حكاية رحلة رياضية امتدت لأزيد من خمسين سنة 11- العراق.. رحلة لن تنسى

 

تعتبر نعيمة رودان أول إمرأة مغربية تحرز ميدالية ذهبية لصالح المسايفة المغربية، حدث ذلك في نهاية الستينيات خلال بطولة الألعاب الرياضية للمغرب العربي التي جرت بتونس.ويسجل التاريخ أنها ظلت منذ سنوات صباها وعلى امتداد خمسين سنة مرتبطة برياضة المسايفة كمبارزة،مدربة ومسيرة. ويحسب لها أيضا أنها حملت قضية المرأة الرياضية المغربية على عاتقها مدافعة عن حقها في ممارسة رياضية سليمة وعادلة حيث انضمت للجنة المرأة والرياضة التي كانت تابعة للجنة الوطنية الأولمبية وساهمت إلى جانب زميلاتها من الأسماء الرياضية الكبيرة في منح الرياضة النسوية الاهتمام الذي يليق بها.
لخمسين سنة،لم تنفصل عن عوالم الرياضة، بل وسهرت على أن ترضع أبناءها الثلاثة عشق الرياضة إلى أن أضحوا بدورهم نجوما وأبطالا في رياضة المسايفة محرزين عدة ألقاب في إسبانيا وفي كل التظاهرات بأوربا والعالم.

 

استمر الحال على ذلك المنوال واستعدت مؤهلاتي ولياقتي البدنية وتنافسيتي ما مكنني من إحراز كأس العرش مع النادي الجديد وكذلك بطولة المغرب وكان ذلك في سنة 1978 .
1979، في تلك السنة ترقيت في عملي وتوسعت لدي دائرة المسؤولية بحيث كنت أقوم بزيارة المستشفيات والعيادات للتعرف على مشاكلهم ومتطلباتهم مما كان يرهقني كثيرا ويجعلني أتكاسل عن المواظبة على التداريب.
فطن والدي لمشكلتي، فقام بدفع مصاريف التحاقي بوكالة لسيارة التعليم لكي اتعلَّم السياقة وأتمكن بالتالي من استعمال سيارة والدي ما أعفاني من المواصلات وما حفزني وخلق لدي نشاط ورغبة في الذهاب إلى التداريب. في الحقيقة كانت فكرة رائعة وبدات في التعليم مما جعلني انجح في مدة وجيزة ، وبدات اخرج من العمل الى قاعة التداريب بسيارة والدي (renault 16) .
في بداية عام 1979 ،استدعيت من طرف الجامعة لأكون ضمن الفريق الوطني الذي كان سيمثل المغرب في العراق في إطار البطولة الدولية.
لم أكون متحمسة للسفر فقد كنت قد ضيعت وزنا كثيرا ولم يعد وزني يتجاوز 45 كيلوغراما فقط. لكن ضغط الجامعة على والدي لدفعي إلى الموافقة على السفر رفقة الفريق الوطني، جعلني أستجيب للدعوة والسفر للمشاركة في تلك البطولة. أذكر أننا كنا لاعبتين في الفريق الوطني إلى جانب الذكور..كانت برفقتي البطلة كريمة مرزوحي. سافرنا إذن إلى العراق لأكتشف بلدا عربيا رائعا بحضارته وبعبق تاريخه، وحقيقة، كانت بالنسبة لي من أجمل سفرياتي خارج المغرب خصوصا أنه إلى جانب جمالية البلد كانت عملية تنظيم البطولة جد ممتازة وكنا نلقى كل الترحيب من لدن المنظمين ومن طرف العراقيين المضيافين الكرماء.
أتذكر أيضا أنه خصص لنا برنامج سياحي لاكتشاف المواقع الأثرية والدينية في العراق،وكانت أول زيارة وفي أول يوم لضريح ( مولاي عبد القادر الكيلاني)،وقيل لنا حينها أن ذلك يدخل ضمن التقاليد في العراق.
انطلقت المنافسات فِي ثاني يوم من حلولنا بالعراق، كنت خلالها بطلة لحكاية غريبة، كنت قد فزت بثماني مباريات وخسرت النزال الأخير وكان أمام بطلة العراق بنتيجة 7/8 ، منطقيا كنت سأحرز الميدالية الفضية، إلا أن الطاقم الثقني وبحساب نقط الترتيب جعلني أنا وبطلة العراق التي خسرت معها في نفس الوضعية وبنفس النقط ، فكان أن فرض علينا إعادة المواجهة ، منحونا 15 دقيقة كاستراحة قبل استئناف المباراة من جديد.كنت متوترة،مرتبكة،خصوصا أنه حصل صحب شديد واختلفت التعليقات وتعددت الأراء والتدخلات من طرف الطاقم التقني الذي كان يشرف علينا، كل واحد من الطاقم كان يريد أن يلقنني ويوجهنني ما خلق لدي ضغط كبير جدا. بدأت أتبارز في ظل تلك النفسية المهزوزة لكن ومع ذلك وفقني الله وانتصرت على منافستي ب15 لمسة ل5 . كان انتصارا كبيرا جعل كل الحاضرين في حالة انبهار.
فزت بالميدالية الذهبية وكأس صدام حسين رئيس جمهورية العراق.
ختمنا تلك السنة بذلك التتويج وعند رجوعنا إلى أرض الوطن ، قام مدير الشركة التي كنت أشتغل فيها بتنظيم حفل لتكريمي والاحتفاء بي بحضور كل الموظفين ما خلف في نفسيتي أثرا جد رائع..
حلت العطلة الصيفية ..كنت أستحق فترة من الراحة.. من التداريب والمنافسات، وأيضا من أجواء العمل والشغل.


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 07/05/2020

أخبار مرتبطة

يقدم كتاب “ حرب المئة عام على فلسطين “ لرشيد الخالدي، فَهما ممكنا لتاريخ فلسطين الحديث، بشَـن حـرب استعمارية ضد

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *