23 تلميذا يعانون من الصمم وجدوا أنفسهم خارج الخريطة المدرسية بأنفا مع مطلع الموسم الدراسي الحالي

وضعية صدمت الأسر وطرحت تساؤلات بشأن تنزيل قوانين الإدماج ذات الصلة . .

 

 

وجدت 23 أسرة بيضاوية نفسها تعيش صدمة كبيرة مع مطلع الموسم الدراسي الحالي، بعد أن تم إقصاء فلذات أكبادها من استكمال دراستهم في المدرسة العمومية، ضدا على مضامين القانون الإطار 51.17 الذي يؤكد ،من خلال المشروع الثالث، على تطوير منظومة منصفة وناجحة للدعم الاجتماعي، ويشدد ، عبر المشروع الرابع ، على تمكين الأطفال في وضعية إعاقة أو وضعيات خاصة من التمدرس. أسر يعاني أبناؤها من إعاقة الصمم، وجدوا بعد رحلة تيه سابقا ملجأ لهم في إحدى المؤسسات التي تشرف عليها جمعية خاصة بتراب آنفا بالدارالبيضاء، مما فسح لهم المجال للدراسة والتعلم من أجل تسهيل إدماجهم فيالمجتمع، فتفوقوا في الامتحان الإشهادي للمستوى السادس ابتدائي، تؤكد مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، لكن هذا النجاح تمت فرملة مسيرته بشكل غير مفهوم، «بعد أن تبيّن عدم إدراجهم في الخريطة المدرسية للسنة السابعة إعدادي من طرف المديرية الإقليمية للتعليم بآنفا، الأمر الذي حرمهم من استكمال دراستهم، وفرض عليهم البحث عن خيارات أخرى بديلة، بالرغم من الصعوبات المتعددة التي ترتبط بها»؟
وضعية تطرح أكثر من علامة استفهام، بخصوص إتمام العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة المصابين بأمراض مختلفة، خاصة الذهنية منها، لمسارهم الدراسي سعيا نحو الاندماج في المجتمع، بسبب قرارات تكون في كثير من الأحيان، وبشكل عام، «غير مفهومة»، خاصة في ظل مصادقة المغرب على العديد من الاتفاقيات الدولية التي تفرض الاهتمام بهذه الفئة، علما بأن هناك حوالي 6.8 في المئة من المغاربة يعانون من إعاقات مختلفة، أي ما يمثل حوالي مليونين ونصف مغربي ومغربية، أكثر من 60 في المئة منهم خارج المنظومة التعليمية، وفقط نسبة 1.8 في المئة من الذين يتابعون تعليمهم يستطيعون الوصول إلى مستويات دراسية عليا!
اتفاقيات دولية وتشريعات محلية على رأسها دستور 2011، وترسانة من المذكرات، تجمع «على فسح المجال أمام الأشخاص الذين يعانون من احتياجات خاصة لكي يستفيدوا من المدرسة المغربية وأن يتلقوا تعليمهم ويندمجوا في المجتمع مع أقرانهم، وأن تتم مواجهة كل أشكال الهدر المدرسي»، ويعزز هذا التوجه مجموعة من الخطب الملكية، كما هو الحال بالنسبة لخطاب العرش ليوم 29 يوليوز 2018، الذي دعاإلى إعطاء دفعة قوية للبرامج الهادفة للحد من الهدر المدرسي وتشجيع التمدرس، خاصة بالنسبة للفئات الاجتماعية الفقيرة والمجالات الجغرافية الهشة، مشددا على «…حتى يكون الأثر مباشرا وملموسا، فإني أؤكد على التركيز على المبادرات المستعجلة في المجالات التالية: أولا، إعطاء دفعة قوية لبرامج دعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي ابتداء من الدخول الدراسي المقبل، بما في ذلك برنامج تيسير للدعم المالي للتمدرس، والتعليم الأولي، والنقل المدرسي، والمطاعم المدرسية والداخليات. وكل ذلك من أجل التخفيف، من التكاليف التي تتحملها الأسر، ودعمها في سبيل مواصلة أبنائها للدراسة والتكوين…».
وإلى جانب ما سبق، فإن المشروع رقم 04 الوارد في حافظة مشاريع تفعيل القانون الإطار 51.17، والتي تضم 18 مشروعا تتناول كل مناحي الحياة المدرسية، يؤكد في تقديمه على أن تأمين الحق في ولوج التربية والتكوين للأشخاص في وضعية إعاقة، أو فيوضعيات خاصة، يعد من أهم الرافعات التي يستند عليها تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص، ولأجل ذلك تم وضع مخطط وطني للتربية الدامجة لهذه الفئات، قوامه تعزيز وإرساء تكوينات مهنية وجامعية متخصصة في مجال تربية هؤلاء الأطفال وتكوينهم، والسهر على تتبع تنفيذه وتقييمه من أجل إدماج الأطفال في وضعية إعاقة في المدارس، أخذا بعين الاعتبار نوعية الإعاقة، عبر توفير المستلزمات الكفيلة بإنصافهم وتحقيق شروط تكافؤ فرصهم في النجاح الدراسي إلى جانب أقرانهم، وتربيتهم وتكوينهم من خلال وضع وتفعيل مخطط وطني للتربية الدامجة، وتفعيل الشراكات، والبحث في كل السبل المتاحة للحيلولة دون إقصاء المعنيين من حقهم الدستوري في التعليم.
خطوات «قانونية» واضحة المعالم ورغبة كبيرة في تجاوز هذا «العائق» تصطدم بواقع يحبل بعدد من الحواجز التي تحول دون تحقيق هذا الهدف الإنساني والاجتماعي، الذي تظل مؤشرات النجاح فيه محدودة، لكونها تصطدم بجملة من الإكراهات، الذاتية منها والتي يكون المحدد فيها هو العنصر البشري أحيانا، وموضوعية تارة أخرى، بحكم الافتقار إلى الموارد البشرية المكونة والمختصة، وعدم تأهيل المؤسسات التعليمة من مختلف المستويات لتكون دامجة، فضلا عن عدم توفير الولوجيات وكراسي المرافق الصحية الخاصة، بالنسبة لمن يعانون من إعاقات حركية، ونفس الأمر بالنسبة للأجهزة المكتبية والوسائل الديداكتيكية والسمعية البصرية الخاصة، التي تبقى محدودة و»استثنائية»، مما يحد من تحقيق النجاحات المسطرة، بما أن حدود الاستفادة مما هو متوفر يبقى ضيقا، لعدم استيعابه لكل «الاحتياجات الخاصة»؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 11/11/2021