ديميستورا وماكرون: هل سيفعلانها؟

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
لحد الساعة، لم يصدر أي خبر رسمي مغربي عن زيارة ديميستورا إلى المغرب، حيث يقال بناء على تقاليد راسخة أنه سيلتقي وزير الخارجية ناصر بوريطة، ثم يزور العيون.
الخبر، بدون تأكيده رسميا يبدو «منطقيا» باعتبار أن شهر شتنبر هو شهر التحركات الأممية المتعلقة بالقضية الوطنية المغربية، وهو منطقي أيضا لأن ديميستورا عليه أن يستكمل تقريره الذي يجب أن يضعه أمام مجلس الأمن، وقبله الأمين العام للأمم المتحدة ، لدراسته في أكتوبر القادم، وهو التقرير بدأه في مرحلة أبريل من هذه السنة، ضمن مهامه .
الخبر أيضا قد لا يكون حاملا لدلالات أكثر دقة إذا استحضرنا أن خبرا مماثلا له ، كان قد شاع في السنة الماضية عندما تم الحديث عن زيارة إلى العيون والداخلة بدون استشارة المغرب، وهو ما جعل الرباط تستنكف عن الحديث عنه، بل تخبر المبعوث الشخصي لغوتيريس بأنها أرض مغربية، ولابد له من التشاور معه من أجل زيارتها، وأنه لا هو، ولا الأمم المتحدة ولا الأطراف الأخرى، يمكنها أن تقرر زيارة أراض يعتبرها سيادية، وينطلق من هذا المبدأ للحكم على علاقات الدولة والهيئات والأفراد، معه!
المبعوث يعرف بأنه في سيناريو الاستحالة، وأن نقطة الضوء الوحيدة هي دعم مجلس الأمن ومساندة المغرب لمجهوداته، مقابل عجز الطرف الآخر عن مسايرة المنطق الدولي وشرعية قراره، وعجزه عن توحيد الرؤية، داخليا وخارجيا..بل محاولة التوهيم بوجود حالة حرب، هي التي تستوجب إعادة النظر في مسلسل يتقدم منذ عشرين سنة، ليتراجع إلى منطق 1991.
حالة الحرب هاته التي يتمناها، يعيش بها مفارقة كبيرة: هو يقول بأن المغرب يفقد الجنود والمناطق والعتاد، ولا أحد يتحدث عن هذه الحرب سواه، ولا تقرير ورد بخصوصها، وعليه فقد عجزت البوليساريو عن تقديم جثث أفرادها لإثبات الحرب الدائرة بعد أن عجزت عن تقديم جثث المغاربة!
منذ تعيين ديميستورا صدر قراران 2606 و2654 ، اللذان وضعا إطار الحكم للحل السياسي على قاعدة خماسية:
ـ استئناف المسلسل السياسي، الذي يعتبره الطرف الآخر، لاغيا
ـ بإشراف حصري للأمم المتحدة
ـ على قاعدة الموائد المستديرة
ـ بحضورأربعة أطراف معنية بالحل
ـ بهدف حل سياسي واقعي مقبول من الأطراف، وهي نفسها المعايير التي أعاد جلالة الملك التشديد عليها في خطاب العرش الأخير.
منذ آخر قرار وآخر مهمة للسيد ديميستورا، زادت الاعترافات بقوة الموقف المغربي، واكتسبت الجدية المغربية مساحات واسعة في تقدير الموقف من طرف العديد من التكتلات.
ويمكن إضافة حدثين اثنين، كانت الأطراف الأخرى تنشط لجعلهما من آخر المنابر، قبل أكتوبر، لصالحها: – «البريكس»، وما نتج عنه من نتائج وقرارات، لاسيما في ما يتعلق بالصحراء والتركيز على الرعاية الدولية ومهمة ديميستورا.
ما حدث في الضفة الروسية :
أولا برفض حضور البوليساريو وبيته العنكبوتي في القمة الروسية – الإفريقية.
ثانيا في التصريح المشترك بين لافروف وناصر بوريطة من حيث تأكيدهما على العمل سويا «للحفاظ على تنسيق فعال في مجال السياسة الخارجية وذلك بما يخدم الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي»…
وهي عبارة قوية ولا شك تذهب أبعد من إعلان النوايا إلى التنسيق الفعال لخدمة الاستقرار الإقليمي …
الخبر الآخر الذي شاع كثيرا هو زيارة ملك البلاد إلى فرنسا، والحديث عن عودة الدفء ، وتزامن ذلك مع إقرار مانويل ماكرون بفشله في السياسة المغاربية، وهو في الواقع إقرار بفشله في لعبة التوازن المصطنع بين الرباط والجزائر تحديدا.. فبالرغم من محاولات الهروب إلى الأمام، هناك إقرار بالأزمة. والسؤال هو: هل يفعلها ماكرون ويصحح زاوية النظر، ويستجيب لمطالب الطبقة السياسية الفرنسية في تصحيح العلاقة مع المغرب؟
هل يغتنم الفرصة ، بعد «تدبير مشترك» لمقترح الحكم الذاتي في هيئة الامم المتحدة، للانتقال إلى الاصطفاف مع الكثير من الديموقراطيات في العالم ومع الحق المغربي، ويساعد على تسهيل مهمة ديميستورا؟
هل سيفعلها ماكرون بمناسبة الحديث عن مهمة ديميستورا ويدفع باتجاه الحل السياسي على قاعدة سيادة المغرب؟
على كل، هذه العتبة هي المطلوبة ، وهو يدرك أن المغاربة ينتظرونه عند هذا الأفق ولطالما خيب أفق انتظارهم؟
وبالنسبة لديميستورا: هل سيفعلها ويسمي الأشياء بمسمياتها ويسمي العقبة عقبة والطرف الآخر صاحبها؟
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 04/09/2023