الواقع السياسي الفلسطيني والتحديات الاستراتيجية

سري القدوة *

وتبقي الأولوية الوطنية في هذه المرحلة الخطيرة هي مواصلة الحوار الوطني الذي ينهي الانقسام ويحقق الوحدة الوطنية الشاملة والشراكة السياسية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، التي تمثل المرجعية العليا، والإطار الجامع لكافة القوى والفصائل والمنظمات الشعبية والمؤسسات والجاليات والشخصيات الوطنية المستقلة، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه الطبيعي في اختيار قيادته بشكل ديمقراطي لاستكمال مسيرة النضال نحو الحرية والاستقلال .
وإننا أمام كل ما يجري لا بد من تحمل المسؤولية الوطنية وضرورة استمرار الحوار الوطني بين كافة القوى والفصائل الفلسطينية من أجل تنفيذ الاتفاقات الموقعة بشأن إنهاء الانقسام بكل تفاصيله والعمل على تعزيز وضع منظمة التحرير ووحدانية تمثيلها وتكريس عمل دوائرها ومؤسساتها كافة ودعوة المجلس المركزي للانعقاد في أسرع وقت لهذا الغرض .
ولابد من وضع خطط العمل والاستمرار في التواصل مع المجتمع الدولي من أجل التأكيد على مواصلة كل الجهود والاتصالات مع الأطراف العربية والدولية وتوحيد منطلقات العمل على المستوي العربي، وخاصة تنسيق المواقف مع كل من مصر والأردن وفلسطين، في إطار الجهود المبذولة من أجل وقف ما يجري في القدس من اعتداءات من المستوطنين المتطرفين المدعومين من قوات الاحتلال وأهمية دعم الصمود الوطني الفلسطيني في القدس وهبتهم المباركة والبطولية دفاعا عن القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية فيها، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك .
المعادلة الأساسية القائمة على رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني وعودة الحياة إلى طبيعتها في قطاع غزة تتمثل في أهمية السعي والعمل على إنهاء الانقسام وعودة الوحدة الوطنية والإدارية والسياسية والأمنية وليس توقيع اتفاق مع الاحتلال بهدف تكريس الانقسام مجددا وسيطرة أطراف الانقسام في قطاع غزة على زمام الأمور وعدم الاكتراث لمعاناة الشعب الفلسطيني، وما يدفعه الجميع ثمنا لاستمرار التعنت وفرض وقائع الانقسام مجددا من قبل من يسيطر على غزة بفعل هذا الانقسام البغيض .
ما يجري في القدس المحتلة وأمام هذا العدوان الإسرائيلي الشامل ومشاريع الاستيطان لا بد من مواجهته، وتبقي حقيقة أن أي اتفاق مع حكومة الاحتلال أحادي الجانب يهدف إلى عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل العدوان الإسرائيلي على غزة، ويأتي في إطار تكريس الانقسام والانفصال ومواصلة الحصار، ويهدف إلى تعزيز الحصار ومواصلته كون أن من يسيطر على قطاع غزة هو المستفيد من تلك المعادلة التي أصبحت تشكل خطرا علي مستقبل النضال الوطني والمشروع التحرري الهادف إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقدس عاصمتها .
الكل الوطني مطالب بالعمل على توحيد الطاقات والإمكانيات لمواجهة الاحتلال، الذي يستهدف الشعب الفلسطيني بكل مكوناته، والتصدى لكل محاولات الاستحواذ على كل شيء، والاستفراد في غزة تنفيذا لمؤامرات الاحتلال ومشاريعه التصفوية ضمن مشاريع خاصة، يحاول فرضها على منظمة التحرير الفلسطينية، في ظل غياب الشراكة الوطنية الحقيقية وإحلال الحلول الخاصة ضمن المشاريع أحادية الجانب، وهذا ما يلحق الأضرار بالمسيرة الكفاحية والنضالية للشعب الفلسطيني .
منظمة التحرير الفلسطينية، وعبر مسيرة طويلة من الكفاح، تمكنت من انتزاع الاعتراف العربي والإسلامي والدولي واكتسبت شخصيتها القانونية وقدم شعبنا خيرة قادته وشبابه ونسائه وأطفاله في سبيل الحصول على التمثيل الشرعي والقانوني والسياسي الوحيد لقضيته، وحقق الإنجازات والمكتسبات، لذلك يجب المحافظة عليها والدفاع عنها وتطويرها وتفعيل مؤسساتها وضخ دماء شابة في عروقها لمواصلة طريق التحرير وتحقيق الأهداف الوطنية .

* سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

الكاتب : سري القدوة * - بتاريخ : 10/07/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *