10 آلاف شخص يفارقون الحياة «قبل الأوان» في المغرب كل سنة بسبب ضعف جودة الهواء

يرتقب صدور مرسوم جديد في الجريدة الرسمية لتعزيز آليات الحماية وتحسين سبل دراسته

أكد الدكتور رشيد وهابي أن 10 آلاف شخص يفارقون الحياة «قبل الأوان» خلال السنوات الأخيرة في المغرب بسبب ضعف جودة الهواء بالمحيط الخارجي، وهو ما يمثل 28 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة. وأبرز رئيس قسم صحة البيئة بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية في تصريح لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن منظمة الصحة العالمية قد دقّت ناقوس الخطر بشأن المخاطر الصحية المترتبة عن تغير المناخ وتلوث الهواء والموارد المائية، مبرزة أنه يتم تسجيل حوالي 10 مليون حالة وفاة في السنة بسبب أزمة المناخ، ومؤكدة على أن 90 في المئة من مدن العالم يعتبر الهواء بها غير مطابق لمعيار أساسي يدلّ على جودة الهواء من عدمه.
وأوضح الخبير الصحي أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية أجرت دراسة في 2019 بالاعتماد على نظام إلكتروني، يمكّن من التوصل إلى معطيات أقرب للواقع تبرز حجم التلوث بالجزيئات الصغيرة في الفضاءات الخارجية أي خارج البنايات، كشفت أن عاملا لم يكن واردا في المرسوم المتعلق بالموضوع والمعمول به لقياس جودة الهواء، وهو المعروف بـ Pm 2.5 أي الجزيئات الصغيرة المنتشرة في الهواء التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرون، مبرزا أن الوزارة أقدمت على هذه الخطوة بالاعتماد على خلاصات دراسة سابقة أجرتها منظمة الصحة العالمية التي بينت أهمية هذا العامل بشكل كبير، بالنظر إلى أنه يؤثر على صحة الإنسان ويكون سببا في تسجيل عدد كبير من الوفيات عبر العالم بفعل تلوث جودة الهواء إذ يتصدر قائمة الملوثات البيئية كلها.
وبيّن الدكتور وهابي في تصريحه للجريدة على أن النتائج التي تم الوصول إليها بالاعتماد على النظام المعلوماتي، مكّنت من وضع تصور استباقي وتوقعي للمستقبل، يقوم على فرضيتين اثنتين ترتبطان بمدى انخراط كل القطاعات الحكومية والفاعلين من مختلف المواقع والأفراد وسائر المجتمع لمواجهة الاحتباس الحراري والعوامل المتسببة في تلوث الهواء والتأثير على جودته. الأولى تحتمل تحسين جودة الهواء أي مطابقته لهذا المعيار الوطني الذي كان موضوع الدراسة، وهو ما سيمكّن بحلول 2040 من تفادي تسجيل 100 ألف حالة وفاة، والثانية تشير إلى أنه في حالة ما إذا تم تكثيف الجهود بشكل قوي وكبير في أفق سنة 2030، فإنه سيمكن حماية 200 ألف شخص وتجنيبهم خطر الوفاة وبالتالي لن تكون هناك وفيات بسبب تلوث الهواء. وشدّد رئيس قسم صحة البيئة بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية على أنه يمكن أن يكون لعمل جماعي وضخم من هذا القبيل كلفة خلال التنزيل أي على المدى القصير، لأنه مرتبط بتغيير اختيارات اقتصادية معينة ومجموعة من التدابير الأخرى، لكنه سيحقق ربحا كبيرا وهاما على المستوى الطويل، من خلال تقليص نسب الإماتة والمراضة وتراجع معدلات الاستشفاء، وبالتالي عدم توقف العمل والإنتاجية مما سيضمن استمرارا للدورة الاقتصادية ويحقق ربحا كبيرا للمجتمع.
وأبرز المتحدث أن الدراسة بيّنت على ضرورة أن يتم إدراج عنصر Pm 2.5 ليصبح بذلك معيارا وطنيا يتم اعتماده في قياس جودة الهواء، وهو ما تم الوصول إليه بالفعل إذ يُنتظر صدور المرسوم الجديد المتضمن لذلك قريبا في الجريدة الرسمية، وهو ما يبين حجم الأهمية التي يتم إيلائها لهذا الموضوع. وجدير بالذكر أن الدراسة التي قامت بها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تمت بناء على المعطيات التي وفرتها مصالح وزارة البيئة التي تعمل على قياس جودة الهواء من خلال المحطات المخصصة لهذه الغاية بالإضافة إلى عمل الشركاء والمتدخلين الآخرين. وكانت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية قد أعلنت أول أمس الخميس 7 أبريل عن الاحتفال بيوم الصحة العالمي بدعم من مكتب منظمة الصحة العالمية بالمغرب، تحت شعار « كوكبنا، صحتنا… لنعمل جميعا من أجل هواء، ماء وغذاء صحي»، مبرزة أن الاحتفال بهذا اليوم خلال السنة الجارية يتم في سياق صحي عالمي متسم بتفشي جائحة كوفيد 19، وتصاعد الأمراض المرتبطة بالتدهور البيئي، وبالتالي فهو يهدف إلى تحسيس صناع القرار، من جهة، بأهمية توحيد وتنظيم عتبات تعرض الساكنة للمخاطر البيئية، ومن جهة ثانية، بالحاجة الملحة إلى إعادة التفكير في عالم يتمتع بهواء نظيف وماء وغذاء سليمين، وكذا مدن صالحة للعيش ومستدامة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 09/04/2022