التربية الدامجة بين التنظير والأجرأة محور ندوة علمية بالمديرية الإقليمية للتعليم بسطات

نظمت المديرية الإقليمية للتعليم بسطات ندوة علمية تأطيرية تكوينية لفائدة مديرات ومديري المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة، موضوعها «التربية الدامجة بين التنظير والأجرأة»
افتتح اللقاء المدير الإقليمي عبد العالي السعيدي، بكلمة توجيهية أكد فيها على أهمية موضوع الندوة وراهنيته، انسجاما مع جوهر القانون الإطار للتربية والتكوين رقم 51.17 الهادف لتحقيق تكافؤ الفرص، وضمان الحق في ولوج التربية والتعليم والتكوين لفائدة الأطفال في وضعية إعاقة أو في وضعيات خاصة، مبرزا سياق الندوة المتزامنة مع «اليوم العالمي للأشخاص في وضعية إعاقة» الذي يصادف اليوم الثالث من دجنبر من كل سنة، مشيدا في كلمته بالعربي الربح المفتش التربوي والمكلف الجهوي بالتربية الدامجة بالأكاديمية الجهوية الدار البيضاء سطات، مذكرا بأن الربح يعتبر خبيرا وطنيا في المجال، تبعا لمساره التكويني وطنيا ودوليا، وخبراته التي راكمها بالبحث العلمي والممارسة الميدانية، مبرزا أن هذا اللقاء يندرج ضمن سلسلة اللقاءات التكوينية التأطيرية المبرمجة من طرف المديرية تنزيلا لمشاريع القانون الإطار، والتي ستهم كافة المتدخلين بالمنظومة من مفتشين ومديرين وأساتذة وإداريين.. في مجالات مختلفة، مختتما بأن المرحلة تستدعي انخراطا بحس إنساني قيمي، بإرادة جماعية للتغلب على كل الإكراهات والصعاب.
المفتش التربوي لحسن بنبوطة الذي ترأس الندوة ونشط محاورها، إلى جانب سمية الرياحي، رئيسة مصلحة الشؤون التربوية، قدم إحصائيات دولية ووطنية كشفت الوضع الذي يعيشه الأشخاص في وضعيات خاصة، بسبب تأثيرات عدم إدماجهم في التعلمات الأساس وفي المؤسسات التعليمية، سواء الذين لم يستطيعوا ولوج المدرسة قط، أو الذين لم تسعفهم ظروفهم ووضعياتهم من استكمال دراستهم.
اللقاء التأطيري استهله العربي الربح بالإطار النظري بتعريف التربية الدامجة – حسب منظمة اليونسكو- هي كل تربية مبنية على حق الجميع في تربية ذات جودة تستجيب لحاجيات التعلمات الأساسية… وتتمحور حول الفئات الهشة، بهدف إنهاء جميع أشكال التمييز وتعزيز التماسك الاجتماعي، أما -منظمة إعاقة دولية- فعرفتها بأنها تعتبر نظاما تربويا يأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الخاصة لكل الأطفال واليافعين الموجودين في وضعيات تهميش وهشاشة وإعاقة…
– السياق الحقوقي والتشريعي
تفعيلا لانخراط المغرب في منظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا بجعل الاتفاقيات الدولية تسمو على التشريع الوطني، التزم المغرب بتفعيل كل الاتفاقيات الدولية لاسيما العهدين الدوليين والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي تضمنت المادة 23 منه « من حق كل طفل ذي إعاقة أن يعيش أفضل حياة ممكنة في المجتمع. وعلى الحكومات إزالة جميع العقبات أمام الأطفال من ذوي الإعاقات لكي يصبحوا مستقلين ويشاركوا بفاعلية في المجتمع.»