63 سنة من تاريخ اتحاد كتاب المغرب -18- المؤتمر 13 لاتحاد كتاب المغرب وصفة المنفعة العمومية

شهادات الكتاب حول منظمتهم الثقافية

‮‬رهانات الاتحاد المتجددة 1

 

ظل «الملحق الثقافي» لجريدة الاتحاد الاشتراكي، مواكبا لانشغالات ومحطات اتحاد كتاب المغرب التنظيمية منذ تأسيسيه، إيمانا منه بدور الثقافة ودور اتحاد الكتاب في التغيير، لذا ظلت محطة المؤتمرات مناسبة لفتح النقاش وتخصيبه حول واقع وآفاق هذه المنظمة ، وسبل الدفع بأفقها الى أقصاه خدمة للثقافة المغربية وإشعاعها جهويا ووعالميا.
هكذا وفي أجواء التحضير للمؤتمر الثالث عشر يومي 26و27 أكتوبر بالرباط ، تطرقت افتتاحية الملحق الثقافي ليوم الجمعة 25 اكتوبر 1996 الى هذا الحدث الذي اعتبرته «حدثا أساسيا»،‮ ‬و «مؤتمرا مختلفا بلا شك عن سابقيه،‮ ‬لأن الأمر‮ ‬يتعلق‮ – ‬هذه المرة‮ – ‬بمنعطف جديد في‮ ‬حياة الاتحاد وذلك عقب قرار السلطات العمومية المغربية بتخويل منظمة الكتاب والأدباء المغاربة‮ «‬صفة الجمعية ذات النفع العمومي‮»‬،‮ ‬مما سينعكس بالتأكيد على هياكل وبنيات وأسلوب عمل الاتحاد‮» . ‬
وأكدت الافتتاحية بهذا الخصوص أن» ميثاق الشرف والهوية الفكرية والرمزية والثقافية وصلاته الجوهرية بانشغالات وتطلعات الشعب المغربي‮ ‬ستظل أكثر متانة،‮ ‬بل ويمكنها أن تتعزز إذا ما توفر شرط الدعم الفعلي،‮ ‬فالصفة المكتسبة بعد أكثر من‮ ‬35‮ ‬سنة من العطاء والجهد والتضحيات والحضور والوعي‮ ‬الوطني‮ ‬البناء لن تكون خاتما سحريا لقلب التربية الثقافية ولا تحويل اتحاد كتاب المغرب الى منتجع مخملي،‮ ‬بل من شأنها فقط أن تفتح أفقا ممكنا لإعادة الاعتبار للكتابة والكتاب في‮ ‬مجتمع‮ ‬يخنقه الشفوي‮ ‬وتسيجه ارغامات الأمية الألفبانية‮».‬
وقد خصص الملحق الثقافي عدده السالف الذكر للكتاب للإدلاء بشهاداتهم ‬ومساهماتهم النقدية حول هذا المؤتمر، نعيد نشر ما جاء فيها على حلقات، تأكيدا لحق الاختلاف الباني الذي ساد خلال مسيرة الاتحاد، والذي ساهم بشكل كبير في إثراء هذه المؤسسة واستمرارها.

1 – ­ تعميق السؤال الثقافي

على الاتحاد أن يعمق السؤال الثقافي عن طريق ترسيخ تقاليد الحوار مع المبدعين والمفكرين وغيرهم من منتجي الثقافة والمعرفة، سواء بمناقشة أعمالهم المفردة في جلسات عامة كما جرت العادة ضمن محور «المبدع والجمهور»، أو بتخصيص حلقات دراسية لمجموع إنتاجهم يدعى للمساهمة فيها كبار المهتمين بالشأن الذي يشغلهم كما حدث مع الأساتذة الناصري والقبلي وبوكوس.
وقد أمكن، من جهة أخرى، تخصيص ندوات بكاملها لموضوعات وإشكالات راهنة من قبيل ما تم إنجازه فعلا في هذا السياق «أسئلة الحداثة»، «الثقافة والاندماج» الحضاري» ، «إشكالية التغيير» إلخ.
على المستوى الأفقي، وعملا بمبدأ تقريب السؤال الثقافي والإبداعي من عموم المواطنين، لابد من تثمين صيغة الشراكة التي أقامها الإتحاد مع العديد من مكونات المجتمع المدني من كليات وجمعيات وهيئات منتخبة، والتي أسفرت عن جملة من الأنشطة ذات الإشعاع الوطني اللافت.

