“تجفيف منابع الإرهاب” للدكتور محمد شحرور 8- أي تجديد لا يسمى تجديدا إلا إذا اخترق الأصول: فقهاء برروا التصفيات الجسدية التي مارسها سلاطين  ضد خصومهم

كتاب “تجفيف منابع الإرهاب”  للدكتور محمد شحرور ، كتاب يضع من خلال فصوله ، الأصبع على الجرح بشكل  مباشر .
العنوان قد يراه البعض أنه مستفز، انتبه إليه الدكتور شحرور وأجاب عنه بوضوح  تام، حيث يؤكد أن اختيار هذا العنوان جاء  لقناعة منه، بأن الحل الأمني فى معالجة ظاهرة الإرهاب المنتشرة فى العالم لا يكفي،  وإنما هى مرتبطة بأمرين اثنين وهما، الثقافة المنتشرة فى مجتمع ما، والاستبداد.
في ثنايا هذا المؤلف المهم ،تطرق  الفقيد الدكتور محمد شحرور إلى  مواضيع  عدة ويتساءل أيضأ ،هل الإسلام حقا مسؤول عن  الإرهاب  ،أم المسؤول هو الفقه الإسلامي التاريخي، الذى صنع إنسانيا بما يلائم الأنظمة السياسية؟،كما تطرق إلى سؤال آخر ، هل القضاء على الحركات الإسلامية المتطرفة يتم  بمكافحة الإرهاب، وهل الحروب والقوة المسلحة كافية للقضاء على الإرهاب،  أو أن له جذورا فى أمهات كتب الفقه؟.
لم يتوقف الكتاب عند  طرح  الأسئلة  فقط، بل يجيب عنها بعقلانية أيضا،كما وقف بالتفصيل على تفاسير  معاني العديد من الآيات القرآنية  الكريمة،ويؤكد أن تفسيرها غير الصحيح،سبب  انحرافا ملحوظا عن الرسالة التى حملها الرسول (ص) ،لتكون رحمة للعالمين، كالجهاد والقتال والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والولاء والبراء والكفر والردة.
الطبعة الثانية الصادرة عن دار الساقي،جاءت، لأن المنهح كما يقول المفكر محمد شحرور،  فرض علينا تعديل بعض المفاهيم التي وردت في الطبعة الأولى،  ولاسيما أن هذه التعديلات أجابت عن تساؤلات كثيرة كانت لاتزال  عالقة.
لايحمل الكتاب فقهاء تلك العصور وزر مانحن فيه كاملا، بل حمل المسؤولية من أتى بعدهم وزر الوقوف عند رؤيتهم بصحيحها وخطئها، داعيا إلى الخروج من القوقعة التي نحن فيها.
ونبه الكتاب إلى ضرورة ألا نضع أنفسنا كمسلمين في موضع الاتهام بكل مايعيشه العالم من تطرف وإرهاب، في نفس الآن، يرى أنه لزاما علينا  إعادة النظر في أدبياتنا وماتراكم من فقه،فالعالم لايتهمنا دائما بغير وجه حق، ويخلص إلى أن الشباب الذين ينفذون عمليات انتحارية ليسوا مجرمين في الأساس، بل هم  غالبا ضحايا تزوير الدين وتشويهه، فهم من وجهة نظره، نشأوا على تمجيد الموت، والنظر إلى القتل كالقتال والشهادة، والآخر المختلف كافر يجب القضاء عليه.وتعلم أن الجهاد في سبيل الله هو قتل الكافرين، بغض النظر عن مقياس الكفر والإيمان. 

 

انطلاقا  من تعريفه  للردة عن الدين  كما ترسمها  آيتا البقرة  والمائدة ، ومادام أن رأس الدين كما يرى الدكتور محمد شحرور، هو الشهادة الأولى وصاحبها مسلم، والشهادة الثانية وصاحبها مؤمن من أتباع محمد(ص) وهي الملة الحنيفية الإبراهيمية، واليهودية والنصرانية ملل وليست أديانا  ،كما يرى المؤلف، إذ لايوجد إلا دين واحد كما يقول ، وتساءل شحرور، عن العقوبة التي قررها سبحانه وتعالى في كتابه الكريم لمرتكب الردة، في ظل ما نراه من عقوبات وحدود، كحد القتل، وحد الزنا وحد السرقة  وحد رمي المحصنات، علما بأن الحدود في التنزيل الحكيم هي الحدود العليا للعقوبة؟.انطلاقا  من تعريفه  للردة عن الدين  كما ترسمها  آيتا البقرة  والمائدة ، ومادام أن رأس الدين كما يرى الدكتور محمد شحرور، هو الشهادة الأولى وصاحبها مسلم، والشهادة الثانية وصاحبها مؤمن من أتباع محمد(ص) وهي الملة الحنيفية الإبراهيمية، واليهودية والنصرانية ملل وليست أديانا  ،كما يرى المؤلف، إذ لايوجد إلا دين واحد كما يقول ، وتساءل شحرور، عن العقوبة التي قررها سبحانه وتعالى في كتابه الكريم لمرتكب الردة، في ظل ما نراه من عقوبات وحدود، كحد القتل، وحد الزنا وحد السرقة  وحد رمي المحصنات، علما بأن الحدود في التنزيل الحكيم هي الحدود العليا للعقوبة؟.وبعد  طرح هذا  السؤال  ،يجيب  المفكر محمد شحرور، انطلاقا  مما جاء  في  التنزيل الحكيم، يقول  إن عقوبة المرتد  في الآية 217من سورة البقرة، هو حبوط عمله وبطلانه في الدنيا والآخرة، وعقوبة المرتدين في آية المائدة 54،هي أن لله سيستبدلهم بقوم يحبهم  ويحبونه، بعبارة أخرى  يقول الدكتور شحرور، ليس في كتاب لله  حد شرعي للمرتد سوى مانصت عليه آيتا البقرة الآية 217 والمائدة الآية 54، وليس في هذا  كما يرى، مايثير العجب أو الاستنكار بل العكس هو الصحيح، لأن الإيمان يشرح  المفكر السوري، موقف فكري واع يختاره الإنسان العاقل دون إكراه، ولهذا يحاسبه لله عليه يوم الحساب، ومثل ذلك في الكفر والشرك والردة بدلالة قوله تعالى في الآية 108من سورة يونس “قل يا أيها الناس  قد جاءكم الحق  من ربكم  فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل “وكذلك قوله تعالى في الآية 3 من سورة الإنسان “إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا”، ومن هنا يتساءل محمد شحرور، من أين جاء تفسير المفسرين وفقه الفقهاء عن المرتد؟، الذين يقولون ،”يقتل عند الظفر به،ويقاتل إلى أن يظفر به، ولايستحق من المؤمنين موالاة ولانصرا ولاثناء حسنا، وتبين زوجته منه، ولايستحق الميراث من المسلمين “كما جاء في التفسير الكبير للرازي، وتساءل محمد شحرور، من أين جاءوا بقولهم” إن أهل الردة كانوا إحدى عشرة فرقة، ثلاث في عهد الرسول(ص) هم بنو مدلج قوم الأسود العنسي، وبنو حنيفة قوم مسيلمة الكذاب، وبنو أسد قوم طليحة بن خويلد. وسبع في عهد أبي بكر، وفرقة واحدة في عهد عمر بن الخطاب، كما جاء في تفسير الكشاف للزمخشري.عن كل ذلك  يجيب الدكتور محمد شحرور  في كتابه  “تجفيف منابع الإرهاب” بالتأكيد على أن تلك حكايات أهل الأخبار ورواة قصص الأحداث والسير، وتمت أسلمتها تحت عنوان معصومية الصحابة وقدسية التراث، ومن تمة  يرى الدكتور محمد شحرور، تحولت إلى تشريع لا أصل له في أحكام التنزيل الحكيم، وكان من خطر ذلك، يستنتج، أن أصبح لدينا “إسلام تاريخي “بدلا من” تاريخ إسلامي”وبات للنصوص التراثية من السلطة والسلطان مالايستطيع معه رجل كالزمخشري إلا أن يأخذ بها دون تفكر ولاتدبر ودون تحليل ولا تمحيص ودون زيادة أو نقصان. وذهب  إلى أن ماسماهم بفقهاء سلاطين الاستبداد، قد نظروا في التنزيل الحكيم بحثا عن الردة ليبرروا به التصفيات الجسدية التي يمارسها سلاطينهم  ضد خصومهم، ويشددون به من إحكام قبضتهم على أعناق الناس باسم الحفاظ على الدين، فلم يجدوا، ونظروا في السنة النبوية العملية بحثا عن مرتد قتله النبي(ص) بتهمة الردة فلم يجدوا  أيضأ  ،رغم ماتحفل به كتب السيرة من أخبار مرتدين، فزعموا أن النبي صلى لله عليه وسلم في سنته القولية أمر بقتال بني مدلج وقتل رأسهم في الردة الأسود العنسي ،وبقتال بني حنيفة وقتل مسيلمة الكذاب، وبقتال بين أسد وقتل طليحة بن خويلد، وزعموا أن النبي صلى لله عليه وسلم قال: “من بدل دينه فاقتلوه” وأن أبابكر  وعمر سارا بعده على خط سنته القولية تلك.

 

 


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 04/05/2020

أخبار مرتبطة

يقدم كتاب “ حرب المئة عام على فلسطين “ لرشيد الخالدي، فَهما ممكنا لتاريخ فلسطين الحديث، بشَـن حـرب استعمارية ضد

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *