12 ساعة من الخوف والرعب في العاصمة الغينية : تفاصيل عودة المنتخب الوطني إلى المغرب

بعد 12 ساعة من الخوف والهلع والرعب، نجحت اتصالات السلطات المغربية وتدخلات وزارة الخارجية في إجلاء طائرة المنتخب الوطني المغربي، التي كانت عالقة بالعاصمة الغينية، كوناكري، عقب الانقلاب العسكري، الذي أطاح أول أمس الأحد بالرئيس ألفا عمر كوندي،
والذي أعقبه حل المؤسسات وإعلان حالة الطوارئ في البلاد.
ووجدت بعثة المنتخب الوطني نفسها في وضع لا تحسد عليه، حيث طُلِب منها المكوث بالفندق وعدم مغادرته إلى حين هدوء الأوضاع، الأمر الذي أثار الرعب في صفوف الوفد المغربي، الذي لم يسبق له أن عاش وضعا مماثلا، بخلاف الناخب الوطني، وحيد خاليلوزيتش، الذي عاش تجربة مشابهةخلال الحرب اليوغسلافية في تسعينيات القرن الماضي.

شكرا جلالة الملك

بمجرد الوصول إلى مطار الرباط سلا في حدود الثانية عشر والنصف من ليلة الأحد – الاثنين، أجمع لاعبو المنتخب الوطني والطاقم التقني على الإشادة بالدور الكبير الذي قام به جلالة الملك محمد السادس من أجل تأمين عودة سالمة للوفد المغربي، حيث أسفرت اتصالات وتدخلات جلالته عن إعادة طائرة الفريق الوطني في ظرف لا يتعدى عشر ساعات، في وقت ظل فيه رعايا دول أخرى، كانوا يقيمون بنفس فندق المنتخب الوطني، حسب ما أفاد مصدر من داخل البعثة المغربية، ينتظرون رد سفارات بلدانهم، علما بأن منهم مواطنون ينتمون لدول كبرى.
وكانت السفارة المغربية بكوناكري على تواصل دائم بوفد المنتخب الوطني منذ وصوله إلى غينيا، وتكثفت طيلة يوم الأحد، حيث حرصت على الوقوف على كل التفاصيل، قبل أن تنجح الديبلوماسية المغربية في تأمين رحلة العودة.
وأضاف مصدرنا أن عناصر الفريق الوطني لم تتعرض لأي مضايقات في الفندق، الذي كان تحت مراقبة مشددة من طرف قوات الأمن الخاص، وعناصر الجيش الغيني التي انتشرت في الشوارع من أجل حفظ الأمن.

خوف ورعب كبيرين

في حدود التاسعة (بالتوقيت الغيني، الذي يوافق توقيت غرينيتش) من صباح الأحد، كان خبر الانقلاب العسكري حديث كافة أفراد البعثة المغربية، التي ربطت على الفور اتصالاتها بالجامعة الملكية المغربية من أجل إبلاغها بالأمر، لتتحرك الاتصالات على مختلف الأصعدة بغاية الوقوف على حقيقة الأمروتداعياته، خاصة وأن الفريق الوطني كان مقبلا على مواجهة خصمه الغيني يوم أمس الاثنين في حدود الخامسة عصرا، وكان اللاعبون يتأهبون لخوص حصتهم التدريبية الأخيرة بملعب لاسانا كونتي.
وبعدها مباشرة سيتلقى أفراد المنتخب الوطني، حسب ما أكده مصدرنا، تعليمات بالتزام الفندق وعدم المغادرة، خاصة وأن دوي إطلاق النار كان يتصاعد، وحالة الرعب تتزايد.
ورغم كل هذا، حرص الطاقم التقني الوطني على إبقاء الأمور تحت السيطرة، حيث تم عقد اجتماع مع اللاعبين في حدود الواحدة زوالا بالتوقيت المحلي. كما أن اللاعبين ربطوا أيضا اتصالاتهم بعائلاتهم من أجل طمأنتهم، خاصة وأن خبر الانقلاب العسكري جاب العالم.
وطيلة هذه الفترة، يضيف مصدرنا، لم يتوقف هاتف الناخب الوطني عن الرنين، حيث تلقى اتصالات من إعلاميي البوسنة واليابان وفرنسا وغيرها، أكد خلالها أن وفد المنتخب الوطني المغربي عالق بكوناكري، وأنه يجهل تفاصيل أكثر، لكن المعلومة التي تأكدت حينها هي أن المباراة لن تلعب في موعدها، وأنه يحتمل أن تنقل إلى المغرب، وهو أمر مستبعد بنظر مصدرنا، لأن فترة التوقف الدولي حاليا لا تسمح بذلك.
وموازاة مع ذلك، ربطت الأندية التي يمارس بها لاعبو المنتخب الوطني اتصالاتها مع الجامعة من أجل الوقوف على حقيقة الأمر، ومعرفة أحوال اللاعبين.

وأخيرا جاء الفرج

في حدود الرابعة من مساء الأحد بالتوقيت الغيني، تلقى الوفد المغربي اتصالا يؤكد بأن قرار العودة قد اتخذ، وأنه يتعين القيام ببعض الترتيبات لمغادرة التراب الغيني.
مباشرة بعدها أصبحت الحقائب جاهزة والجميع ينتظر الساعة صفر، سيما وأن الأمور كانت مفتوحة على كل الاحتمالات، بعد سيطرة العناصر الانقلابية على السلطة، واتخاذ قرارا بإعلان حالة الطوارئ وحل كافة المؤسسات الدستورية.
وضع مسؤولو الوفد المغربي برنامجا لرحلة العودة، حيث تقرر أن تعرج حافلة المنتخب الوطني من الفندق صوب مقر إقامة صحافيي قناة الرياضية بفندق متاخم للقصر الرئاسي، والذين عاشوا تفاصيل الأحداث عن قرب، كما تقرر أيضا التوجه نحو فندق إقامة طاقم الطائرة، وحكام ومندوب ومراقبي المباراة، ليصل عدد العائدين إلى حوالي 70 فردا.

هجوم على حافلة المنتخب الوطني

في رحلتها صوب مطار كوناكري تعرضت حافلة المنتخب الوطني لهجوم من طرف المئات من الغينيين، الذين اجتاحوا الشوارع، بعدما عمت الفوضى مباشرة بعد إعلان اعتقال الرئيس كوندي وسيطرة عناصر من الجيش على السلطة.
مشهد، يضيف مصدرنا، أثار ذعرا كبيرا في نفوس أفراد البعثة المغربية، حيث وضعت الأيدي على القلوب، خاصة وأن حالة الاضطراب التي تشهدها البلاد كانت كبيرة. لكن لحسن الحط لم يسفر هذا الحادث عن أي أضرار، لتشق الحافلة طريقها صوب المطار، الذي وصلته في حدود الثامنة ليلا.

سهولة في العبور

أكد مصدرنا أن البعثة المغربية، التي كانت مخفورة من طرف عناصر من الجيش الغيني، لم تعان من أي مشاكل بالمطار، حيث كانت التعليمات بتسهيل عملية العبور، وهو ما تم بالفعل.
وأضاف مصدرنا أن ربان الطائرة ومساعده مسؤول الصيانة قاموا بعمل جبار، حيث شغلوا محركات الطائرة في ظرف قياسي لا يتعدى 15 دقيقة، ليغادر الجميع، في حدود التاسعة بالتوقيت المحلي، مطار كوناكري بعد تجربة صعبة لم تكن على البال.
وفي الطائرة كانت الأجواء حماسية للغاية، حيث ردد اللاعبون وأفراد الطاقم التقني النشيد الوطني، وتعالت عبارات الشكر لجلالة الملك، الذي حرص بشكل شخصي على تأمين عودة الفريق الوطني سالما.


الكاتب : إبراهيم العماري

  

بتاريخ : 07/09/2021