240 ألف شخص زاروا معرض الكتاب هذه السنة

متى تراجع اللجنة العلمية أخطاءها المكرورة؟

 

اختتمت مساء أول أمس الأحد فعاليات الدورة الثامنة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب التي نظمت، للسنة الثانية على التوالي بالرباط، بعيدا عن تربتها الطبيعية التي أينعت منها 26 دورة.
الدورة التي تميزت باستقبال الكبيك – كندا كضيف خاص، احتفاء بالذكرى الستينية لميلاد العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وكندا، ختمت على تسجيل 240 ألف زائر، قبل أن سجلت يومين، فقط، قبل اختتامها 163.000زائر.
وفي انتظار الأرقام الرسمية لعدد المبيعات التي حققها أكثر من 700 عارض ما بين مباشر وغير مباشر، مثلوا أكثر من 50 بلدا، عرضوا 120 ألف عنوان في مختلف حقول المعرفة والإبداع، سنبدي بعض الملاحظات الأولية من خلال زيارتنا المتكررة لأروقة المعرض ومتابعتنا لبعض فعالياته.

على المستوى التنظيمي:

على مستوى التنظيم واللوجستيك، لا يمكن أن نختلف حول نجاح المعرض تنظيميا، ما يوفر للزائر إمكانية التنقل بين أروقة المعرض بكل سلاسة، بدءا من شباك التذاكر إلى صناديق الأداء بالأروقة رغم ما يمكن أن يلاحظ في هذا الصدد من تفاوت على مستوى مساحات العرض التي تختلف من ناشر الى آخر. فالنصيب الأكبر والأرحب كان لصالح الأروقة المؤسساتية والحكومية، فيما توجد بعض الأروقة التي خصصت لها مساحات ضيقة لا تتسع لزائريها بسبب الإقبال الكبير عليها، خاصة الأروقة المخصصة للكتاب الانجليزي الذي سجلنا إقبالا كبيرا عليه من طرف الطلبة والأطفال بالخصوص. إقبال يفسر مكانة اللغة الانجليزية اليوم كلغة المستقبل التي تراهن عليها الدولة اليوم.
على مستوى أثمنة البيع، يلاحظ تفاوت كبير بين أسعار المكتبات الخارجية وأسعار المعرض، بل قد نجد نفس العمل أحيانا سعر طبعته الأولى أدنى في الدار الناشرة الأولى، في حين تجد سعره في طبعة ثانية بدار نشر أخرى أعلى، وهو ما لا يشجع على الانتقاء ويضرب شعار تسهيل الولوج إلى القراءة الذي يفترض أن يكون الفلسفة المؤسسة للمعارض في كل العالم.
بعض دور النشر المشرقية سجل المشرفون عليها تراجع نسبة مبيعاتهم مقارنة بالسنوات الماضية، مقابل الإقبال على دور النشر المغربية التي أكد لنا المشرفون عليها أن هناك إقبالا على اقتناء الكتب في أروقتهم وخاصة الصادرة لمؤلفين مغاربة.

مواقف متعارضة وحمودي يحتج

أثارت عدد من وسائل الإعلام خبر سحب الكتاب الجديد للأنتربولوجي المغربي عبد الله حمودي  «حضور في المكان- آراء ومواقف» من العرض بالمعرض الدولي للكتاب. إلا أن الضبابية التي صاحبت انتشار هذا الخبر، دون تقديم أجوبة شافية، جعلت المتتبع لفعاليات المعرض متأرجحا بين تفسيرات عدة:
-صاحب الكتاب عبد الله حمودي المتشبث بحقيقة قرار سحب كتابه من رواق دار توبقال، وإلغاء حفل توقيعه، دون أي توضيح مقنع من الدار الناشرة للكتاب، باستثناء إخباره بحضور موظفين داخل المعرض لم يقدموا صفة مؤسسية أو قانونية تخول لهم اتخاذ هذا الإجراء، طلبوا سحب الكتاب.
-الدار الناشرة تنفي وجود حفل توقيع للكتاب وتؤكد واقعة السحب.
– الوزارة الوصية تنفي برمجة الكتاب ضمن برنامج التوقيعات المسلم لها، وبالتالي تنفي واقعة السحب.
ما يجعلنا نتساءل: من المسؤول عن هذه الضبابية ؟ وهل يتعلق الأمر بمزاجية شخصية لا تحتكم الى ضوابط النشر وقوانينه، ولماذا لم تصحح الوزارة والدار الناشرة هذا الخطأ وتعيد الكتاب الى أروقة العرض؟ ومن المستفيد من ترويج هذا الخبر؟

