63 سنة من تاريخ اتحاد كتاب المغرب -21- المؤتمر‮ ‬13‮ ‬لاتحاد كتاب المغرب .. شهادات الكتاب حول منظمتهم الثقافية

عن العضوية،‮ ‬ووضع الفروع‮ … ‬وأشياء أخر

لعل استمرار اتحاد كتاب المغرب في الفعل الثقافي بنفس الوتيرة والدينامية، يجد أسبابه في انفتاحه وتقبله لثقافة الاختلاف التي سادت بين أعضائه، بالإضافة الى تقبل النقد الذي صاحب هذه التجربة بالتقويم والإغناء والذي لم يكن يوما مدعاة للإقصاء وتغييب الصوت الآخر المختلف، وهو ما أكسب الاتحاد مناعة بفضل هويته الثقافية الواضحة وبفضل قاعدة التوافق التي تم الاحتكام إليها في حل المشاكل التنظيمية التي اعترضت مسيرته أحيانا.
الورقة التي نشرها «الملحق الثقافي» للجريدة بتاريخ 25 أكتوبر1996 بتوقيع الأكاديمي عبد الغني أبو العزم، تظهر كيف كان الكتاب والمفكرون أداة نقدية فعالة لضمان استمرار منظمتهم.

 

يأتي‮ ‬المؤتمر الثالث عشر في‮ ‬مرحلة انتقالية من حياة اتحاد كتاب المغرب،‮ ‬حياة تميزت بنضال ثقافي‮ ‬مستمر،‮ ‬وحضور دائم على الساحة الوطنية،‮ ‬استطاع الاتحاد خلالها أن‮ ‬يفرض وجوده كمؤسسة وطنية ذات ثقل كبير،‮ ‬وأن‮ ‬يكون له رأيه الخاص والمتميز بحكم تركيبته واستقلاليته،‮ ‬وقد شكل في‮ ‬كل المحطات التاريخية منذ تأسيسه الواجهة المعبرة عن طموحات الفعاليات الثقافية المكونة لإطاره،‮ ‬وبذلك ظل الاتحاد مواكبا للتحولات الثقافية التي‮ ‬عرفها ومر بها المغرب المعاصر، وتمكن من إبراز هوية ثقافية واضحة سواء على الصعيدين العربي‮ ‬والدولي،‮ ‬وهذا ماجعل لحضوره فعالية اتسمت بالاستمرارية والتواصل مع كل اتحادات الكتاب والأدباء‮.‬
وإذا كان الإطار العام لاتحاد الكتاب المغرب ظل سليما على الرغم مما عرفته بعض المحطات من تاريخه من هزات‮، ‬فإن هذا لا‮ ‬يعني‮ ‬أن دوره كان دائما في‮ ‬مستوى طموح أعضائه. ولن اتطرق في‮ ‬هذا الصدد إلى كل المعوقات التي‮ ‬حالت دون تطوير فعاليته على الصعيد التنظيمي‮ ‬وإن ارتبط هذا الجانب إلى حد ما بإمكانياته الضعيفة التي‮ ‬استطاع تجاوزها،‮ ‬وأن‮ ‬يجعل منها قوة لمواجهة كل الضغوطات والإغراءات‮.‬
من الطبيعي‮ ‬أن‮ ‬يعرف الاتحاد مشاكل تنظيمية بحكم موقعه،‮ ‬وبحكم تباين‮ ‬‬آراء ومواقف واتجاهات أعضائه‮، ‬وهي‮ ‬مشاكل كانت دوما تحل بعدة صيغ‮ ‬على أساس من التوافق والتراضي،‮ ‬إلا أن هذه المشاكل التنظيمية‮ ‬يمكن أن تعرف الآن تضخما واتساعا تحت ضغط عاملين اثنين‮:‬
‮- ‬اتساع قاعدة الأعضاء‮ ‬
‮- ‬الحصول على صفة النفع العام
يفرض هذان العاملان إعادة النظر في‮ ‬القانون الأساسي‮ ‬لملاءمته مع الوضعية الجديدة للاتحاد،‮ ‬والارتقاء بهيكلته التنظيمية إلى مستوى أرقى لتتمكن كل أجهزته من أداء دورها على قاعدة ديمقراطية،‮ ‬ووضوح في‮ ‬الرؤية لتصبح العلاقة ما بين كل الأعضاء متميزة بشفافية واضحة وذلك من أجل إشراك الجميع في‮ ‬كل قرارات وأنشطة الاتحاد‮.‬
‮ ‬إن أهم تغيير‮ ‬ينبغي‮ ‬إدخاله على القانون الأساسي‮ ‬هو إحداث مجلس إداري‮ / ‬وطني‮ ‬ومنتخب من أعضاء المؤتمر،‮ ‬له صبغة تقريرية‮ ‬يساهم بجانب المكتب المركزي‮ ‬في‮ ‬تحديد وتوجيه المشاريع والأنشطة الثقافية والفكرية للاتحاد‮. ‬وفي‮ ‬اعتقادي‮ ‬أن هذا المجلس الذي‮ ‬سيترك للمؤتمرين تحديد طبيعته وتكوين أعضائه ومهامه ومسؤولياته، سيعطي‮ ‬لعمل الاتحاد فعالية جديدة‮ ‬،‮ ‬وأعتبره نقلة نوعية‮ ‬لتطوير آليته وبالتأكيد إن هذا المجلس من شأنه أن‮ ‬يساهم في‮:‬
‮- ‬توسيع الحوار بين أعضاء الاتحاد على العضوية المنتجة
‮ – ‬إعادة النظر في‮ ‬وضعية الفروع،‮ ‬والبحث عن‮ ‬صيغة جديدة لتركيبها،‮ ‬ويمكن في‮ ‬هذا الصدد اقتراح فروع إقليمية أو مجالس تنتخبها لجان محلية‮. ‬
‮- ‬إغناء الحوار بين المركز والأقاليم‮.‬
‮- ‬إحداث تواصل مستمر عبر أنشطة الاتحاد في‮ ‬المدن والأقاليم‮.‬
‮ ‬وإذا كان المجلس الوطني‮ ‬بجانب المجالس الإقليمية سيوسع من قاعدة الديمقراطية من جهة،‮ ‬فإنه من جهة أخرى سيلعب دورا هاما في‮ ‬بلورة كل القضايا والهموم التي‮ ‬تشغل الأدباء والكتاب، سواء على صعيد القضايا الوطنية مما‮ ‬يمكنهم من الالتقاء الموضوعي‮ ‬حول مشروع ثقافي‮ ‬واضح المعالم‮.‬
إذا كنت ركزت على تجديد الهيكلة التنظيمية للاتحاد وضرورة مسايرتها لتطوره من أجل فعالية أكبر، فلأنها ترتبط ارتباطا وثيقا بصيرورة المهام الثقافية المطروحة على الساحة الوطنية التي‮ ‬تتطلب إشراك كل الفعاليات‮.‬
لقد ظلت الموارد المالية للاتحاد محدودة مما كان‮ ‬يقلص من أنشطته، إلا أن العجز المالي‮ ‬لم‮ ‬يكن ليشكل عائقا أمام أداء مهامه ورسالته الثقافية،‮ ‬واستطاع التغلب عليها في‮ ‬كل المحطات من تاريخ حياته كيفيا ونوعيا.
‮ ‬وإذا كانت صفة النفع العام التي‮ ‬تم الحصول عليها من شانها أن تساعد الاتحاد على بلورة الكثير من الطموحات الثقافية،‮ ‬وتجاوز العجز المالي‮، فإن هذه الصفة ليست عصا سحرية،‮ ‬وللاستفادة منها بشكل مضبوط ومعقلن من الضروري‮ ‬أن ترتبط ببرامج ومشاريع ذات مردودية‮. ‬وهذا ما‮ ‬يفرض إحداث ديناميكية فعالة سواء على صعيد الأجهزة المسؤولة أو على مستوى قاعدة الاعضاء في‮ ‬ضوء تصور متكامل الحلقات‮. ‬وفي‮ ‬هذا الإطار‮ ‬ينبغي:‬
1 )‮ ‬تطوير الأنشطة الثقافية وتنويع أساليب العمل للاستقطاب من جهة أكبر عدد ممكن من المهتمين بحقول الثقافة والفكر والنشر وإشراكهم في‮ ‬بوتقة نشاط الاتحاد،‮ ‬ومن جهة أخرى الارتباط بأنشطة الجماعات والجمعيات الوطنية‮.‬
2 ‮) ‬الاهتمام بقضايا الكتاب والتوزيع،‮ ‬إذ بإمكان الاتحاد أن‮ ‬يلعب دورا رائدا في‮ ‬هذا المجال وذلك بواسطة حلقات دراسية وندوات وطنية وإقليمية للتعريف بالانتاج المغربي‮. ‬
3 ‮) ‬تطوير مجلة «آفاق « وجعلها مواكبة لكل القضايا الفكرية والثقافية‮.‬
4 4‮) تشجيع الإبداع المغربي،‮ ‬والاستمرار في‮ ‬توسيع نطاق جائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب كتجربة رائدة‮ .‬
‮5)‬تقوية أواصر الصداقة والتعاون مع الاتحادات العربية والدولية في‮ ‬أفق القيام بانشطة ثقافية مشتركة للتعريف بالكتاب المغربي‮ ‬ليكون له حضوره اللائق به‮.‬
أعتقد في‮ ‬هذا الصدد أن اتحاد كتاب المغرب مؤهل أكثر من‮ ‬غيره ليضطلع بمسؤولية ‬التعريف بالثقافة المغربية،‮ ‬وهذه المسؤولية لن تكتمل حلقاتها إلا بالالتفاف حول مشروع ثقافي‮ ‬وحضاري‮ ‬تساهم فيه كل الفعاليات الثقافية على اختلاف مشاربها واتجاهاتها،‮ ‬مع الوعي‮ ‬الشديد بطبيعة المرحلة وما تتطلبه من جهد وتضحية وإنكار الذات‮. ‬وبذلك نأمل أن‮ ‬يكون المؤتمر الثالث عشر محطة أساسية ذات أبعاد وطنية وإنسانية لمسايرة كل التحولات التي‮ ‬تعرفها بلادنا،‮ ‬ومن جهة أخرى مواكبة كل التغيرات التي‮ ‬تحبل بها الساحة الدوليةـ حضاريا وفكريا وسياسيا‮.‬


الكاتب : د. عبد الغني أبو العزم

  

بتاريخ : 15/04/2023