مسار المعارضة الاتحادية مسار بلد بأكمله

عبد السلام المساوي

لقاء إدخال تعديل على اسم «الفريق الاشتراكي» بإضافة «المعارضة الاتحادية»، ليصبح الاسم المعتمد «الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية»، لم يكن اعتباطا أو فقط مجرد تعديل، بل هو تعديل مؤسس سياسيا، وله ما يبرره.
– سد الطريق على دعاة التشكيك والتضليل ومحترفي الخلط والالتباس؛
– تذكير الجميع بأن الاتحاد الاشتراكي هو الحزب الذي أسس لثقافة المعارضة في المشهد السياسي ببلادنا، ففي ظل الولايات التشريعية التي كانت تهيمن فيها الأحزاب « الإدارية « كان البرلمان يضم معارضة قوية يقودها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية «فريق المعارضة الاتحادية» مما كان يضمن الكثير من التوازن الدستوري والسياسي، ويجنب البلد الانزياحات خارج الأطر الدستورية المشروعة .
ووفاء وامتثالا للمبادئ السامية والقيم النبيلة التي أسست لميلاد «المعارضة الاتحادية»، وأطرت مسارها السياسي، ورسخت خطها النضالي في مختلف المراحل والمحطات؛ فإن « الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية «، وفي زمن التغول، يمارس معارضة واعية ومسؤولة، على قاعدة نفس المبادئ والقيم التي جعلت من حزب الاتحاد الاشتراكي أنموذجا فذا في الوفاء والالتزام بقضايا الشعب والبلاد، مهما كلفه من تضحيات ونكران الذات…
عبد الرحيم شهيد في تعقيبه على رئيس الحكومة في جلسة 8 ماي 2023، يؤكد «أود أيضا أن أؤكد لكم أننا سنناقش السيادة الغذائية من موقعنا في المعارضة كما نفهمها ونعي جيدا التزاماتها تجاه المصالح العليا للوطن ومصلحة المواطن. فالمعارضة الاتحادية تراكم تاريخي وسياسي ترك بصماته واضحة في المسار الديمقراطي لبلادنا، وسنواصل ممارستها بكل مسؤولية، بعيدا عن الشعبوية والانتهازية واقتناص الفرص. فبقدر رفضنا لكل تبخيس لأدوار المعارضة البرلمانية ضدا على الدستور ولكل الأحكام الجاهزة والموحدة حولها، بقدر مناهضتنا لأي تضليل أو تغليط في المشهد السياسي أو التمثيلي.
إننا نحرص على الوضوح من أجل تعزيز مساحات الفرز بين المبادئ والمواقف، وعدم اللجوء إلى الاصطفافات الشكلية لأن الجوهري بالنسبة إلينا أن يكون الاصطفاف مع مصلحة الوطن، ومع تعزيز الممارسة الديمقراطية التي أكد عليها زعيمنا سي عبد الرحيم بوعبيد حين قال إن الشعب يتعلم الديمقراطية بممارستها، ومن خلال العمل المؤسساتي الذي ساهم فيه فقيدنا سي عبد الواحد الراضي الذي سنحيي ذكراه الأربعينية غدا.
إننا سنظل أوفياء لقناعاتنا، أينما كان موقعنا، في الأغلبية أوفي المعارضة، ولن نقبل أي تشكيك في مواقفنا المبدئية. فكما كان واهما سابقا من اعتقد أننا «سنسخن أكتافه»، فواهم أكثر منه من يعتقد اليوم أننا سنكون رهن إشارته لنكون حلفاءه المستقبليين، لأننا ندرك جيدا أن المشاركة في تدبير الشأن العام مؤطر بالمقتضيات الدستورية وباحترام المؤسسات.»
الاتحاد الاشتراكي قوة سياسية معارضة، قوة دفع تقدمية، يسارية، اجتماعية – ديموقراطية تروم إصلاح وتطوير الأوضاع والمساهمة في رسم خطوط المستقبل، ومناط تحول في المجالات كافة، السياسية والمؤسساتية والاجتماعية والثقافية…
أن الاتحاد الاشتراكي الوفي لتاريخه الوطني، المتشبع بهويته التقدمية، المستند إلى جذوره الاجتماعية – الشعبية، ليشكل في عالم اليوم قوة سياسية معارضة، تنخرط بوعي ومسؤولية في المساهمة في صنع مستقبل البلاد…
إن الاتحاد الاشتراكي أداة إصلاح وتغيير في الحاضر ومناط تطوير وتحديث في المستقبل، وإن قدراته السياسية والفكرية على التكيف والرؤية البعيدة، ومؤهلاته النضالية والميدانية، تجعل منه قوة فاعلة في حاضر البلاد ومستقبلها، كما كان وقود نضال وتغيير في الماضي البعيد والقريب…
إن الاتحاد الاشتراكي كان دائما مالكا للأفق المستقبلي ومن ثم كان يستشرف المستقبل ويفعل في الأحداث، وكان له بعد نظر يجعله يستبق هذه الأحداث ويقود معاركها.
وليعلم الجميع أن للمعارضة حزبا يقودها، هو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مارسها بقوة وتفوق في زمن القمع والجبروت ويمارسها اليوم بنفس القوة والكفاءة في زمن التغول .
ونؤكد للجميع أن الاتحاد الاشتراكي قوة سياسية معارضة، يناضل بوضوح ويعارض بوضوح، وأن التمييز بين قوى المعارضة يتم انطلاقا من توجهاتها الفكرية والإيديولوجية والسياسية لا انطلاقا من لغو الكلام وسفاسف الشعبوية.
الاتحاد الاشتراكي واضح فكريا وسياسيا، يقطع مع الخطاب المزدوج واللعب هنا وهناك كما هو الشأن بالنسبة لأغلبية التغول، فلا يحتاج المحلل السياسي إلى بذل الكثير من الجهد في التحليل، ليخلص إلى أن بيت الأغلبية السياسية ليس على ما يرام رغم تضخم خطاب الانسجام وكل المكياج الذي يوضع على وجه الأغلبية لتزيينها وإظهارها بمظهر الإئتلاف الذي يسوده التوافق والتنسيق الدائمان.

فبعد مرور سنة ونصف السنة على تشكيلها، لا تزال الأغلبية عاجزة عن إنتاج هوية سياسية للمرحلة، بل إن بعض الأحزاب تخاف من ربط اسمها بالحكومة، وتضع ربع بيضها في سلة الحكومة بينما تحتفظ بثلاثة أرباع لوضعها في أي سيناريو محتمل، والمشكلة في الأحزاب المشكلة للحكومة أنها تريد أن تأكل في صمت وتدافع بصمت، وإذا اضطرت للكلام فهي تتحدث لغة الصمت الذي ينسب لها قولا لا فعلا .
إن التحالف المهيمن رغم القوة العددية التي يتوفر عليها بالبرلمان والحكومة والجماعات الترابية والنقابات ترك الفراغ على المستوى السياسي، بل إنه من المستحيل أن تتطابق أحزاب الأغلبية في ما يجري من أحداث والمشاكل المرتبطة بارتفاع الأسعار والسياق الصعب الذي نمر منه، حيث اختلفت أحزاب الأغلبية في ردة فعلها على هذه الأحداث وعبر كل منها عن مواقف منفصلة تصل أحيانا إلى حد التناقض وإحراج الحكومة، مما أثار أسئلة عن أسباب هذا التباين وتأثيره المستقبلي على حالة الانسجام والتوافق داخل الأغلبية الحاكمة .
تذكرنا أحزاب الأغلبية بممارسة حزب المصباح لهوايته المفضلة بازدواجية الخطاب التي ظلت تلازم تدبيره جزءا من السلطة طيلة عقد من الزمن، الذي كان مولعا بالتواجد في كل الأمكنة في نفس الوقت، يريد الزبدة وثمن الزبدة، يعشق ملذات السلطة وصولجان المعارض، وكان دائم البحث عن المبررات التي تسمح له بممارسة الشيء ونقيضه .
تؤكد رسالة الاتحاد – جريدة الاتحاد الاشتراكي عدد 13.428 ( إنها حكومة بدون أغلبية، تؤكد من جديد، محدودية المشروع السياسي الذي اعتمدته لتشكيل الأغلبية، وغياب انسجامها، لكونها مجرد تحالفات عددية، لا يجمع بينها أي برنامج سياسي أو فكري، ودليل على أن النجاعة لا تحسب بالمقاعد ولكن بالقدرة على ابتكار الحلول للقضايا الشائكة، والانتقال بالبلاد نحو الأفضل، وأن ما يقع اليوم، حيث يتم الجَمع بين الهروب إلى الأمام واستغفال المغاربة، والحط من شأن الثوابت المؤسساتية، ومنها الأدوار الدستورية للمعارضة، كل هذا يُشكل مؤشرا على انزلاق خطير، يضع الأسس لتكريس هيمنة تُهدد الديمقراطية والتعددية، وتنذر بتراجعات خطيرة في مسار البناء الديمقراطي ببلادنا، وتهدد مختلف السياسات العمومية المستقبلية، والحال أننا في حاجة اليوم إلى حكومة، تحترم ذكاء المواطنات والمواطنين، وتتفاعل بقوة واستباقية مع متغيرات ومستجدات الوضع العالمي والمحلي) .
تحية للفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية نائبات ونوابا، كفاءات وفعاليات، تحية للرئيس عبد الرحيم شهيد ولكل مكونات إدارة الفريق.
الفريق الاشتراكي بمجلس النواب فريق مناضل، يمارس المعارضة بنقد مسؤول، لا يعارض من أجل المعارضة، بل يعارض من أجل البناء وإسماع صوت المواطنات والمواطنين بكل مسؤولية، وهذا واجبه، وهذه مهمته .
مطمئنون، فالاتحاد الاشتراكي حاضر بقوة في مجلسي البرلمان، النواب والمستشارين، حاضر سياسة وخطابا وتوجيها، قيمة رائدة للبرلمان المغربي.

الكاتب : عبد السلام المساوي - بتاريخ : 13/05/2023

التعليقات مغلقة.