2 -­ ترشيد العلاقة مع الآخر

يتعلق الأمر هنا بمواصلة الانفتاح والإنصات إلى الرأي المختلف، القابع هناك، في الطرف الآخر من فكرتنا .
لقد دأب الإتحاد منذ نشأته، في حدود نسبية طبعا، عن فضيلة القبول بحق الاختلاف والتميز فاحتضن بين صفوفه أصنافا من المثقفين ذوي نزعات فكرية وأدبية غاية في التنوع والتباين. وبدل أن يكون ذلك مصدر إحباط وإعاقة فقد تحول إلى أداة محفزة على الحوار والجدل وعكس التنوع الإيجابي لوجهات النظر والمواقف التي يزخر بها الاتحاد.
إن اتحاد الكتاب مدعو، أكثر من أي وقت مضى إلى تكريس هذا التقليد الديمقراطي الذي سنه الأسلاف من مؤسسي الاتحاد والسابقين الى إدارته، والعمل على الإنصات بعمق واحترام إلى كل الاختلاجات والذبذبات التي تخترق مشهدنا الثقافي والإيديولوجي.

3 ­ – المراهنة على الطاقات الشابة

بما يضمن تجديد دماء الاتحاد وفتحه باستمرار على ممكنات التغيير واطراد التطور والتجاوز… وأساسا الانتقال بهذا الرهان من مستوى الثمانينات الى صعيد التجسيد الفعلي الذي يفجر الطاقات لدى شباب الكتاب من خلال إعطائهم الكلمة وتمكينهم من المساهمة في صياغة القرار.
وربما كانت جائزة اتحاد الكتاب للأدباء الشباب من بين أهم ثمرات هذا التوجه، حيث حمل الإتحاد على عاتقه، وهو المثقل بالمشغوليات اليومية وقصر ذات اليد، مهمة تشجيع الإبداع الشبابي ومده بأساليب الظهور والانتشار. ورغم ما قيل من مأخذ عن «تسليع» الإبداع ونقائص رعايته من أطراف غير ثقافية، فإن الامر المؤكد هو أن ما أفاده شباب الكتاب والشعراء من الجائزة، مكافأة ونشرا، يحقق، وقد حقق بالفعل الغاية المرجوة، هذا فضلا عن أن الكلام عن «الكتاب والشعراء من الجائزة» مكافأة ونشرا، يحقق وقد حقق بالفعل الغاية المرجوة،، هذا فضلا عن أن الكلام عن «التسليع» قد أصبح في عصر الأنترنيت ضربا من التجديف.
وأخيرا، فإن حصول الاتحاد على صفة المنفعة العامة وإن جاء متأخرا في الزمن فبإمكانه، إذا ما استثمر على النحو الأفضل، أن يسمح لهذه الجمعية العريقة بالوقوف على قدميها، ماليا وتنظيميا، ويترجم الإرادة الدائمة التي طالما عبر عنها الكتاب في التطوير النوعي للممارسة الثقافية وتوسيع قاعدة المنخرطين والمستفيدين من أنشطة الاتحاد ويسهم بالتالي في تحصين الأفق الديمقراطي ليفتح ويضمن الفعالية والإنتاج.
ولكن حذار من الانسياق وراء السهولة الكامنة وراء وهم النفع العام، ذلك أنه مثل كل امتياز، قد يتحول الى وبال على أصحابه، فهو قطعا ليس بتلك الدجاجة التي تبيض ذهبا خالصا لوجه الثقافة.
إن هذا الوضع الجديد يفرض علينا، لالتقاط ريع المنفعة حبة حبة، بذل الجهود ومضاعفة العمل كما وكيفما لصياغة برامج ثقافية طموحة تدرج ضمن مشروع متكامل يراعي الشمول والتنوع، والسعي بها حثيثا لدى الجهات الممولة وهي ليست دائما حكومية لتوفير شروط الانجاز وانتزاع الدعم الكافي لتحقيقها وبلورتها على أرض الواقع، وفي ذلك فلتتظافر الإرادات وتتنافس العزائم.


الكاتب : حسن بحراوي

  

بتاريخ : 12/04/2023