العهد الجديد : التحول الاستراتيجي في الصحراء -3-

عبد الحميد جماهري
ليس في نيتنا القيام بجرد لكل القرارات والمسارات والمواقف التي راكمتها بلادنا في ملف صحرائنا الوطنية، بل نسعى إلى رصد التحولات العميقة التي تجعل المغرب قادرا على تفكيك المؤامرة التي يتعرض لها منذ نصف قرن. نريد الذهاب إلى العمق، وذلك من خلال عناوين استراتيجية:
1ـ تراجع الاعتراف بالدولة الوهمية..
لما وصل الملك محمد السادس إلى الحكم، كان عدد الدول التي تعترف بالبوليزاريو وجمهوريته الوهمية، بالرغم من مجهودات المغرب الكبرى واختراقاته المعتبرة، يفوق ثمانين دولة ( 84 بالضبط) ، وكانت الأمم المتحدة، ومن خلال مجلس الأمن ما زالت تبحث عن صيغة تنفيذ الاستفتاء المتفق عليه في 1991، كَبُنْد مركزي من بنود اتفاق وقف إطلاق النار، يتم الاحتكام له في الحل المطلوب.
واليوم تراجع عدد الدول التي تعترف بهذه الدولة الوهمية، إلى ما فوق العشرين بقليل (23)، كما أن فكرة الاستفتاء أصبحت من متلاشيات العلاقات الدولية والأدبيات المتجاوَزَة في أروقة الأمم المتحدة.
2 ـ إسبانيا تختار المغرب
ولا يمكن تقدير الإنجاز التاريخي لمحمد السادس، بدون احتساب تحول الدولة الإسبانية، المحتل السابق لأرض الصحراء، من عنصر مناوئ، في الفترة ما قبل المسيرة، إلى دولة التفاهم التاريخي، مرورا بوضعها الاعتباري كعنصر في معادلة تصفية الاستعمار مع توقيع اتفاقية مدريد الثلاثية مع موريتانيا والمغرب، وبمرحلة الغموض التكتيكي، الذي فتح الأبواب لاستعمال القضية.
3 – إقبار الاستفتاء وإعادة تأطير معادلة الحل
ومن عناصر التحول الاستراتيجي التي جاءت بها مقاربة محمد السادس هو تغيير البناء المفاهيمي والاستراتيجي الجزائري جملة وتفصيلا:
دوليا، صار المسلسل السياسي، المبني على الموائد المستديرة بديلا للبحث عن الاستفتاء، والحكم الذاتي هو الأفق الوحيد للحل، عوض البحث عن تثبيت أركان دويلة وهمية سادسة في الفضاء المغاربي، والكشف عن طبيعة العلاقة الجزائرية بالموضوع باعتباره صراعا إقليميا، طرفاه الحقيقيان هما المغرب والجزائر ..
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 25/07/2024