،… وفي هذا السياق الحقوقي أبرز المحاضر ما تضمنه الدستور المغربي بالمادتين 31 و 34 من ضمانات تلزم الدولة والمؤسسات والجماعات الترابية بتعبئة كل الوسائل قصد استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من مجموعة من الحقوق من ضمنها الحصول على تعليم عصري جيد وميسر الولوج، مع ما يلزم من عناية خاصة للأشخاص في وضعيات خاصة، وتفعيلا لذلك صدرت مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية والمخططات الاستراتيجية والتي أولت عناية خاصة بالأطفال واليافعين في وضعيات خاصة باهتمام وحرص كبيرين، من أبرزها الرؤية الاستراتيجية للتربية والتكوين، والقانون الإطار 51.17 ومجموعة من المذكرات الوزارية، والتي ترجمها المشروع الرابع من القانون الإطار بتمكين الأطفال في وضعية إعاقة أو وضعيات خاصة من التمدرس.
– من أقسام الإدماج إلى أقسام دامجة:
في إطار المواكبة الحقوقية الدولية واصلت السياسة الحكومية لقطاع التربية والتكوين تطوير مسارات تعلمات الأشخاص في وضعيات الخاصة، فبعدما كان التركيز في السابق يركز على الأشخاص في وضعيات إعاقة بمختلف أنواعها الصحية كما كانت معتمدة وفق المقاربة التقليدية، أصبح الأمر يشمل كل الوضعيات الخاصة صحية واجتماعية و.. وتم الانتقال من أقسام الإدماج الخاصة بذوي الإعاقة، في ما يشبه العزلة عن واقعهم الاجتماعي، إلى أقسام دامجة بمختلف المؤسسات التعليمية، دون عزلهم عن أقرانهم في الأقسام العادية.
كما أوضح المحاضر أن المرحلة انتقالية تستدعي مجابهة كل التحديات، وتتطلب انخراطا جماعيا، قصد تعميم للتربية الدامجة بجميع المؤسسات التعليمية، العمومية والخصوصية، لضمان حق التمدرس للجميع دون إقصاء، مبرزا أن الوزارة شرعت في تخصيص مجزوءات في إطار التكوين الأساسي بمختلف مراكز التكوين للمفتشين المتدربين، وللأطر الإدارية التربوية، وللأساتذة المتدربين، وكل المتدخلين، مع مواكبة الممارسين بتكاوين مستمرة، كما وفرت مجموعة من الدلائل المساعدة والمؤطرة والموجهة، وتكييف للمناهج وللمضامين، والمراقبة المستمرة والامتحانات وتنويعا للطرائق والممارسات البيداغوجية، والوسائط الديداكتيكية.. بما يضمن تعليما جامعا، وتيسير الحق في المشاركة في الحياة المدرسية.
عرض لامس من خلاله المحاضر مختلف أنواع الإعاقة (إعاقة التوحد TSA؛ الإعاقة الذهنية HM؛ إعاقة الشلل الدماغي الحركي IMC؛ الإعاقة السمعية HA؛ الإعاقة البصرية HV؛ إعاقة اضطرابات التعلم HTA؛ الفرط في الحركة؛ اضطراب نقص الانتباه TDAH) كما وقف على تقاسم بعض التجارب الناجحة لأطفال في وضعيات إعاقة مختلفة بمجوعة من المؤسسات التعليمية، والتي أفرزت تفوقا وتميزا ودمجا كليا، مختتما عرضه بذكر بعض شروط نجاح تنزيل الدمج المدرسي منها: التعبئة المجتمعية، إذكاء الوعي وانخراط الجميع؛ السعي إلى تحقيق الجودة عبر الإنصاف وتكافؤ الفرص باعتبار الولوج إلى المدرسة حق للجميع؛ وتوفير الولوجيات؛ استحضار الجانب القيمي والوطني للنهوض بأوضاع الأشخاص في وضعية إعاقة أو خاصة؛ احتضان المؤسسة بكافة مكوناتها والانطلاق منها للرقي بالمجتمع على كافة المستويات؛ أهمية التكوين؛ التدابيرالتيسيرية دعامة أساسية في تنزيل التربية الدامجة.


الكاتب : فوزي بوزيان

  

بتاريخ : 13/01/2022