ترك رصيد اغنائيا خالدا.. 70 سنة مرت على رحيل فنان الشعب الحسين السلاوي

حلت يوم 16 ماي 2021  الذدكرى 70 لر حيل الفنان الشعبي الكبير الحسين السلاوي، أحد أبرز  رموز التراث الشعبي والوطني والميدان الفني عامة، وشاهد عصر.
ظهرت موهبته الفنية منذ صغره، وأخذ مبادئ الغناء على يد المعلمين الذين كانوا يتغنون بمختلف  أنواع الغناء الشعبي المتنوع، وكان من رواد المقاهي مع المولعين بالموسيقى بمدينة سلا، ليصبح مع مرور الوقت من رواد الحلقة التي اشتغل فيها، رسم لنفسه مسارا خاصا به وكرس حياته لخدمة اﻷغنية المغربية رغم أنه عاش حياة قصيرة (1921 – 1951) وهو الذي أعطى اﻹنطلاقة الصحيحة للأغنية المغربية، حينها كانت بدائية،  فجاء بروز السلاوي الذي أعطاها شكلا آخر، وكان كثير التنقل عبر المدن والبوادي واﻷسواق والمواسم السنوية كي يوصل صوته للجمهور، وأصبح مطربا متجولا وهو ما يسمى الطروبادور، وهناك مصدر يقول إن هذا المصطلح يعني «الطرب يدور»، كان يحول كل ما يسمعه أثناء تجواله إلى أغاني، وأعطى بذلك إطارا للأغنية المغربية، استنبط  ألحانه من موسيقى الشرق ومن التراث الفني   المغربي، كما أدخل اﻹيقاع الجبلي واﻹفريقي الكناوي، فنه خلق من العمق المغربي، حيث انطلق من اﻹيقاعات المغربية اﻷصيلة، كما عمل على أن تكون اﻷغنية المغربية  متجددة، و اعتبر عبقري عصره، وتميز بأنه  كان يكتب ويلح و يغني، كلماته نابعة من الواقع المغربي وصميمه وصلب اﻷحداث المستجدة في المغرب، أغانيه أثارت الفنانين في المغرب وخارجه بعد أن تجاوزت الحدود ليصبح بذدلك فنانا عالميا.
تطرق لكل المواضيع المجتمعية كالفساد،  الخداع، الغش والمكر، الضيق المادي، وهموم الناس عامة، ظواهر كانت شائعة في الزمن الذي عاشه، ومن ضمنه فترة اﻷربعينيات من القرن الماضي، وكنموذج عن هذه الظواهر أغنية «احظي راسك»،  تحدث خلالها عن دهاء القرويين( العروبية ) والباعة، ومن بين ما جاء فيها:» احظي راسك ليفوزوا بك القومان يافلان، الكزارة مجبدين، من الفوق تلقى  هبيرتين، من التحت داير عظيمتين، أعطي لفلان  بن فلان، واعطي لمقدم بالتمام،.. مالين النعناع مطورين، الربيطة فيها ورقتين، يقول ريال يافلان، هزها ولا حطها، ويسير عليك بالمعيار.. العروبية مجبدين جابوا الدجاج كاملين..
من أبرز كذلك ما غناه السلاوي،  قطعة «الماريكان»، بعدما نزلت القوات اﻷمريكية بشواطئ الدارالبيضاء سنة 1942، هذا التواجد اﻷمريكي كانت له آثار  سلبية على الناس وخاصة النساء،  حيث ساد التفسخ واﻹنحلال الخلقي، وعادات لم يألفها المغاربة، دخول السيكار، الدولار والشوينكوم، .. وكانت ه.ه اﻷغنية بمثابة رد فعل ضد هدا اﻹجتياح وإثارة اﻹنتباه لمخاطره، يقول المقطع اﻷول:» أي أي يا  ي ياي على هاد الزمان واشنو صار
دخلت الماريكان  الناس  تقوات و النسا علينا  جاروا
حتى من لعكايزات دارو النكاب على شوينكوم ساروا – المزوجات  دارو سباب على رجالتهم غابوا – الزين والعين  الزرقا جانا بكل  خير – اليوم يمشيوا بالفرقة  بناتنا فخير – اشحال من هي معشوقة دارو لها  الشان الماريكان – تسمع غير أوكي  أوكي هدا ماكان».
كان يعمل على بعث الروح  الوطنية، كان مقاوما، غنى في مرحلة صعبة وتحت اﻹحتلال،  حمل القضية الوطنية من خلال فنه، كما كان مهتما بالرياضة وغنى عن أسطورة الكرة المغربية العربي بنمبارك الجوهرة السوداء.
غنى عن المدن المغربية، طنجة من خلال قطعة «أطنجة يالعالية»،  وعن جارتها تطوان، وعن مدينة سلا من خلال قطعة «السانية والبير»، حيث المعروف عنها آنذاك كونها  مشهورة أنها وديعة ومخضرة وتنتشر بها السواني كما ورد في نفس اﻷغنية اسم المدينة، حين قال « على سلوان وماليها لالة، لالة»، وغنى عن حامة مولاي يعقوب حين قال» أيا مولاي يعقوب نجيني من الحبوب راني غريب وبراني.»
تغنى بالجمال، وكان عاشقا للمرأة، واستهواه بالخصوص اللون اﻷسمر، الذي ورد في مجموعة أغانيه، «سمرة وخمورية»، «لله لله ألسمر»، «ياسمرة ياحلوة باريحة الجنة»، «ألكحلة يابنت الداسر»، غنى عن النزاهة من خلال قطعة «محلا النزاهة مع الناس لقدام»، ومن أغانيه اﻷخرى نذكر، «حرودة»،  «عمرلو السبسي»، «اللي بيني وبينك»،  «سترني يا ستار»،  «نوصيك يابنادم»،  «الراضة»، «ياموجة غني»، «أهو تاني»،  «أباسيدي با»، «أيامنة»..
سافر إلى باريس وسجل بها اسطوانة ل «باتي ماركوني»، وكان بدلك أول مغني مغربي يتعامل مع هذا اﻷستوديو العالمي ذو الشهرة الكبيرة، والذي كان يتعامل مع كبار الفنانين.
يعد السلاوي أول من أدخل المونولوغ والموال في الغناء واﻵلات العصرية، وأول من اعتمد على الكورال النسوي في شخص بهية فرح.
مع مطلع الخمسينيات، اشتد عليه المرض، وشعر بأن شبح الموت يهدده، فغنى آخر أغنية له، وكانت مأساوية، وكأنه كان ينتظر مغادرته لهدا العالم وهي «ياغريب لك لله.»
توفي يوم 16 ماي 1951،  وعمره لم يتجاوز 30 ربيعا، ودفن بمقبرة سيدي بلعباس بمدينته سلا.


الكاتب : الخميسات:  أورارى علي

  

بتاريخ : 09/06/2021

أخبار مرتبطة

احتفاء وتكريما في هذه الدورة بالسينما المالية، افتتح السبت على الساعة السابعة مساء، المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة في دورته

تكاد هذه اللوحة تنطق لتكشف عن المستور ، وتقول أشياء عن تلك المرأة التي في قلبها غصة ، و تعاني

  نظم الخميس الماضي بمراكش، عرض خاص للقفطان، والذي يشكل أيضا انطلاقة تظاهرة “أسبوع القفطان 2024”. ويشكل هذا الحدث المقام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *