حكاية رحلة رياضية امتدت لأزيد من خمسين سنة 14- محطة جديدة في حياتي

تعتبر نعيمة رودان أول إمرأة مغربية تحرز ميدالية ذهبية لصالح المسايفة المغربية، حدث ذلك في نهاية الستينيات خلال بطولة الألعاب الرياضية للمغرب العربي التي جرت بتونس.ويسجل التاريخ أنها ظلت منذ سنوات صباها وعلى امتداد خمسين سنة مرتبطة برياضة المسايفة كمبارزة،مدربة ومسيرة. ويحسب لها أيضا أنها حملت قضية المرأة الرياضية المغربية على عاتقها مدافعة عن حقها في ممارسة رياضية سليمة وعادلة حيث انضمت للجنة المرأة والرياضة التي كانت تابعة للجنة الوطنية الأولمبية وساهمت إلى جانب زميلاتها من الأسماء الرياضية الكبيرة في منح الرياضة النسوية الاهتمام الذي يليق بها.
لخمسين سنة،لم تنفصل عن عوالم الرياضة، بل وسهرت على أن ترضع أبناءها الثلاثة عشق الرياضة إلى أن أضحوا بدورهم نجوما وأبطالا في رياضة المسايفة محرزين عدة ألقاب في إسبانيا وفي كل التظاهرات بأوربا والعالم.

أخبرت والدي ووالدتي بالخبر، وأتذكر أن والدتي كانت متحفظة بعض الشيء فيما رحب والدي بالموضوع ومنحني مسؤولية القرار. لم يكن قراري خاطئا، فالأيام ستؤكد لي فيما بعد أني كنت صائبة في الاختيار والقرار.
في أواخر شهر شتنبر من سنة 1985 ، أقيم حفل الخطوبة. وبعد شهر فقط، أقمنا حفل الزفاف وأذكر أنه كان بتاريخ 26 أكتوبر 1985.
كنت سعيدة وأنا ألج بيت الزوجية. سعيدة جدا ولكن قلقة وأنا أفكر في مساري الرياضي وهل يمكن للزواج أن يؤثر فيه.
كنت أدرك بأن الأمر سيكون صعبا لكني كنت مؤمنة بقدرتي على التوفيق بين حياتي الزوجية الجديدة وحياتي كرياضية خاصة أن زوجي كان ذي شخصية منفتحة وفكره عصري ولم يكن من الرجال الذين ينظرون للمرأة بنظرة دونية بل وجدت فيه فيما بعد أكبر مساند لي وأكبر داعم في مسيرتي الرياضية.
قضينا خمسة عشرة يوما في أكادير نعيش أسعد أيامنا وكانت فترة شعرت فيها حقيقة بمعنى “شهر العسل”.
بعد “شهر العسل”، سيعرف نمط حياتي تغييرا ملحوظا..
عند عودتنا من أكادير إلى البيت، بدأت صفحات جديدة وحياة أخرى. حياة ليس لها أي علاقة مع الحياة التي كنت أعيشها قبل الزواج وسط أسرتي.
أحسست بالمسؤلية تجاه زوجي وبيتي. كنت أدرك أن لزوجي الأولوية قبل عملي وكذلك رياضتي التي تجري في عروقي. حاولت جاهدة أن أوفق بين مسؤولية بيتي وزوجي وعملي ورياضتي. وفي الحقيقة كنت أسير في السكة الصحيحة ونجحت فعلا في التأقلم مع كل المتغيرات الجديدة التي طرأت على حياتي. لكن حدث ما لم يكن متوقعا..وكانت المفاجئة الكبيرة في اخر شهر نوفمبر من سنة 1985 ،وذلك بعد زيارتي للطبيب ، لقد أصبحت حبلى.
فترة حملي كانت جد صعبة واستمرت معاناتي لمدة خمسة اشهر مما فرض علي الابتعاد نهائيا عن التداريب والمباريات. لكن سايرت عملي في الشركة لأن مهمتي لم تكن تسمح لي بالغياب. مرت فترة الحمل وجاء وقت الولادة ، الكل يترقب والدي احبائي وكل المتابعين، جاءت ابنتي البكر بعملية قيصرية يوم 27/9/86 على الساعة الثانية عشرة ليلا اَي منتصف الليل في عيادة الدكتو “Kadi” ، طبعا ملأت غرفتي بأجمل الورود من كل الأحبة وزيارات كثيرة من طرف زملائي الرياضيين . بعد مغادرتي للمصحة، أصر والدي على أن أقيم في بيتنا العائلي، وبالفعل أقمت هناك لشهر كامل وأقمنا حفل العقيقة وقام والدي بإطلاق اسم سارة على بنتي.
مباشرة بعد حفل العقيقة، تلقيت رسالة من (السيد بندناد علي) وكان يشغل مهمة الكاتب العام لجامعة المسايفة يخبرني أني مطلوبة للعمل كمدربة لأميرات سعوديات، وعلي أن أنتقل في أسرع وقت للديار السعودية.
طبعا لم يكن الأمر ممكنا بحكم وضعيتي الصحية، لذلك، رفضت ونسيت أمر الرسالة كليا.
رجعت الى بيتي بداية شهر أكتوبر 1986 ، لأكمل مشوار حياتي مع زوجي والمولودة الجديدة ، كبرت المسؤولية ، شغل، بيت، ابنة لأجد نفسي وقد تخليت عن معشوقتي رياضة المسايفة.
لكن هل كان من الممكن أن أتخلى عن رياضة المسايفة؟ هل كان من الممكن أن أتخلى عن جزء هام من حياتي؟
لم يكن ذلك ممكنا..أبدا


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 11/05/2020

أخبار مرتبطة

يقدم كتاب “ حرب المئة عام على فلسطين “ لرشيد الخالدي، فَهما ممكنا لتاريخ فلسطين الحديث، بشَـن حـرب استعمارية ضد

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *