حكاية رحلة رياضية امتدت لأزيد من خمسين سنة 19- انضمامي للجنة المرأة والرياضة ووفاة والدي

تعتبر نعيمة رودان أول إمرأة مغربية تحرز ميدالية ذهبية لصالح المسايفة المغربية، حدث ذلك في نهاية الستينيات خلال بطولة الألعاب الرياضية للمغرب العربي التي جرت بتونس.ويسجل التاريخ أنها ظلت منذ سنوات صباها وعلى امتداد خمسين سنة مرتبطة برياضة المسايفة كمبارزة،مدربة ومسيرة. ويحسب لها أيضا أنها حملت قضية المرأة الرياضية المغربية على عاتقها مدافعة عن حقها في ممارسة رياضية سليمة وعادلة حيث انضمت للجنة المرأة والرياضة التي كانت تابعة للجنة الوطنية الأولمبية وساهمت إلى جانب زميلاتها من الأسماء الرياضية الكبيرة في منح الرياضة النسوية الاهتمام الذي يليق بها.
لخمسين سنة،لم تنفصل عن عوالم الرياضة، بل وسهرت على أن ترضع أبناءها الثلاثة عشق الرياضة إلى أن أضحوا بدورهم نجوما وأبطالا في رياضة المسايفة محرزين عدة ألقاب في إسبانيا وفي كل التظاهرات بأوربا والعالم.

 

أغلق الستار على هاد العرس الكبير وعدت من جديد إلى حياتي العادية ومزاولة عملي كالمعتاد. وللأسف، بدأت الأمور في شركتي في التراجع على المبيعات.
ساد الركوض، ومع ذلك لم نستسلم وسايرنا الأمور ولو بصعوبة.
صعوبات العمل وتراجع مبيعات الشركة والظروف الصعبة التي مرت بها، لم تتثنيني عن مواصلة العمل في المساهمة في تطوير المسايفة. هكذا، ومباشرة بعد انتخابي نائبة لرئيس الجامعة الملكية المغربية للمسايفة وبحضور”الكلونيل زكري” اخبرني بأنه تم اختياري للانضمام إلى “لجنة المرأة والرياضة” والتي تشكلت من نجمات الرياضة المغربية حينذاك:
– فاطمة عوام. لله يرحمها، ثريا أعراب، أسماء الضهار، فاطمة بن دريوش،الراحلة سميرة الزاولي وسميرة لمتوني، وأذكر أن اللجنة تأسست بتاريخ 30 يوليوز 2003 .
تشكلت اللجنة من أسماء رياضية بارزة،كانت كل واحدة لديها سجل تاريخي حافل بالبطولات والألقاب، وكل واحدة تمثل رياضة معينة. فاطمة عوام عن ألعاب القوى، ثريا أعراب عن الكرة الطائرة، أسماء الضهار عن طيجاتسو، فاطمة بن دريوش عن الجمباز، سميرة الزاولي عن كرة القدم النسوية وسميرة لمتوني عن الجيدو.
التقينا جميعا برغبة أكيدة في العمل لصالح الرياضة النسوية، وضعنا برامج عديدة لإدماج المرأة المغربية وودعمها لولوج الميادين الرياضية.
ولحضور اجتماعات لجنة المرأة والرياضة،كنت دائما أنتقل إلى الرباط رفقة صديقتي ثريا أعراب للاتحاق بمقر اللجنة الوطنية الأولمبية، وخلال طريقنا كنا نتطرق لعدة مواضيع، بحيث كنت جد معجبة بأفكارها وعملها بتفاني ونكران للذات.
وفي شهر مارس 2004 بمراكش، ثم الإعلان عن تنظيم المؤتمر الدولي “للمراة والرياضة”.
فِي انتظار ذلك، كنت قد استدعيت من طرف الجامعة الملكية المغربية للمسايفة للذهاب مع الفريق الوطني إلى تونس للمشاركة في البطولة الافريقية كرئيسة الوفد وحكمة دولية. كانت مشاركنا مشاركة فعالة بحيت تأهل ولأول مرة في تاريخ المسايفة البطل المغربي “عصام الرامي” للألعاب الأولمبية وحصلنا كذلك على الميدالية الفضية للفرق.
بعد عودتي من تونس، فوجئت بخبر مرض والدي، وكان علينا أن ندخله على الفور لإجراء عملية جراحية بالرباط.
اجتاز والدي العملية الجراحية لكن التحاليل لم تكن مطمئنة.كان على والدي تلقي العلاج الكيمياوي، ولم يخف الطبيب عنا نوع مرضه بل وصارحنا بكون والدي لا يمكن أن يعيش لأكثر من ستة أشهر أو سنة على أكثر تقدير. كانت صدمتي كبيرة، وتحملت قساوتها لوحدي لأني لم أخبر أي فرد من أفراد الأسرة . حالتي النفسية والباطنية تدمرت، لم يكن والدي فحسب، بل كان صديقي ورفيق دربي في حياتي الشخصية والرياضية.
كنت أقاوم، حتى عملي في الشركة أهملته، أولادي أهملتهم وكذلك زوجي الحمد لله كان دائما بجانبي يؤازرني ويقوي ارادتي. لكن مشيئة الله كانت أقوى، وبعد ستة أشهر بالضبط ،توفي والدي وذلك يوم 19 نوفمبر 2014، وأنا أمسك بيده بحضور أخي الأصغر. كان حزنا عميقا جدا تملكني ولا يمكن وصفه بحيث شعرت أنني فقدت ركنا من أركان حياتي.
تخليت عن الرياضة، عن العمل، عن كل شيء وعشت إحباطا كبيرا، ولأول مرة في حياتي، وفي غياب والدي، لم أكن أجد أي طعم للحياة.


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 16/05/2020

أخبار مرتبطة

يقدم كتاب “ حرب المئة عام على فلسطين “ لرشيد الخالدي، فَهما ممكنا لتاريخ فلسطين الحديث، بشَـن حـرب استعمارية ضد

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *