بوريل: متى ينهي استفزازه للمغرب

نوفل البعمري

مرة أخرى يخرج جوزيف بوريل بتصريحات غريبة حول مدينتي سبتة ومليلية السليبتين في توقيت أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه غير بريء لأنه يهدف من بين ما يهدف إليه جر المغرب والاتحاد الأوروبي لمواجهة سياسية ونقاش هامشي غير مطروح في أجندتهما ولا في أجندة الدولة الإسبانية، فقد أعلن هذا المسؤول الأوروبي عن موقف غريب حول وضعية هاتين المدينتين السليبتين اللتين أعلن أنهما “إقليمان تابعنا للاتحاد الأوروبي، وتشكلان جزءا من حدوده الخارجية”، وهو تصريح مستفز للمغرب وللشعور العام للمغاربة، خاصة أنه لم تكن هناك أي مناسبة ولا داع للإدلاء به غير الانسياق الغريب لهذا المسؤول الأوروبي في كل اللحظات التي تشهد فيها علاقة المغرب والاتحاد الأوروبي نوعا من الحوار حول قضايا استراتيجية للتشويش عليهما ودفعهما نحو الأزمة.
هذا المسؤول الأوروبي ليست المرة الأولى التي يدلي فيها بتصريحات لا تعبر عن وجهة نظر الاتحاد الأوروبي، ولا المفوضية الأوروبية، فقد سبق له أن أدلى بتصريح يمس الوحدة الترابية للمغرب، ويعبر عن موقف لا يتقاطع مع الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي ليعود بعد ذلك ليتراجع عن كل ما قاله ويدلي بموقف يعتبر هو الموقف الرسمي لهذا الجهاز الأوروبي الداعم للمسار السياسي ولقرارات مجلس الأمن والمبعوث الأممي…
نحن أمام مسؤول أوروبي له عدة سوابق في الإدلاء بتصريحات كهذه مستغلًا موقعه باعتباره الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية، من أجل المس بالمغرب خاصة على مستوى وحدته الترابية، وما يثير في تصريحه الأخير هو ربطه بين هاتين المدينتين، وما سماه ” بحماية حدود الاتحاد الأوروبي”!!، هذا الجزء من تصريحه يعتبر سابقة من حيث ما يُضمره من تهديد مبطن حول ما سماه ” بحماية حدود الاتحاد الأوروبي”، فهل يعتبر الاتحاد الأوروبي مهددًا من جهة الجنوب ويريد حماية هذه “الحدود”!!، ومن هي الجهة التي تهدد الاتحاد الأوروبي حتى يؤكد على وجوب حماية حدوده الخارجية؟!
يبدو أن بوريل لم ينتبه إلى أن مثل هذا التصريح هو ما تسبب فعلا في نشوب حرب روسية-أوكرانية غربية مازال العالم يؤدي ثمنها من اقتصاده، ومن الضحايا الذين سقطوا وتشردوا ناهيك عن تأثير هذه الحرب على الاقتصاد العالمي… فهل يسعى السيد بوريل إلى إشعال حدود أوروبا جنوبًا مع عدم التسليم بقوله بكون” سبتة ومليلية مدينتين أوروبيتين”، بعد أن اشتعلت من جهة الشمال الشرقي مع تكلفة تصريحاته السياسية على المنطقة!!!
جوزيف بوريل الذي يُفترض فيه أنه يتقلد منصبا سياسيا ودبلوماسيا، ويقود واجهة الاتحاد الأوروبي الخارجية أصبح اليوم يشكل عنصر توتر خارجي للاتحاد الأوروبي كما بات يعبر عن مواقف باسم هذا الجهاز دون تكليفه بالادلاء بها، ودون أن يكون لهذا الجهاز أي موقف رسمي من القضايا التي أصبح ينصب نفسه ناطقًا باسمها، اللهم إلا رغبته الأكيدة في إشعال نار الفتنة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وهنا لابد أن نشير إلى دوره في محاولة تأزيم الوضع بين المغرب والاتحاد الأوروبي في ملف أزمة المهاجرين غير الشرعيين الذين دخلوا مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وكانت له تصريحات مماثلة لكن الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية لم يسايراه في موقفه، نفس الأمر كرره في ما يتعلق بمحاولته استفزاز المغرب من بوابة وحدته الترابية ليتراجع بعد ذلك تحت وقع احتجاج المغرب وضغط الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعيده الآن من بوابة ما أسماه ” حماية الحدود الأوروبية الخارجية”.
هذا الرجل يبدو أنه أصبح لا يشتغل ضمن أجندة الاتحاد الأوروبي بل تحول لعنصر توتر يختار الخروج بتصريحات كهذه في توقيت دقيق يرتبط بوجود نوع من الحوار بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وإذا كان الطرفان معًا لم ينساقا وراء تصريحاته السابقة المستفزة فإنه بات اليوم على الاتحاد الأوروبي، وعلى أجهزته التنفيذية، أن يطرحا السؤال حول جدوى استمرار هذا الرجل في شغل هذا المنصب مادام أنه يعبر عن مواقف لا تمت بصلة للمواقف الرسمية للاتحاد، ولم يتم تكليفه للإدلاء بها خاصة وأن الأمر أصبح يتكرر في كل مناسبة.
الأكيد أن المغرب من خلال القنوات الدبلوماسية الرسمية التي تجمعه مع الاتحاد الأوروبي سيعبر عن موقفه من هذا الاستفزاز دون الانجرار إلى ما يريده بوريل من افتعال أزمة بين الطرفين، لكن في نفس الوقت على الاتحاد الأوروبي أن يطرح السؤال على نفسه: هل يريد استمرار شخص مثل جوزيف بوريل في نفس منصبه مع ما يقوم به من تحركات مشبوهة كل هدفها هو ضرب المصالح المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي؟!
وإلى أن يجيب الاتحاد الأوروبي على هذا السؤال، هل يعتبر جوزيف بوريل جبل طارق حدودًا بريطانية أم تابعة للاتحاد الأوروبي، أم أن أجندته الموجهة ضد المغرب تمنعه من النظر نحو جبل طارق وتجعل عينه مركزة على المغرب فقط!؟

الكاتب : نوفل البعمري - بتاريخ : 23/08/2023

التعليقات مغلقة.