• سعيد بعزيز: الهدف الأساسي من وراء هذه الملاءمة، أي للقانون الوطني مع هذه المواثيق الدولية، يكمن في كونها محطة أساسية لإرساء آلية من آليات مكافحة الفساد في المغرب

• كل ما سبق ذكره ينضاف إلى عملنا المستمر، على جعل بلادنا «جنة» أو «ملاذا آمنا» لكل العاملين في المجال
• من شأن القانون الجديد أن يكرس لثقافة محاربة كل ما يتعلق بعمليات تبييض الأموال، جريمة لا تتوقف عند حدود الاقتصاد الوطني
• إن مقترح قانون «إحداث هيئة قضايا الدولة» بغية حماية المال العام، يعبر عن منطلق حزبنا القائم
على تعزيز الترفع الاجتماعي بصفته الطريق الأمثل للوصول إلى الدولة القوية والعادلة ولقيام مجتمع حداثي ومتضامن

 

شارك الفريق الاشتراكي بالبرلمان، عبر ممثله النائب سعيد بعزيز، في المناقشة العامة لكل من قانون 12-18 لتغيير مجموعة القانون الاجتماعي، وكذلك مشروع قانون رقم 43-05 لمكافحة غسيل الأموال، حيث أكد سعيد بعزيز، باسم الفريق الاشتراكي، بداية، بأن مشروع القانون هذا، قد جاء في سياقات عدة أبرزها المبدأ الدستوري المتعلق بملاءمة القوانين الوطنية للمعاهدات والمواثيق الدولية التي صادقت عليها مملكتنا، ناهيك عن التزامتنا داخل مجموعة العمل المالي باعتبار المغرب فاعلا أساسيا داخل المجموعة.
ويعقب سعيد بعزيز بأن الهدف الأساسي من وراء هذه الملاءمة، أي للقانون الوطني مع هذه المواثيق الدولية لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يكمن في كونها محطة أساسية لإرساء آلية قوية من آليات مكافحة الفساد في المغرب، والهدف منها هو تفادي تصنيف بلادنا في سياق الدول غير الملتزمة، وأيضا الخروج من المتابعة المعززة للحكومة المغربية، التي تم إقرارها مسبقا في أبريل 2019، لذلك فنحن اليوم في إطار الملاءمة مع التوصيات الدولية لنفس المجموعة، وفي السعي لإرساء آلية من آليات محاربة الفساد.
ويضيف نائب الفريق الاشتراكي، بأن كل ما سبق ذكره ينضاف إلى عملنا المستمر، على جعل بلادنا “جنة” أو “ملاذا آمنا”، كما ذكر الوزير المعني لكل العاملين في المجال. من جهة أخرى، لا يمكنني القول بأن هذا القانون جاء متأخرا كما يروج عنه، لأنه منذ صدور قانون 43-05 في 17 أبريل 2017 إلى اليوم، وهو لا يزال يشهد على مجموعة من التعديلات، أولها كان في 20/01/2011 وليتبعه الثاني في 02/05/2013، وليكون آخر هذه التعديلات في 25/08/2016، تحديدا في القانون المتعلق ب”بورصة القيم والمرشدين في الاستثمار المالي”، والذي غير البند 9 من المادة 2 من قانون مكافحة غسل الأموال.
وبالتالي، يقول سعيد بعزيز، فإن هذا التسلسل الزمني يتماشى مع ملاءمتنا الوطنية مع المعايير الدولية في المجال، ولهذا لا يمكننا أن نتحدث عن أي تأخر من أي نوع، بل على العكس من ذلك فنحن نشيد اليوم بما قامت به وزارة العدل من مقاربة تشاركية في هذا الملف، وأن الخطوات الثابتة فيها أفضل من المقاربة الاستعجالية، التي كانت لتضعه في مرمى الانتقادات من كل جانب، غير أن النهج المتأني مكنه من العمل بالمقاربة التشاركية، ومنها تنظيم لقاءات مع هيئات مهنية عدة كالعدول – الموثقين – المحامون وغيرهم، وبتنسيق مع الأمانة العامة للحكومة، ووحدة معالجة المعاملات المالية وغيرها من الهيئات الحكومية.
يؤكد سعيد بعزيز، بأن القانون الجديد جاء بميزات جديدة، إذ لم يشمل هيئات قضائية أو عدلية محددة، بل تحرى أن يلمس مجموعة كبيرة من الجهات والفئات المهنية، متجها نحو الموظفين والهيئات المرتبطة والقطاع الخاص، زيادة على إضافة ضبط دائم لجرائم الأسواق المالية وضبط جريمة البيع بشكل هرمي (في إطار نظام اللائحة)، ترقية وحدة معالجة المعلومات المالية إلى هيئة وطنية، ومنه نرى أن على السيد الوزير الاشتغال على مرسوم “24 دجنبر 2008”، الذي أحدث هيئة المعالجة المالية، حيث يجب أن يتغير إلى نص تنظيمي بالنسبة للهيئة، سعيا إلى تكريس منظومة قانونية لمحاربة الفساد في بلادنا.
من شأن القانون الجديد، بحسب نائب الفريق الاشتراكي، أن يكرس ثقافة محاربة كل ما يتعلق بعمليات تبييض الأموال، جريمة لا تتوقف عند حدود الاقتصاد الوطني، بل تتعداه إلى تمويل الإرهاب وله بصمته في السياسة )تبييض الأموال في الانتخابات(، الذي يعتبرا نوعا من غسيل الأموال، ومنه فعلينا الانتباه إلى هذه المسألة، التي لها القدرة أن تؤثر سلبا على موازين القدرة لدى المؤسسات، وليكون علينا أن نعمل على الجانب المالي المرتبط بعمليات غسيل الأموال الذي يروج له داخل المجتمع، تزامنا مع عملنا على تطبيق “الشفافية المالية” في البنيتين الإدارية والمؤسساتية، ولحماية مبدأ المنافسة والعمل على دعم الاستثمارات الأجنبية وتحويل الأموال، وأخيرا حماية الاقتصاد الوطني.
وأشار سعيد بعزيز إلى رغبته على التأكيد للوزير، أن الحكومة المغربية يجب أن تتجاوب مع ما يقدم إليها من مقترحات (تحديدا من الفريق الاشتراكي)، لاسيما “مقترح الإطار غير المشروع”، مقترح لا يطبق على الموظفين فقط بل يشمل حتى غير الموظفين والآمرين بالصرف وغير الآمرين به، وفيه أيضا تضارب المصالح، معللا بأن المقترح متكامل مكون من 31 فصلا وليس كما جاء في مشروع القانون الجنائي “الفصل اليتيم” كما وصفه، وأن المقترح الاشتراكي ليس إلا منظومة قانونية متكاملة يجب أن يسلط عليها الضوء من طرف سيادتكم، وهي من مسؤوليات حكومتكم أيضا، ويجب أن يتفعل إن أردنا حقا محاربة الفساد.
ويعقب النائب الاشتراكي سعيد بعزيز في آخر كلامه، بأن نفس الشيء قد وقع (يقصد لامبالاة الحكومة تجاه مقترحات فريقه)، في مقترح قانون “إحداث هيئة قضايا الدولة” بغية حماية المال العام، يعبر عن منطلق حزبنا القائم على تعزيز الترفع الاجتماعي بصفته الطريق الأمثل للوصول الى الدولة القوية والعادلة ولقيام مجتمع حداثي ومتضامن، والذي لا يمكن أن تقوم دون تعزيز القوانين المحاربة للفساد بأنواعه، ومؤكدا بأن ما طرأ من تعديلات “لذلك الجزء من القانون الجنائي”، والتي تجزئ فيه (بسبب الالتزامات الدولية لدولتنا) أكثر من أن تحضره شاملا ومجمعا، بعيدا عن سحب الالتزام الذي مارسته جهات سياسية أخرى، والذي لم يترك لفريقنا الوقت الكافي لتقديم مقترحاته ذات بعد النظر للقانون، ومؤكدا بأن المسار الذي تسير فيه بلادنا وما قدمته القوى الحداثية والتقدمية، الاشتراكية والحقوقية، من أجل إرساء دولة الحق والقانون، جعلت من محاربة الفساد آلية محورية لتجاوز كل ما قد يظهر من أزمات مؤسساتية التي قد تسقط فيها بلادنا سواء الآن أو مستقبلا.


الكاتب : المهدي المقدمي

  

بتاريخ : 24/04/2021