يضاعف معاناة الـ «البدون» ويكشف قساوة أوضاع «الساكنة الجبلية» .. اشتداد البرودة يسائل نجاعة «الحماية الاجتماعية» ويعيد سؤال «العدالة المجالية» إلى الواجهة؟

«تتوقع المديرية العامة للأرصاد الجوية، أن تكون الأجواء باردة… مع نزول زخات مطرية… كما سيسجل تساقط ثلوج فوق المرتفعات الجبلية… وسيتسم هبوب الرياح بالقوة… في وقت ستعرف درجات الحرارة الدنيا انخفاضا…».
منذ أيام باتت النشرات الجوية اليومية، ذات اللون البرتقالي ، تتسم بـ «حمولة باردة» معلنة عن حلول «موسم الصقيع» وما يؤشر عليه من متغيرات تستوجب اتخاذ احتياطات استثنائية – سواء بشكل فردي أو جماعي – وذلك تجنبا لما يمكن أن ينجم من نتائج قاتمة، جراء التهاون وعدم التعاطي مع «المستجدات المناخية» بالمسؤولية والجدية اللازمتين.
مؤشرات برودة وصقيع تجعل المتابع لـ «أحوال المجتمع»، يستحضر – بغير قليل من الأسى – أوضاع مواطنين، من مختلف الأعمار ومن الجنسين، وجدوا أنفسهم، على حين غرة، ولأسباب اقتصادية، اجتماعية، نفسية…، عرضة للتشرد والضياع بشوارع وأزقة وفضاءات ..أكثر من مدينة أو بلدة على امتداد الجهات الـ 12 للبلاد.
وضعية فئة هؤلاء الـ «بدون»، والتي لا يتوقف تزايد أعداد المنضمين إليها «قسرا»، تسائل مدى نجاعة تدخلات الجهات المؤتمنة، محليا، جهويا ومركزيا ، على تنزيل مخططات «الحماية الاجتماعية» واقعيا، والتي لا ينبغي أن تبقى حبيسة الطابع الموسمي، المحددة آثاره زمنيا ومكانيا، خاصة في ظل موجة الغلاء التي طالت أثمان مختلف المواد الأساسية للمعيش اليومي، والتي تنذر باحتمال «سقوط» العشرات من الأسر – في المستقبل القريب – في «مخالب» الهشاشة، وما تعنيه من عجز عن الوفاء بالعديد من الالتزامات الضرورية، كما هو شأن أداء واجب كراء المسكن مثلا، وما يعنيه من إفراغ اضطراري يقود إلى الشارع ومجهوله المرعب؟
وارتباطا بإكراهات «موسم الصقيع»، دائما، تعود إلى الواجهة معاناة ساكنة المناطق الجبلية – النائية، والتي تزداد قساوة كلما تساقطت الثلوج أو تهاطلت الأمطاربغزارة، حيث كثيرا ما تتعطل المسالك والطرقات، ويتضرر بعضها لدرجة يصبح المرور عبرها مستعصيا.
متغيرات قاسية، اعتاد المتتبع سماع أخبار- في مثل هذه الفترة من الموسم – تفيد بانعقاد اجتماعات بمقرات عدد من الأقاليم والعمالات ذات النفوذ الترابي الجبلي، في أفق «وضع خطط استباقية» تتغيا حماية الساكنة المحلية من «ضربات البرد» المؤلمة، وضمان «التدخل اللازم والسريع» لإسعاف الحالات المستعجلة من قبيل: نساء تتزامن مواعيد وضع مواليدهن مع فصل البرودة، حوادث سير دموية، طوارئ صحية تعجز «مسكنات» مستوصفات القرب، بهذه البلدة أو تلك، عن توفير الوصفة العلاجية الشافية لها…
خلاصة القول، إنها فترة زمنية تتميز بـ «الاستثناء»، الذي كثيرا ما يرتدي – للأسف الشديد – لبوس القسوة، وذلك في ظل «غياب» تنزيل ناجع لبرامج «الحماية الاجتماعية» المنادى بها رسميا، والذي من شأنه الحد من التداعيات الثقيلة لمعضلة «الهشاشة الاجتماعية»، والتي ازدادت «جغرافيتها» اتساعا ، مؤخرا، تحت وطأة جائحة كوفيد، إلى جانب تعثر تحقيق حلم «عدالة مجالية « كفيلة بإنصاف ساكنة المناطق الجبلية، كما بشرت بذلك مخرجات النموذج التنموي الجديد؟


الكاتب : حميد بنواحمان

  

بتاريخ : 13/12/2022