البرمجة الثقافية

أشار البلاغ الصادر عن الوزارة في نهاية هذه الدورة إلى أنها حققت رقما قياسيا في تاريخ دورات المعرض، بمجموع عام بلغ أكثر من 1230 فقرة ثقافية، منها 308 فقرة بتنظيم مباشر من الوزارة أو بشراكة مع المؤسسات العلمية والحكومية التي تعنى بالكتاب والقراءة وما يتصل بهما، فيما بلغ عدد المتدخلين المشاركين في تنزيل البرمجة الثقافية أكثر من 3200، من ضمنهم متدخلو برنامج الوزارة الذين بلغ عددهم 805 مشاركين، منهم كتاب ومفكرون وباحثون وشعراء حازوا أرفع الجوائز الأدبية والفكرية على الصعيدين الوطني والدولي، استحقوا معه تكريما خاصا من الوزارة خلال هذا المحفل الثقافي.
لكن المتصفح لهذا البرنامج الذي وضعته لجنة علمية، أكد وزير الثقافة شخصيا أثناء مروره ضيفا، الأسبوع الماضي، في برنامج «نقطة الى السطر» أنها اشتغلت في استقلال عن الوزارة، تستوقفه عدة ملاحظات أولها:
-أن أعضاء من اللجنة العلمية يسيرون ويشاركون ومحتفى بهم في هذه الدورة، بل منهم من يوجد اسمه في نشاطين أو ثلاثة أو أربعة، وهو ما يضرب في الصميم التعفف الذي من المفترض أن يميز الكتاب وأهل الفكر مبدئيا، رغم أننا لا نبخس هذه الأسماء عطاءها ومساهمتها الفعالة في إغناء الثقافة المغربية، ولا حقها في المشاركة، لكن ليس بمنطق «أنا وحدي نضوي لبلاد»، وكأن المغرب الثقافي يعدم أسماء أدبية وفكرية أخرى.
نفس الملاحظات تنسحب على ضيوف الدورة من المشاركين في الندوات أو المسيرين، الذين تجدهم في أكثر من ندوة، وهنا تشتغل نفس العقلية الإقصائية، ويطرح اكثر من استفهام حول الاصرار على تكرار هذه الأسماء بعينها.
وإذا كانت الدورة احتفت في إطار ثقافة الاعتراف بأسماء وازنة أدبيا وفكريا، أسماء بصمت على مسار لافت وعميق حفر في صخر الثقافة المغربية وأنتج وراكم تجارب رائدة، فقد كان لزاما عليها أن تحتفي برواد رحلوا كما كان الأمر في الدورات السابقة، بل كان هناك تقليد بتسمية إحدى قاعات المعرض بأسمائهم، وفي هذا الاطار نتساءل: لماذا لم ينظم أي لقاء يكرم ويستعيد إرث الراحل عنا، غير بعيد، بنعيسى بوحمالة ولا الرائد محمد مفتاح؟
– عند التطرق للتنوع اللغوي داخل البرنامج، احتلت الأنشطة المقامة بالمعرض باللغة الفرنسية أكثر من نصف البرنامج رغم إيماننا بالانفتاح والتعدد اللغوي الذي يغني ثقافتنا.
– التركيز على مواضيع مكرروة خاصة حول «الكتابة النسائية» وتيمة الترجمة دون البحث عن مداخل جديدة لمقاربة هذه التيمات، بما يفتح آفاقا للتناول والتداول، كالبحث في إشكالات الترجمة في المغرب وغياب هيئة أو مؤسسة خاصة بها داخل المغرب.
توقيت بعض الأنشطة يطرح أيضا مشاكل لرواد المعرض والذين أغلبهم كتاب يشتغلون في قطاع التعليم، والفترة فترة امتحانات إشهادية، ومنها أنشطة تقام في الصباح ما يمنع الزوار من حضورها رغم أهميتها، بالاضافة الى برمجة بعض الندوات في نفس التوقيت بل تأخيرها لما بعد السادسة مساء، ما يعني أن متابعتها ضبطت «حسب توقيت بالرباط وسلا وما جاورها».


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 13/06/2023