تداعيات ربع قرن من العهد الجديد (1)

عبد الحميد جماهري
غدا الثلاثاء سيكون قد مر ربع قرن على بيعة ملك البلاد محمد السادس لتولي العرش.
تقول الآثار البينة في اللغة التأبينية الموافِقة للغة التنصيب إنه «إثر وفاة الملك الحسن الثاني، رحمه لله، في الساعة الرابعة والنصف من عشية تلك الجمعة 23 يوليوز سنة 1999م – 9ربيع الثاني عام 1420هـ، نودي بابنه وولي عهده الأمير سيدي محمد ملكا على المغرب.. طبقا لأحكام الدستور وعقد البيعة الشرعية له من الأمراء والوزراء ونواب الأمة وكبار ضباط الجيش وزعماء الأحزاب السياسية وغيرهم..».
وفي اللحظة نفسها تتوارد التداعيات، الشخصية منها والجماعية،
كما يحضر كل واحد منا سجله الذاتي في قراءة المدة برمتها،
ويحضر سجل شخصي في التعامل مع لحظة التاريخ تلك.
ومع ما تلاها من تموجات أصابت العمق:
يحضرني في اللحظة ذاتها، رحيل ملك كان ظله طويلا، وبصمته تكاد تكون حاسمة ..
وحضوره قويا
لكن تعود التداعيات إلى اللحظات التي تزامنت والمغرب معلق في لحظة تناوب سياسي غير مسبوق..
وجدول أعمال كتبه التاريخ للملك الجديد:
كان أمامه استكمال المصالحات وترميم الذاكرات والأجساد وإغلاق الدهاليز المرعبة في مغرب ما بعد الاستقلال..
كان أمام قيادة الانتقالات الصعبة، وبعضها منعرجات حادة،
وبعضها الآخر مسالك غير سالكة، وبعضها يخضع للتجريب..
بعد ربع قرن، وافتتاح مسيرة أخرى نجد، نحن الإعلاميون، شهية في تمرين الربع قرن المنصرم:
ما الذي تم حسمه، والذي سيتم حسمه، وماذا بقي في السجل للكتاب؟
هيئة الإنصاف والمصالحة
إطلاق ميناء طنجة المتوسط
تقرير الخمسينية وتقديم حصيلة نصف قرن سابق، وتحديد الظروف التي تم فيها «تسليم العرش..»
إصلاح المدونة ..
والوظيفة الجديدة للملكية في ظل صاحبها الشرعي.
قضية الصحراء وما تغير بشكل جذري فيها:
إقبار الاستفتاء والخروج من ثنائيات تصفية الاستعمار التي جعلت الخصوم لهم صوت مسموع على حساب المغرب..
. وما تلاها من ظلم تاريخي..
إقناع إسبانيا بالانحياز إلى الضفة المغربية
وحسم الخيار العسكري..
الندِّية في مخاطبة الدول العظمى، ألمانيا، إسبانيا وفرنسا، وقبلهم الولايات المتحدة..
ولا عزة لنا في ذلك سوى لله
سوى الحق في صحراء
نوجد بها أو نموت ونفنى عليها..
إعلاء السيادة إلى درجة الشرط الأخلاقي لوجود الدولة..
ولانتماء أبنائها
إعادة فتح إفريقيا، بقوة، بتواضع الأبناء العائدين..
آاااااه .. تلك العبارات التي «حكمت» المغرب طوال المدة كلها:
– كم هو جميل هذا اليوم، الذي أعود فيه إلى البيت، بعد طول غياب.
– المغرب حر وليس محمية تابعة لأي بلد.
-لا أحلل حراما ولا أحرم حلالا.
-المغرب لن يكون، أبدا، مصنعا لشهداء الخيانة.
-إما أن يكون الشخص وطنيا، وإما أن يكون خائنا.
– تسمية الأمور بمسمياتها، حتى وإن اقتضى الأمر إحداث زلزال سياسي.
– إذا أصبح ملك المغرب لا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟
= «خاص الشعب يعرف هاذ الشي»، (يجب أن يعرف الشعب ما حصل)! في الحديث عن تقرير مآسي انتهاكات الماضي…
= اتقوا لله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا.
= أعتز بخدمتك حتى آخر رمق.
= الملكية الوطنية والمواطنة، والبيعة المتبادلة بين العرش والشعب،
ويا لتلك الصور التي حكمت الانفعال المغربي الشامل وأعطت تعريفا لما كانت اللغة تقوله:
ملك يقبل رأس شيخ وطني، أو يعانق مواطنا إفريقيا قاده الزلزال إلى سرير مستشفى أو طفل مصاب بالسرطان.. وملك يخرج ليلا للاحتفال مع الناس في لحظة فرح دولية..
صور تطبع الذاكرة وتكشف إنسانية ومواطنة الملك الذي فاجأ الجميع…
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 22/07/2024