3 حالات مشتبه بإصابتها بـ»جدري القردة» تحت المراقبة وخبراء يؤكدون أن تسجيل بؤر لـ «جدري القردة» أمر وارد في كل لحظة

البروفسور مولاي أحمد بودرقة: إصابة المهنيين بالمرض يشكّل الهاجس الأكبر بالنظر لطول مدة العزل

الدكتور بدر طنشري الوزاني: القطط والكلاب والخيول والأغنام ليست بناقلة للفيروس

 

أفادت وزارة الصحة بأنها رصدت ثلاث حالات يشتبه في إصاباتها بـ»جدري القردة»، وأنّ المرضى يخضعون للمراقبة الطبية في انتظار صدور النتائج النهائية للتحاليل المخبرية التي خضعوا لها.
ولم تشكف هويات المصابين بهذا المرض ولا أماكن إقاماتهم. وذكر مسؤول في الوزارة بأن فرقا هيأت للتعامل مع هذا المرض الذي لم يسبق تسجيله أو رصده إلى حد الآن. وتعتبر أعراض هذا المرض أقلّ شدّة من مرض الجدري وهو متوطّن في 11 بلدا في غرب أفريقيا وأفريقيا الوسطى.
وقال معاذ المرابط، منسق المركز الوطني لعمليات الطوارئ العامة بوزارة الصحة، في بيان إنّ «الحالات الثلاث المشتبه فيها هي بصحة جيدة، وتحظى بالرعاية الصحية والمراقبة الطبية، بعد إخضاعها للتحاليل الطبية اللازمة في انتظار النتائج النهائية ذات الصلة».
وأضاف أنّ الوزارة درّبت فرقاً صحية «للتعامل مع هذا المرض الذي لم يسبق أن اكتُشف أو سجّلت حالات إصابة به بالمملكة من قبل».
وحسب ما صرح به المرابط، فإنّ الوزارة «وضعت منظومة للتفاعل بشكل سريع مع الإنذار العالمي المتعلّق بجدري القردة». وتقوم هذه المنظومة على تحديد «حالات الإصابة (حالة مشتبه فيها -حالة محتملة وحالة مؤكدة)، وطريقة الرعاية الطبية، وكيفية التعامل مع مخالطيها».
إلى ذلك أكد البروفيسور مولاي أحمد بودرقة في تصريح هاتفي لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أن تداعيات الإصابة بمرض «جدري القردة» تختلف اختلافا تاما عن تلك التي يتسبب فيها فيروس كوفيد 19، خاصة على مستوى الجهاز التنفسي، لأنها تظهر على مستوى الجلد أكثر، مبرزا أنه في حال تسجيل أية عدوى محتملة لهذا المرض الذي عاود الظهور من جديد، فإن مصالح الإنعاش والعناية المركّزة لن تعيش أي أزمة مماثلة لما وقع خلال موجات زمن جائحة كورونا أثناء ظهور مختلف المتحورات.
وشدّد الاختصاصي في الإنعاش والتخدير في ردّه على استفسارات الجريدة، أن التحدي الكبير الذي قد يفرضه مرض «جدري القردة»، إذا ما انتشرت أي بؤر للمرض يتمثل في رهان الزمن، بالنظر إلى أن مدة العزل المنزلي تتراوح ما بين أسبوعين وثلاثة أسابيع، وهنا تكمن الخطورة خاصة إذا ما أصيب بالفيروس مهنيون للصحة من أطباء وممرضين وغيرهم، الذين لن يكون بالمقدور تعويضهم، لا سيما في ظل الخصاص الكبير في الموارد البشرية. وشدّد البروفيسور بودرقة على أن وضعا من هذا القبيل سيزيد وسيرفع من حجم الأعباء على زملائهم وستكون له كلفة كبيرة على مستوى التكفل بالمرضى وتقديم الخدمات الصحية المختلفة، الأمر الذي يفرض بذل كل الجهود الضرورية من أجل احترام شروط الوقاية وتوفير كل السبل لتقليص احتمالات الإصابة بالعدوى وانتقالها إلى الغير.
ودعا خبراء في مجال الأوبئة في تصريحات مختلفة لـ «الاتحاد الاشتراكي» إلى تفادي حالة التهويل، والحرص على التأكد من الحالات المشكوك فيها، لأن هناك تشابها بين جدري الماء وجدري القردة، مما يتطلب إجراء الاختبارات الضرورية قبل الإعلان عن الإصابة من عدمها، مشددين على أن تسجيل بؤر ليس بالأمر المستبعد بالنظر إلى العلاقات المفتوحة وقدرة ملايين الأشخاص على السفر عبر العالم باستعمال الطائرات والبواخر، وهو ما يفرض القيام بمراقبة وبائية دقيقة وتفعيل آليات الرصد واليقظة في المعابر الحدودية، للحدّ من إمكانيات تفشي المرض. وأوضح عدد من المختصين للجريدة أن حركية الأشخاص تعتبر الإشكال الأساسي في التعامل مع الأمراض المعدية لأنها تسمح بانتقال العدوى في ظرف زمني وجيز، خاصة وأن الإصابة بالمرض تكون ممكنة قبل ظهور الأعراض والعلامات العامة التي تصاحب كل الأمراض المعدية كما هو الحال بالنسبة لارتفاع الحرارة والإعياء وآلام المفاصل، وكذلك قبل ظهور العلامات الخاصة التي تأتي لاحقا وأهمها التقرحات الجلدية في ارتباط بمرض «جدري القردة».
وشدّد الخبراء على ضرورة استخلاص دروس الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد 19 على مستوى الوقاية بالأساس، مشددين على أن هناك أربعة مداخل لانتقال العدوى والإصابة بالأمراض المعدية، تتوزع ما بين العناق وتبادل القبل والمصافحة بالأيدي، هذه الأخيرة التي تختزن العديد من الجراثيم وتنقلها بكيفية سريعة، ثم الجهاز التنفسي من خلا السعال والعطاس وغيرهما، فالتعرض للإفرازات، وأخيرا العلاقات الجنسية، خاصة منها غير الطبيعية، هذه البوّابات التي متى تم التحكم فيها باعتماد التدابير الاحترازية المتمثلة في التباعد الجسدي ووضع الكمامة وعدم المصافحة والغسل المتكرر لليدين فإن نسب انتقال العدوى تصبح ضئيلة جدا.
وأكدّ الخبراء في تصريحاتهم للجريدة على ضرورة تعبئة وتوعية مهنيي الصحة للتعامل مع الأعراض المشكوك في إصابتها واتخاذ كل سيل الوقاية الضرورية، وتوفير المعلومة الصحيحة والكاملة والمضبوطة لكافة المواطنين، كي يكونوا على علم بكافة التفاصيل المتعلقة بهذا المرض من أجل التعامل مع الوضع بشكل سليم، مشددين على أن الوضع الوبائي اليوم لا يستوجب اتخاذ تدابير رسمية صارمة، لكنه يستدعي تعبئة كل الإمكانيات الصحية للتعامل مع أي مستجد والتنسيق مع كافة المتدخلين وإعداد كل السيناريوهات المحتملة، تفاديا لكل حدث مفاجئ.
من جهته، نفى الدكتور بدر طنشري الوزاني في تصريح هاتفي لـ «الاتحاد الاشتراكي»، الأخبار التي يتناقلها البعض التي تشير إلى إمكانية انتقال مرض جدري القرود إلى ومن الأبقار أو الأغنام، مشددا على أن هذا الكلام غير صحيح ويفتقد للسند العلمي، ومؤكدا على أن الفيروس لا ينتقل إلا من القردة المصابة به أو السناجب أو الجرذان الغامبية أو من شخص إلى آخر، وفقا لما تبين في الآونة الأخيرة.
وبدّد رئيس المجلس الوطني للهيئة الوطنية للأطباء البياطرة أية مخاوف تزامنا وقرب عيد الأضحى، مبرزا أن قطعان الماشية سواء تعلق الأمر بالماعز أو الأبقار أو الأغنام هي في مأمن من هذا المرض الفيروسي، الذي كان متواجدا قديما وعاود الظهور مرة أخرى، مشددا على أن ما يتم تداوله أيضا من أن القطط والكلاب هي ناقلة للعدوى يعتبر أمرا غير مؤكد علميا، وبالتالي فلا صحّة له، شأنه في ذلك شأن إمكانية إصابة الخيول.
ودعا الدكتور بدر في تصريحه للجريدة إلى مواجهة الشائعات محذرا من تداول وتقاسم مثل هذه الأخبار الخاطئة، خاصة في ظل الاستعمال الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي الذي يتيح تداول كل شيء في غياب أية قيود، لأن هذا الأمر سيساهم في نشر حالة من التهويل البعيدة عن الحقيقة والواقع، مستشهدا بما وقع خلال الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد 19، إذ تم في مراحل معينة تقاسم أخبار زائفة بكثرة، كان لها وقعها النفسي الكبير على المواطنين.
وأوضح الدكتور بدر أن «جدري القرود» هو مرض نادر ينتمي إلى جنس الفيروسات القشرية، مبرزا أنه ينتشر عند ملامسة أي شخص لحيوان أو إنسان مصاب أو مواد ملوّثة ناقلة له، إذ يمكن للفيروس أن يلج من خلال جرح في الجلد أو عن طريق الجهاز التنفسي أو الأغشية المخاطية في العين والأنف والفم. وأكد الخبير البيطري أنه وفقا للمعطيات العلمية المتوفرة فإن العدوى تنتقل كذلك من الحيوانات إلى الإنسان من خلال العضّ أو الخدش أو عبر الاتصال المباشر بسوائل جسم مريض وكذلك بطريقة غير مباشرة حين يتم التعرض لمواد ملوّثة مثل الفراش والأغطية والملابس.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 25/05/2022