يشكل دوامها عاملا حاسما لعدم إفراغ الدواوير من قاطنيها : ساكنة جماعات قروية بإقليم تارودانت تواصل حصاد زراعتها المعيشية في انتظار مواسم أفضل

« لقد أنهى الناس أشغال حصاد ما جاد به الموسم الفلاحي الحالي من خيرات ، رغم عدم كفاية الأمطار وعدم انتظام هطولها. لكن الحمد لله ، فقد اعتاد سكان هذه المنطقة على مثل هذه الظروف المتسمة ، في الغالب ، بالقساوة وتعدد المشاق «… بهذه العبارات يمكن أن نلخص ارتسامات عدد من أبناء جماعات قروية محسوبة ترابيا على دائرة إيغرم بإقليم تارودانت ، حول ما تعيشه المنطقة هذه الأيام من أجواء موسم «حصاد» تشكل مؤشرات أولى على أن حلول موسم الصيف بات وشيكا ، خصوصا في ظل تزايد ارتفاع درجة الحرارة.
أجواء لا تحيل على المعطيات الرقمية المتفائلة الصادرة ، مؤخرا ، عن الوزارة الوصية على القطاع الفلاحي بشأن توقعات المردودية العامة في أكثر من جهة ، والتي تؤشر على ترقب « موسم حبوب جيد جدا بإنتاج بقيمة 98 مليون قنطار»، ما يصنفه ضمن» أفضل المواسم في السنوات العشر الماضية «، بقدر ما تشكل عنوانا لزراعة معيشية بسيطة يساعد محصولها – إن كان جيدا – في التخفيف من وطأة مصاريف المعيش اليومي على غالبية الأسر الني تعاني الهشاشة بكافة تجلياتها.
زراعة تقليدية ، في تمظهراتها العامة ، خاصة بالدواوير الجبلية أو ذات التضاريس الوعرة ، «حيث من العسير استعمال آليات حديثة ،سواء أثناء عملية الحرث أو الحصاد ، كالجرار مثلا ، ليبقى الاعتماد على المجهود البدني للسكان ، من نساء ورجال ، من مختلف الأعمار ، اللبنة الأساس لإنجاز الأعمال / الأشغال الفلاحية « يصرح بعض أبناء جماعة إيماون القروية ، لافتين إلى أن « استمرار النشاط الفلاحي بهذه الربوع ، تعلق الأمر بجماعتهم الترابية أو بغيرها من الجماعات المؤثثة لجغرافية المنطقة، يعد أمرا حاسما ومصيريا لضمان بقاء السكان بدواويرهم وعدم التفكير في الهجرة ، بما تعنيه هذه الخطوة من انعكاسات سلبية متعددة الأوجه» ، محيلين ، بهذا الخصوص ، على «التراجع المقلق لأعداد الأسر المتواجدة في أكثر من دوار ، وذلك نتيجة المغادرة النهائية – منذ سنوات – صوب العديد من المدن أو خارج البلاد ، بحثا عن أفق أرحب يضمن مصدرا قارا للكسب بمقدوره تلبية الحاجيات المتزايدة للأبناء والآباء / الأمهات البالغين من العمر عتيا «.
وبخصوص المعطى الأخير، تجب الإشارة إلى أن العديد من المنازل، في مجموعة من الجماعات القروية بالمنطقة ، أضحت عبارة عن «أطلال» بعد أن غادرها أصحابها بغير رجعة ، لتحولها «ضربات « التقلبات الجوية العاصفية إلى خراب يثير الأسى والحزن في النفوس. وتفاديا لاتساع دائرة «انقراض الأبنية الأصيلة «، مع ما تؤشر عليه «الظاهرة « من تهديد للذاكرة الجماعية بالمحو ، يشدد بعض المنحدرين من جماعات تابعة لدائرة إيغرم ، على «أهمية واستعجالية دعم الجهات المسؤولة للأنشطة الفلاحية المعيشية الممارسة من قبل الأهالي ، كتربية الماشية « أبقار ، أغنام ، ماعز..» ، من خلال توفير الاعلاف اللازمة ، خاصة وأن عدم انتظام التساقطات المطرية يحول دون توفير ما ينبغي من حشائش وأعشاب تشكل «أعلافا طبيعية» تجعل الماشية في مأمن من الهزال أو الأمراض المختلفة «، وبالتالي «جعل قاطني المنطقة يحسون بوجود من يسندهم في معركة البقاء والوفاء لتراث الأجداد غير المقدر بثمن «.


الكاتب : حميد بنواحمان

  

بتاريخ : 01/06/2021