يشكّل أحد أبرز تحديات المجلس الجماعي الجديد : متى يتم تفعيل مضامين القانون التنظيمي 113.14 وتحرير أرصفة الدارالبيضاء؟

لم يعد ممكنا للراجلين في الدارالبيضاء السير على أرصفة مدينتهم بكل حرية وأمن وسلامة، وتتعاظم حدّة هذا المشكل وتصبح أكثر صعوبة بالنسبة للمعاقين الذين لا بد لهم من كراس متحركة للتنقل، الذين يجدون إكراهات شتى وعراقيل عدّة تعترض سبيلهم، مما يدفعهم إلى النزول إلى الشارع والسير بمحاذاة مختلف وسائل النقل من سيارات وشاحنات ودراجات نارية وعربات مجرورة وغيرها، الأمر الذي قد يعرض سلامتهم البدنية للخطر، بل وقد يهدد حياتهم.
إشكالية بات الجميع يعيشها ويعاني منها ومن تبعاتها، سواء الذي يسير على قدميه، أو من يستعين بعكاز، تعلّق الأمر برجل شاب أو كهل أو امرأة تدفع أمامها عربة تحتضن رضيعا، فضلا عن الأطفال الصغار، فالكل في الهمّ سواء، يصعدون الرصيف تارة وينزلون للشارع تارة أخرى، الجميع يجدون أنفسهم بين مطرقة الأشغال ووسائل النقل وسندان الاحتلال، الذي يتخذ أشكالا مختلفة، إما على شكل حفر، أو بالوعات مفتوحة، أو أعمدة كهربائية هنا وهناك، أو تجهيزات للربط الهاتفي أو غيرها، فقد تعددت أشكال «الاحتلال» والعرقلة واحدة.
فوضى تعيشها المدينة، في أحيائها الراقية والشعبية، بسبب «عدم تفعيل القوانين المؤطرة لاستغلال الملك العام، ولغياب كل أشكال المراقبة والتتبع للأشغال التي تقوم بها عدد من المقاولات، وافتقاد كل معنى للمسؤولية»، وفقا لتأكيدات العديد من المواطنين الذين ضاقوا ذرعا بما تعيشه مدينتهم، التي لا تربطها ببعض المسيرين رابطة «الانتماء»، رغم وجود النصوص القانونية التي تمكّن من احترام تدبير الرصيف وحمايته من كل شطط.
وضعية عاشتها العاصمة الاقتصادية طوال سنوات، واليوم يعود النقاش بشأنها وبقوة مع تغيير التركيبة الجماعية، ويدعو العديد من الفاعلين والمتتبعين للشأن المحلي لكي تشكّل هذه النقطة إحدى أولويات المجلس الجديد، الذي ما عليه سوى أن يقوم بتنزيل مقتضيات القانون التنظيمي 113.14، الذي تؤكد مادته 77 على أنه «يناط بالجماعة داخل دائرتها الترابية مهام تقديم خدمات القرب للمواطنات والمواطنين في إطار الاختصاصات المسندة إليها بموجب هذا القانون التنظيمي، وذلك بتنظيمها وتنسيقها وتتبعها. ولهذه الغاية، تمارس الجماعة اختصاصات ذاتية، واختصاصات مشتركة مع الدولة، واختصاصات منقولة إليها من هذه الأخيرة»، مشيرة إلى أن «الاختصاصات الذاتية تشتمل على الاختصاصات الموكولة للجماعة في مجال معين بما يمكنها من القيام، في حدود مواردها، وداخل دائرتها الترابية، بالأعمال الخاصة بهذا المجال، ولا سيما التخطيط والبرمجة والإنجاز والتدبير والصيانة».
تدبير وصيانة، نجدهما في روح المادة 83 من الفصل الثاني من القسم الثاني المتعلق باختصاصات الجماعة، والمادة 87 من الباب الثالث، إلى جانب المادة 94 من الباب الثاني التي تتعلق باختصاصات رئيس مجلس الجماعة والتي من بين ما تؤكد عليه «تدبير رئيس الجماعة لأملاكها والحفاظ عليها، واتخاذه للإجراءات اللازمة لتدبير الملك العمومي، ومنح رخص الاستغلال المؤقت طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل…» إلى جانب المادة 100 التي تنص على أن «رئيس مجلس الجماعة يمارس صلاحيات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية والصحة والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور، وذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية وبواسطة تدابير شرطة فردية تتمثل في الإذن أو الأمر أو المنع». صلاحيات تتوزع مابين «السهر على احترام شروط نظافة المساكن والطرق وتطهير قنوات الصرف الصحي وزجر إيداع النفايات بالوسط السكني والتخلص منها، واتخاذ التدابير الرامية إلى ضمان سلامة المرور في الطرق العمومية وتنظيفها وإنارتها، ورفع معرقلات السير عنها، وإتلاف البنايات الآيلة للسقوط أو الخراب، وتنظيم السير والجولان والوقوف بالطرقات العمومية والمحافظة على سلامة المرور بها…» وغيرها كثير من الإمكانيات المجمّدة، التي يتم استعمال بعضها في حالات ويُتغاضى عنها في أخرى!
أرصفة ظلت تشكل خطرا مهددا لسلامة الراجلين منذ سنوات، المحتلة والمشوّهة كما الحديثة منها، ويكفي القيام بزيارة خاطفة لـ «البرانس» للوقوف على كمّ الحوادث اليومية التي تقع هناك، بسبب تعثر العديد من المواطنات والمواطنين أثناء تنقلهم، جراء «الانحناءات» و«الملتويات» التي تم القيام بها، في غياب أية علامات للتشوير والانتباه، إذ يجد العديد من الأشخاص، خاصة كبار السن، صعوبات في الانتباه إليها فيقعون في نهاية المطاف أرضا، أو يصطدمون بيافطة إشهارية مستواها منحدر بشكل «قياسي» تم نصبها بكيفية من الكيفيات، بعيدا عن الحرص على تطبيق «تحمّلات» خاصة من أجل سلامة المارة، وهي الملاحظة التي يمكن التأكد منها في قلب المعاريف على بعد أمتار من «التوأم» على مقربة من «السوق المركزي» وغير بعيد عن مقر المقاطعة، والتي لا تشكل إلا نموذجا من نماذج كثيرة لاختلالات في تدبير الشأن العام بعاصمة المال والأعمال؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 05/10/2021