الراحل علي يعتة البرلماني الفصيح ذو النفس الخطابي والصوت الجهوري

انتخب الراحل علي يعتة، نائبا برلمانيا وحيدا عن حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، لكن بثقله السياسي وحضوره الوازن بالمؤسسة التشريعية كان بمثابة فريق متكامل.
لقد عزز الراحل علي يعتة حضور الحزب بنشاطه على المستوى الإعلامي كمدير لصحيفة الحزب، وكبرلماني  عرف بنفسه الخطابي وفصاحته وصوته الجهوري على منبر المؤسسة التشريعية.
إنه مناضل يساري مغربي، يعتبر القائد التاريخي لحزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي المغربي سابقا). بدأ نشاطه عضوا في خلايا الوطنيين المغاربة المناهضين للاستعمار الفرنسي، وأصبح، في ذروة الاستقطاب بين المعارضة والسلطة في عهد الحسن الثاني، أحد قيادات تحالف الكتلة الديموقراطية التي تزعمت المطالبة بالإصلاح والديموقراطية في المملكة.
ولد علي يعتة، يوم 25 غشت 1920 في مدينة طنجة، لأب جزائري الأصل ينحدر من منطقة القبائل استقر بالمدينة عام 1911، وأم من منطقة الريف شمال المغرب. في تلك الفترة كانت طنجة -بحكم التقسيم الاستعماري- ذات نظام دولي بحيث تحتضن ممثليات دبلوماسية ومصالح اقتصادية وجنسيات مختلفة.
على غرار جل أقران ذلك الجيل، التحق علي يعتة في الرابعة من عمره بكتاب قرآني لحفظ القرآن وتعلم الأصول الأولى للقراءة والكتابة. لاحقا، وفي الثامنة من العمر، انضم إلى المدرسة الابتدائية الفرنسية العربية.
وفي سنة 1933 انتقل صحبة عائلته إلى مدينة الدار البيضاء، حيث التحق بثانوية ليوطي التي كانت واحدة من أشهر مؤسسات التعليم الحديث في البلاد. وبالنظر إلى ضعف الحيز المتاح للغة العربية، فقد تابع دروسا إضافية على يد بعض الشيوخ الذين عرفوا بصلاتهم مع الحركة الوطنية.
سنة 1942 حصل على شهادة الدراسات التطبيقية العربية من كلية الآداب بالجزائر، وحصل في العام الموالي على شهادة أصول العربية من الجامعة نفسها.
شغل علي يعتة عضوية في سكرتارية الحزب الشيوعي عام 1945 إلى جانب عدد قليل من المغاربة المسلمين في حزب كان أقرب إلى فرع للحزب الشيوعي الفرنسي.
تعرض الراحل للسجن في أيام الاستعمار وبعد الاستقلال على السواء، فقد زجت به سلطات الاحتلال في السجن بالدار البيضاء والجزائر ومارسيليا وباريس، وعرف بعد الاستقلال زنازين السجن الشهير درب مولاي الشريف بالدار البيضاء، وسجن العلو بالرباط.
قاد حزبه في ظروف ومنعطفات صعبة يظل أهمها فترة حل الحزب، حيث حافظ على قاعدة الحزب في صيغته الجديدة باسم حزب التحرر والاشتراكية ثم حزب التقدم والاشتراكية، وعمل عبر هذه المنعطفات على تكييف مواقف الحزب ومرجعياته مع الواقع السياسي المغربي الأمر الذي جعله يتجنب مصير الكثير من الحركات الراديكالية ذات النهج الماركسي اللينيني.توفي علي يعتة، يوم 13 غشت 1997، في حادثة سير بالدار البيضاء.


الكاتب : عبدالحق الريحاني

  

بتاريخ : 26/10/2023