نويل مكافي أستاذة ورئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري: اعتقالي  قمع لحرية التعبير و محاولة نزع الشرعية عن أي معارضة

ح. الفارسي

مرة أخرى يظهر الغرب عداءه لكل القيم الإنسانية عندما يتعلق الأمر بالتضامن مع معاناة الشعب الفلسطيني الأعزل، وهو يقاوم سياسة الإبادة الجماعية التي تقودها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة وفي كل الأراضي الفلسطينية خاصة بعد أحداث 7 أكتوبر.
ومرة أخرى لا تتردد السلطات الأمريكية في إخراس كل الأصوات المناهضة لسياسة إسرائيل ولسياسة اللوبي الأمريكي الداعم لها. فبعد أن خلقت مظاهرات الطلاب الأمريكيين بمختلف الجامعات الأمريكيةـ تضامنا مع الشعب الفلسطيني ، الحدث في كل وسائل الاعلام من أجل مخاطبة الضمير الغربي، يتم اعتقال أستاذة الفلسفة بجامعة إيموري الدكتورة نويل مكافي من داخل الحرم الجامعي، وبصورة مهينة تابعها الرأي العام العالمي وهي مصفدة اليدين بسبب مناصرتها لاحتجاجات الطلبة، و مناهضتها للعنف الذي ووجهوا به من طرف قوات الشرطة الأمريكية.
وبهذا الاعتقال في حق د. نويل مكافي، بسبب مشاركتها في تظاهرات مناهضة لحرب الإبادة الجماعية ، تسقط ورقة  أخرى من أوراق الزيف الأمريكين وينهار جدار آخر من جدار الفكر الإنساني الغربي.
وقد صرحت نويل مكافي بأنه تم القبض عليها ووجهت إليها تهمة السلوك غير المنضبط، وستقدم للمحاكمة الشهر المقبل.
وأضافت مكافي: “مجرد التشكيك في قوة الشرطة كان انتهاكًا. وكان سلوكي غير المنضبط هو أنني وقفت هناك”. “لقد وقفت في الحرم الجامعي الخاص بي، وقفت لمنع تعرض شخص ما للضرب حتى الموت، لذلك كان هذا سلوكًا غير منظم”
كما أثارت مكافي عدة نقاط أخرى في مقابلتها مع “11Alive” حول ما حدث في حرم جامعة إيموري في. ومن بين هذه النقاط ادعاء الإدارة، الذي عبر عنه رئيس إيموري جريج فينفيس، في رسالة يوم الجمعة الماضي، بأن المظاهرة اندلعت من قبل “متظاهرين خارجيين منظمين للغاية”.
وقالت مكافي إنها كانت هناك “تدافع عن الطلاب وحريتهم في التعبير” وأن هناك “مشكلة تتعلق بقمع مديري التعليم العالي لحرية التعبير ونزع الشرعية عن أي معارضة”.
وأشارت أستاذة الفلسفة والتحليل النفسي بالجامعة إلى أن إحدى الطرق التي يتم بها نزع شرعية الاحتجاجات في كثير من الأحيان هي “القول إنهم كانوا محرضين خارجيين – وهذا غير صحيح”.
وقالت: “ربما كان هناك بعض الطلاب هنا من جامعات أخرى”. “لكن الطلاب الذين تحدثت معهم والذين ينظمون ذلك هم طلاب إيموري الذين أعرفهم منذ سنوات.”
وأضاف مكافي: “قالوا المحرضين الخارجيين، أعتقد أن المحرضين الخارجيين كانوا شرطة أطلانطا وجنود ولاية جورجيا. لقد كانوا المحرضين”.

من هي نويل مكافي؟

نويل مكافي، أستاذة ورئيسة قسم الفلسفة وأستاذة الطب النفسي والعلوم السلوكية بجامعة إيموري الأمريكية، حاصلة على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة تكساس سنة 1998 ودرجة الماجستير في الفلسفة من جامعة ويسكونسن ماديسون سنة 1990.
تتوفر مكافي على أزيد من 80 مقالا في الفلسفة والتحليل النفسي، ولها خمسة كتب يعد ” الخوف من الانهيار: السياسة والتحليل النفسي” من أبرزها وقد بحثت من خلاله في أسباب تصاعد النعرات القومية وسياسات القمع، حيث فاز هذا الكتاب الصادر سنة 2019 بجائزة الجمعية الأمريكية للتحليل النفسي سنة 2020.
تتساءل مكافي في هذا الكتاب عن:
“ما الذي يقف وراء تصاعد القومية الخبيثة والسياسات المتعنتة في جميع أنحاء العالم اليوم؟”
وتستخدم مكافي في كتابها “الخوف من الانهيار” نظرية التحليل النفسي لاستكشاف المخاوف الكامنة وراء الأزمات الحالية، والطرق التي يمكن أن تساعد بها الممارسات الديمقراطية في العمل من خلال الصراعات السياسية التي تبدو مستعصية على الحل.
من خلال العمل عند تقاطع النفس والمجتمع، تعتمد مكافي على مفهوم المحلل النفسي دي دبليو وينيكوت للخوف من الانهيار لإظهار كيف تنبع القومية المفرطة من القلق اللاواعي بشأن أصول الهويات الشخصية والاجتماعية، مما يؤدي إلى إغراءات لتجسيد الأوهام الإقصائية للأصول القومية.
يؤكد كتاب “الخوف من الانهيار” أن السياسة تحتاج إلى شيء لم يتمكن سوى التحليل النفسي من تقديمه وهو : فهم كيفية العمل من خلال القلق والغموض والهشاشة والخسارة من أجل خلق سياسة أكثر ديمقراطية. من خلال الجمع بين نظرية التحليل النفسي القوية والممارسة الديمقراطية الملموسة.
يُظهر كتاب “الخوف من الانهيار” كيف يمكن لسياسات العمل من خلال المساعدة مواجهة سياسات الانقسام والبارانويا والشيطنة.
وتدعو مكافي إلى اتباع نهج جديد للنظرية الديمقراطية التداولية، وليس العملية المعتادة التي أقرها الفلاسفة لإعطاء العقل، بل عملية عاطفية تتمثل في اتخاذ خيارات صعبة، ومواجهة الآخرين، والحداد على ما لا يمكن الحصول عليه.
من بين ما جاء في الكتاب أن ” المجتمعات الديمقراطية النابضة بالحياة لا تنتظر حكوماتها لتتحرك؛ إنهم يتصرفون بأنفسهم ثم يدفعون الهيئات الرسمية أيضًا إلى الحضور. في كثير من الأحيان يقود الجمهور والحكومات تتبعه”. ولعل مكافي وهي تجد نفسها يجرها جندي اقتحم حرم جامعتها تتذكر مقولتها بأنه سيأتي يوم سيُعتبر فيه “المتظاهرون السلميون إرهابيين محليين يحاولون تدمير الأمة”.
إلى جانب هذا الكتاب الهام ، كتب نويل مكافي: كتاب “النسوية انغماس سريع والديمقراطية واللاوعي السياسي”، ثم جوليا كريستيفا” و” هابرماس وكريستيفا ولمواطن”.
سبق لنويل مكافي أن شغلت منصب عضو في مجلس إدارة القسم النسوي في موسوعة ستانفورد للفلسفة، حيث كانت تشرف على عشرات الإدخالات في النظرية النسوية وأيضا منصب محررة في مجلة ” كيترينج”.


الكاتب : ح. الفارسي

  

بتاريخ : 29/04/2024