود الأطلس».
لعب بونو أول مباراة له مع المنتخب المغربي يوم 14 غشت 2013 ضد منتخب بوركينا فاسو على ملعب ابن بطوطة في مدينة طنجة، وكانت مباراة وديّة خسرها أسود الأطلس بنتيجة 1-2. ثم توالت بعدها مشاركات بونو مع الأسود في عدة منافسات، فخاض معه 3 نسخ من مسابقة كأس أمم أفريقيا في الأعوام 2017 و2019 و2022، ونسختين من كأس العالم في عامي 2018 و2022.
لقد أصبح بونو هو الحارس الرسمي للمنتخب المغربي لكرة القدم، بل أصبح رقما كبيرا في معادلة فوز الأسود الذين أبهروا العالم بمستواهم العالي، تقنيا وتاكتيكيا. وها هو حارس العرين يقدم مستويات باهرة وغير مسبوقة، أبرزها المساهمة الكبيرة في التأهل إلى النصف النهائي من مسابقة كأس العالم 2022.
لقد تألق الحارس بونو ضد البرتغال، وأبعد تسديدة قوية بيد واحدة لجواو فيليكس إلى ركنية (82)، ثم تصدى لتسديدة قوية لكريستيانو رونالدو من خارج المنطقة (90+1) حارما السيليساو من معادلة النتيجة ليأمن العبور التاريخي للمغرب.

 

«أوليات» ياسين بونو

Portugal’s forward #07 Cristiano Ronaldo reacts beside Morocco’s goalkeeper #01 Yassine Bounou during the Qatar 2022 World Cup quarter-final football match between Morocco and Portugal at the Al-Thumama Stadium in Doha on December 10, 2022. (Photo by Alberto PIZZOLI / AFP)

أول حارس مرمى عربي يفوز بلقب الدوري الأوروبي.
أول حارس مرمى عربي وأفريقي يسجل هدفا في الدوريات الخمسة الكبرى.
أول حارس مرمى عربي يرشّح لجائزة مجلة فرانس فوتبول لأفضل حارس في العالم.
أول حارس مرمى في تاريخ نادي إشبيلية الإسباني يسجل هدفا في الدوري الإسباني «الليغا».
أول حارس مرمى في تاريخ نادي إشبيلية الإسباني يفوز بجائزة زامورا.
أكثر حارس مرمى إسهاما في صناعة الأهداف في الدوري الإسباني في القرن الـ21 برصيد 3 أهداف.
أكثر حارس مرمى حفاظا على نظافة شباكه سنة 2021 مع نادي إشبيلية الإسباني لمدة 557 دقيقة.
أكثر حارس مرمى حفاظا على نظافة شباكه في أوروبا سنة 2021 في 32 مباراة.


الكاتب : الاتحاد وكالات

  

بتاريخ : 12/12/2022